#سلحفاء #النحو #العربي / #يوسف #غيشان
قبل أربعة عقود تقريبا تابعت في الصحف جدالا بين علمين كبيرين من أعلام اللغة العربية، كان أحدهما العلامة روكس بن زائد العزيزي والآخر القاص العلامة عيسى الناعوري. لا اذكر موضوع الحوار بالضبط، لكني أذكر أن كل واحد منهما كان يحرص في كل رد له على الآخر على إبراز الأخطاء النحوية التي وقع فيها هذا الآخر، فيجيبه الآخر العلاّمة بالعديد من الأخطاء اللغوية التي وقع فيها غريمه.
كانت الأخطاء غريبة علينا، خصوصا وأن كل منهما كان يحرص أن يضع أمثالا وأقوالا وأشعار من بطون كتب اللغة واللغويين الأوائل تثبت تهافت صاحبه.ويرد عليه العلامة الآخر التحية بأحسن منها.
وقد طالت تلك المجادلة لأشهر، حتى فقد الناس الإهتمام بها، وأغلقت الصحف باب الإجتهاد. وكنت آنذاك في بداية عهدي بالكتابة ، ولم يدرك هؤلاء الكبار كم تركوا في قلوبنا، نحن الشباب، آنذاك من ثلوم لم يشفها الدهر حتى الان.
أنا شخصيا، أصبت بإحباط شديد، وتوقفت عن محاولات التعمق في اللغة والنحو، لأني فهمت من الموضوع بأنني سوف أقترف الأخطاء اللغوية مهما حاولت تجنبها، فمزقت كتاب النحو المدرسي، ولم أعد إليه حتى الآن، لكني ثابرت على القراءة والمطالعة في كل صنوف الأدب والعلم والتاريخ وكل ما أستطيع الحصول عليه من كتب.
أتذكر ازمة الثقة تلك، وما تركته من جروح في روحي، لأدعو الى ثورة في مجال اللغة، وفي النحو تحديدا، فمن غير المعقول في عصر الإنترنت والسرعة والحركة الدائمة في كل شئ أن نبقي على سلحفاء النحو العربي الذي يلوك الكلمات ويضع الحواجز ومصائد المغفلين في كل مكان، بحيث يصعب قراءة جملة واحدة وتشكيلها بدون أخطاء جسيمة نقترفها دون أن ندري.
نحتاج الى ورشة لغة عملاقة على طول الوطن العربي يشارك فيها الجميع من أجل تخليص اللغة العربية من ركام القرون، وابتكار نحو جديد بسيط يتناسب مع طبيعة العصر، يجعلنا أكثر ثقة بلغتنا وأكثر ثقة بأنفسنا وبقدرتنا على النطق السليم والتعبير عما يجول بخواطرنا بدون تطعيم ذلك بمصطلحات أجنبية مزخرفة.
أنا لا أطالب بالتغيير من أجلي طبعا، لكني اطالب بذلك من أجل الأجيال القادمة التي ظلمناها في كل شيء.