سرير الحروف..

سرير الحروف..

#خاص_سواليف

مقال الأحد .. 24 / 8 / 2025

#أحمد_حسن_الزعبي

مقالات ذات صلة

قد تنسى أسماء أناس عبروا يوماً في ذاكرتك ، قد تنسى ملامح بعض من شاركوك رحلة سفر ، قد تنسى زملاء جمعتك بهم الوظيفة الأولى ، قد تنسى رقمك الجامعي ، وهاتف بيتكم الأرضي القديم..لكنك لا تنسى #اليوم_الدراسي_الأول..ولا تنسى شكل ولون #الحقيبة التي امتشقتها على ظهرك وغادرت البيت لأول مرّة في مهمّة رسمية الى #المدرسة

حقيبتي في الصف الأول ابتدائي ، كانت عسلية اللون مرسوم عليها ديك- ربما تعلّمت منه الصياح في وقت مبكر  قبل أن أتعلّم #الأبجدية نفسها –  فيها “برّاية شفّاطة” ،وقلم “مبوّز مش فعّيط” ، “و #محاية بتشحبر” لونها أخضر ما زلت أذكرها الى الآن و #مسطرة_خشب .

 وانا في المقعد الأول.. تأملت ما بين يدي لأكتشف أن هذه العدّة ..تشبه عدّة  النجّار ، ففهمت أن #اللغة مهارة ..وأن هذه #الحروف المتناثرة في كراسة “الخط” مثل الأخشاب المتناثرة في المنجرة ، تعلّمها بقلم الرصاص، تمحو الخط الأعوج ، تقصّ ما يناسبك ، فعلامات الترقيم مسامير مختلفة الاطوال والوظائف ..

في اللغة و  في النجارة تعلّمت أنه حتى يستقر الكرسي يجب ان تتساوى أرجله ، ولا تستقيم طاولة حوار برجلين اثنتين او بأرجل متفاوتة الطول وأن شباك الخشب مهما كان جميلاً لا يغري #العصافير على التغريد فوقه أو يستدعي زيارة #الغيوم_العالية…تعلّمت الكثير الكثير ..يوووه هناك تشابه كبير بينهما..

عندما أضع عدة الكتابة او النجارة لا فرق في حقيبتي ، أدركت أن حقيبتي #سرير_الحروف ،و #حارسة_الأرقام ، وكاتمة أسرار اخفاقاتي ، والكتابة خارج السطور ، تختزل بقماشها ضجيج الصف ،و #غبار_الطبشور، وضحكات الأولاد، ووشايتهم ،وصوت جرس الترويحة ..الحقيبة صديقة وفية ، تذهب معك حيث تذهب وتعود معك حيث تعود..حاملة ومحمولة…

اليوم..في الشوارع، في الأزقة ،في الحواري، أشاهد #الطلاب الصغار والطالبات النشيطات ، يمضون الى مدارسهم..وعلى ظهورهم حقائب مختلفة ملوّنة، تحتل واجهاتها شخصيات  كرتونية محبّبة اليهم ..في كل  حقيبة حكاية ،وفي كل  حقيبة خبايا ،وفي كل حقيبة سر،   وفي كل حقيبة دموع ، وفي كل حقيبة أحلام ، وفي كل حقيبة هموم صغيرة ، وفي كل حقيبة نجوم من حبر ، وتقريع من حبرِ أيضاَ..آخر الليل تنام الحقائب خلف الباب صامتة ، لا تتذمّر من التعب ،لا  تفشي سراً ولا تبوح بموقف…الحقيبة أكثر وفاء منّا، فهي  تقدّر  من حملها على اكتافه عندما كانت مجرّد “كيس قماش”..

Ahmed.h.alzoubi@hotmail.com    

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى