سقوط المواقف بالتقادم / د.كمال الزغول

سقوط المواقف بالتقادم : عدم وعي وادراك للخطر .
قضيتنا اصبحت “مزاودة” وليست مواقف صلبة كمن يحب الاغنية الفلانية او يكرهها لكن لن يفعل شيئا ان لم يسمعها، فقضايانا اصبحت مادة اختيارية في جامعة او حلقة نقاشية على الفضائيات وقد تصبح تلفون خلوي يستبدل عندما يتقادم به الوقت، في الجامعات مثلا قضيتنا هي جيوعشائرية وفي المدن قضيتنا هي جيورياضية وفي الارياف قضيتنا تقاسمات جيوبرلمانية ، فلقد استخدمت وسائل العولمة كمرآة لتصغير الاهداف من خلال الانبعاث الحراري العقلي من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، فأصبح لكل فرد هدف مصغر يتنافر مع الاهداف الجمعية للمجتمع ،والمستفيد الوحيد من تلك التجمعات المتشابكة هي القوة الفعلية التي تعمل على الارض بعيدا عن الكيبل والشبكات من خلال المصانع وشبكات سكة الحديد وربط شمال الجغرافيا بجنوبها ،ومن خلال ربط البحار بمدمرات حربية تتحكم بجغرافيا العالم مسيطرة على جميع موارده الطبيعية بطريقة سلمية او حربية سواء من خلال المعاهدات الرسمية التجارية التي تنبعث من قاعدة ارضية وبحرية قوية او من خلال القوة العسكرية.
في دول العالم الثالث القضايا المصغرة تغلب على القضايا الاقليمية وتحجمها ، فالخلافات الصغيرة تستهلك اقتصاد الدول وتحتاج عدة مؤتمرات وتشاورات يتخللها انفاق اقتصادي كبير لحلها، ناهيك عن التوقعات الخاطئة لدى الدول التي تجهل من هم اعداؤها ، فتارة التوقع الخاطيء للعداوة ينتج محور سلبي يستهلك الاقتصاد والعباد .
وبالرجوع الى “تلف” القضية الرئيسية لدى الدول المغرر بها سواء كانت دولة صغيرة او كبيرة بحجمها ، تصبح هذه الدول في مزاد علني بسبب قضاياها “التالفة” والتي ليست لها قيمة ولا تُسهم في تقدمها بل على العكس هذه القضايا التالفة تسهم في تدميرها بسبب عدم جوهريتها ووعي صناع القرار في تلك الدول .
وفي النهاية عدم تقدم الدول هو بسبب رجعية قضاياها “التالفة” وتمسكها بالخلافات الداخلية المصغرة وعدم خروجها من فضاء المزاودات على القضايا الرئيسية، وعدم معرفة المؤثرات الخارجية على تقدمها، في الحقيقة الدول التائهة الآن هي تشاهد مسلسل تاريخي لها رسمه لها صانع شبكة الانترنت المختصة بالسياسة التخويفية و الذي اهداها كم هائل من القضايا “التالفة” على حساب قضيتها الرئيسية ومشروعها التقدمي والوطني، فأي مشروع وطني لا يحمل مشروع حماية خارجي بناء على تكاتف مجتمعي واتفاق على قضيته الرئيسية يتلف قضاياه ويصبح عرضة للتقسيم وينتابه التيه بين القضايا الصغيرة والمؤثرات الخارجية، ولذلك اصبح هناك صعود للقضايا “التالفة” الداخلية وسقوط للمواقف الصلبة بالتقادم وهذا بالتأكيد سببه جهل معرفي وعدم وعي بالخطر القادم.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى