سلسلة مؤشرات على تورط السيسي في الانقلاب التركي يكللها بالصمت

سواليف

لا تزال أحاديث تورط عدد من الدول العربية والأجنبية في محاولة الانقلاب الفاشلة التي قام بها عدد من رجال الجيش التركي ليل 15 يوليو/تموز الجاري، جارية على قدم وساق، وفي حين تسارع حكومات لنفي صلتها بما جرى، وتقوم أخرى بتسليم متورطين في المحاولة للسلطات التركية، يقف النظام المصري صامتاً رغم اتهامه صراحة من قبل البعض بدعم الانقلابيين.

صحيفة “القدس العربي” اللندنية نقلت عن مصدر، أن الموقع الإلكتروني لصحيفة “زمان عربي”، الذراع الإعلامي لفتح الله غولن المتهم رسمياً بتدبير الانقلاب، يعمل من العاصمة المصرية القاهرة، وهو حديث يتزامن مع تصعيد “إعلام غولن” هجومه على الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

وأوضح المصدر أن فريقاً يتكون من صحفيين عرب وأتراك، يديرون الموقع الإلكتروني العربي لصحيفة “زمان” التركية التابعة لـ”غولن”، “يعملون من خلال مقر رسمي لهم في القاهرة وبعلم السلطات المصرية”.

ومطلع مارس/آذار الماضي، قررت محكمة تركية وضع صحيفة “زمان” المعارضة تحت الوصاية القضائية لمراقبة محتواها، حيث تم تعيين إداريين موالين للدولة على رأس المنظومة الأشد معارضة للرئيس أردوغان، وتم اعتقال رئيس المجموعة ومديرها العام آنذاك.

– احتضان أذرع غولن

ولفت المصدر إلى أن فريق عمل الصحيفة التي كانت توزع 850 ألف نسخة في تركيا قبل اتخاذ هذه الإجراءات القانونية بحقها، “بدأ يمارس العمل من القاهرة قبل عدة أشهر، لكن هذا العمل أخذ زخماً أكبر منذ محاولة الانقلاب الأخيرة”.

من هو فتح الله غولن؟

ويبث الموقع المذكور أخباراً وتقارير صحفية تهاجم حزب العدالة والتنمية الحاكم والرئيس أردوغان، بشكل حاد. وبعد فشل المحاولة الانقلابية، نشر الموقع تقارير تتهم الرئيس التركي بتدبير محاولة الانقلاب من أجل القضاء على جماعة فتح الله غولن، وهو الحديث نفسه الذي تبناه الإعلام المصري المؤيد للرئيس عبد الفتاح السيسي.

اللافت أن فرحة الانقلاب التي لم تكتمل، دفعت بعض مقدمي برامج الـ”توك شو”، للتفوه بكلمات تصب كلها في خانة تورط السيسي في انقلاب تركيا، حيث ركز كثير منهم على أمور من قبيل أن مصر لا تنام عن حقها، أو أن المخابرات المصرية تعرف كيف ترد الصاع صاعين، وهو خطاب لا يحتمل تأويلات كثيرة.

– علامات استفهام

لكن الأغرب في مضمار الإعلام الناطق بلسان السيسي، أن صحفاً ورقية، على رأسها صحيفة “الأهرام” الحكومية، حملت نفس العنوان الرئيسي في صدر صفحتها الأولى “الجيش التركي يطيح بأردوغان”.

هذا العنوان الرئيسي يشير إلى أن هذه الصحف “ربما تلقت هذه المعلومة من جهة ما قبل وقوع الانقلاب بساعات أصلًا”؛ فالمعروف أن الطبعة الأولى للصحف المصرية تتم في حدود التاسعة مساء بتوقيت القاهرة (العاشرة بتوقيت أنقرة)، كحد أقصى.

وبحسبة بسيطة نجد أن هذه الصحف التي يفترض أن تكون على أرصفة الباعة في الساعة العاشرة أو العاشرة والنصف على أقصى تقدير، كانت تحمل عنوان انقلاب وقع أساساً في نفس توقيت توزيع هذه الصحف، أي بعد طباعتها أصلاً.

فكيف ومتى ومن الذي أعطى هذه الصحف هذا العنوان الرئيسي؟ سؤال ستجد إجابته بسهولة لو راجعت تسريبات مكتب اللواء عباس كامل، مدير مكتب السيسي، والتي فضحت حقيقة أن الإعلام المصري بمختلف صنوفه يدار من مكتب هذا الرجل، الذي يعد واحداً من أعتى رجال السيسي وأكثرهم اطلاعاً على ما يحاك من أسرار.
وقد يكون هذا العنوان قد تصدر الطبعة الثانية من هذه الصحف، إلا أن حسابات الوقت تثير جملة من التساؤلات في هذا الشأن.

الحديث عن احتمال تورط نظام السيسي في محاولة الانقلاب الفاشلة على أردوغان، يتماهى مع حالة “العداء” بين أنقرة والقاهرة، والتي خلفها انقلاب السيسي على الرئيس محمد مرسي؛ فالرئيس التركي لا يكف عن مهاجمة نظيره المصري، وقد وصفه مؤخراً، خلال حواره مع قناة الجزيرة الإخبارية، بـ”الانقلابي المجرم”.

– تسليح بي كاكا

ورغم أن القاهرة لا تكف عن اتهام أنقرة بالتدخل في شؤونها الداخلية، وتتهمها بإيواء مناصري الرئيس المعزول محمد مرسي، وقنواتهم الفضائية ومواقعهم الإخبارية، فإن تقارير صحفية تركية تكشف أن الأمور لم تقف عند حد الكلام؛ ففي نهاية يونيو/حزيران الماضي، نشرت صحيفة “حرييت” التركية ما قالت إنها معلومات مستقاة من تقرير أعده جهاز المخابرات التركي.

ووفق التقرير، فقد شرعت الحكومة المصرية بلقاءات مع حزب العمال الكردستاني كان أولها في شهر ديسمبر/ كانون الأول الفائت، تبعتها ثلاثة لقاءات خلال الشهور الستة المنصرمة في العاصمة المصرية.

التقرير الاستخباراتي يقول إن حكومة السيسي “أعطت الضوء الأخضر لوحدات حماية الشعب، ذراع حزب العمال الكردستاني في سوريا، لفتح ممثلية له في القاهرة”، مضيفاً أن جهاز الاستخبارات التركي، “توصّل بعد حملة مراقبة مكثفة وطويلة إلى أن علاقات مشتركة تجمع حزب العمال الكردستاني مع نظام السيسي”.

وبحسب الصحيفة التركية، فإن وفداً من حزب العمال الكردستاني في شهر ديسمبر/ كانون الأول 2015 زار القاهرة بعد أن حصل على تأشيرة دخول من خلال القنصلية المصرية في كردستان العراق.

وفي زيارة ثانية اجتمع الوفد مع شخصيات رفيعة المستوى في المخابرات المصرية، لتعبر القاهرة في هذا الاجتماع ولأول مرة عن رغبتها بتقديم المساعدة لحزب العمال الكردستاني، المصنف إرهابياً في أنقرة وبروكسل وواشنطن.

وكان آخر اللقاءات التي جمعت حزب العمال الكردستاني مع القاهرة في أبريل/ نيسان من هذا العام، حيث شاركت في هذا الاجتماع 7 شخصيات كردية، على رأسها مصطفى قراسو، عضو اللجنة التنفيذية في اتحاد الأحزاب الكردية (KCK). وبعد هذا الاجتماع قدمت مصر الدعم المادي والسلاح لحزب العمال الكردستاني، كما تقول الصحيفة.

ومؤخراً دعا أحمد المسلماني، المستشار الإعلامي للرئيس السابق عدلي منصور، إلى منح فتح الله غولن، حق اللجوء السياسي في مصر، نكاية بأنقرة المتمسكة باستعادته من واشنطن.

وإذا وضعنا كل ما سبق إلى جانب صمت مصر الرسمي إزاء محاولة الانقلاب، وسعيها لعرقلة صدور إدانة للانقلاب من مجلس الأمن، ثم أضفنا إلى ذلك زيارة وزير خارجيتها سامح شكري لتل أبيب قبل أيام من الانقلاب، فسنجد أننا بصدد مشهد سياسي يصعب تجاهله.

الخليج اونلاين

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى