سعيدان عندي والباقي بالصندوق / رامي علاونة

سعيدان عندي والباقي بالصندوق
وصل ختيارية القرية و “زْقْومها” أبو
فليّح و أبو مهاوش الى الفناء الخارجي لبيت المختار بعد ان تلقَّى كل منهما دعوة خاصة منه لمرافقته في زيارة لمختار القرية المجاورة. وقف ابو مهاوش و أبو
فليّح بجانب “بِكَمْ” المختار (النيسان السماوي ذي الكبينة الواحدة) بانتظار المختار لحين انتهاءه من ارتداء المزنزوك وتجهيز نفسه. في هذه الأثناء وصل عصمت و نزار وهما شابان نشيطان في القرية من النوع الذي يعمل بشكل دؤوب ليكون له بكل “عرس قرص”. سلّم الشابان على ابي مهاوش و ابي فليّح، الذين اعتقدا انهما -أي عصمت ونزار- “مَرّاقين طريق”.
عصمت: شو، مطَوّل المختار؟
(نظر ابو مهاوش الى ابي فليّح نظرة استغراب ولم يجب اي منهما)
نزار: يا جماعة هيك بنتأخر عالمعازيب!
بدأ ابو مهاوش و ابو فليّح بالتبرُّم، إذ انهما اعتقدا ان المختار لم يدْعُ احدا غيرهما لمرافقته، خاصة ان “بِكَمْ” المختار لا يتسع سوى لراكبين بجانبه.
أثناء انتظار الجميع تداعى الى اسماعهم صوت قادم من “الزاروبة” المجاورة لبيت المختار…صوت يدندن “يا حلاوة الدنيا يا حلاوه، يا حلولو، يا حلااااوه”. سادت لحظة من الصمت، فالصوت مألوف لهم جميعا، وما هي إلّا ثوان معدودة حتى بدا لهم “سعيدان”… ذلك الشاب “الممصوع” بنظاراته ال “راي بان” و بطلونه ال “الجينز” الكاحت من الخلف و سنساله الذهبي. اكفَهَّر وجها ابي مهاوش و ابي فليّح و استعاذا من الشيطان الرجيم، فكلاهما لا يطيق صورة وجه و لا حتى “طاري” سيعدان (ابو الهيلمان- كما يطلقان عليه) الذي حظي بمعَزَّة خاصة من المختار على الرغم من كثرة البلبلة حوله في القرية، إذ يعتقد الكثير من اهل القرية انه وراء سرقة جاجات ام حسين و بقرة أبو السعيد، و يذهب بعضهم الى انه كان السبب في توريط اهل القرية جميعهم في مشروع “المسامِك” الخاسر قبل عدة سنوات عندما حوَّل اهل القرية معظم اراضيهم الزراعية الى برك مائية لتربية الأسماك بعدما اقنعهم سيعدان بجدوى المشروع و عمل لهم “من البحر طحينة”.
وقف سيعدان بجانب عصمت و نزار، اذ انه تربطه علاقة جيدة بهما، و سأل عن المختار. اجابه عصمت ان الجميع بانتظار انتهاء مراسم “الطَقْمَشِة”.
سعيدان: يا جماعة المختار تأخر علينا!
(ايقن الجميع ان سيعدان ابو الهيلمان “رايح معاهم”)
نزار: دُق عالباب استعجله… ما حدا فينا بستجري يعملها.
سعيدان (وهو يطرق بشدة على باب الدار): استعجل يا مختار! الشمس طبخت روسنا! تأخرنا عالجماعة!
عندها خرج المختار بطلَّته البهيّة بعد أن ارتدى حطَّته البيضاء و مزنوكه الكاكي الذي تفوح منه رائحة الكولونيا “فريسكال”.
سيعدان: ينعن عمري! والله هيبة! علَّيْ الجيرة لو ألُفّْ قرايا الدنيا كلها ما بلاقي مختار قيافة مثلك!
المختار (و هو يفتح باب البِكَمْ و يُشغِّل المحرك): يجازي بلايشك يا سعيدان ما اقدرك عالحكي!
اطلعوا يا جماعة، توكلنا على الله!
(لم يتحرك احد، فالعدد اكبر من أن تتسعه كبينة البِكَمْ)
المختار: بشو بتستنّوا يا حريقين الحُرسي؟ بقول اطلعوا!
(هنا تجرَّأ) ابو مهاوش: وين نطلع يا جناب المختار؟ ما انته شايفنا خمسة والبِكَمْ ما بسعناش! ليش ناديتنا الخمسة؟
المختار: سعيدان تعال عندي، و الباقي بالصندوق

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى