سحبة بوالين
رائد عبدالرحمن حجازي
كحال أي ولد وخصوصاً في العُطل الصيفية كنت أبحث عن #مشاريع تدر ربحاً مادياً زيادة على مصروفي اليومي ، ولا أنسى بعض الصدامات مع رحمة والدي حيث كان يعارض مثل هذه المشاريع وذلك لأسباب ذكرت بعضها في إحدى الكتابات تحت عنوان (أيمع حليب) . ومن هذه المشاريع كانت منتشرة #سحبة #البالونات والتي كنت أُدير هذه التجارة الرابحة بالسر عن رحمة الوالد ، فسحبة البالونات كان فيها ثمانون بالوناً وكنا نشتريها من سوق البخارية بربع دينار ونبيع النمرة بقرش ولكم أن تتخيلوا نسبة الأرباح !
#السحبة كانت فيها بالونات مختلفة الأحجام ففي غالبيتها كانت البالونات من الحجم الصغير باستثناء القلة القليلة والتي كانت مطمع كل من يريد أن يشتري نمرة ليفوز بالبالون الكبير ، فنمرة عشرة مثلاً كان أكبرها على الإطلاق ويتبعه بضعة بالونات ولكنها أقل حجماً ولتكتمل روعة المشهد كانت بعض الرسومات على تلك البالونات تفتح شهية الأولاد للتسابق وشراء النُمر ، ومن هذه الرسومات ما كانت لسوبرمان أو جيمس بوند أو ميكي ماوس الخ….
وكما هو الحال في أي #تجارة هناك الحلال والحرام أما الحرام في بيع هذه البالونات فقد كانت تتمثل بقيام بعض الباعة بإخراج نمرة عشرة من كرت السحب بالاستعانة بضوء فانوس أو شمعة في غرفة مظلمة وذلك ليبقى أكبر البالونات مصدراً لتهافت الأولاد على الشراء لأنه في حال خروج هذا #البالون من السحبة مبكراً كان يعني ذلك إنتهاء عملية البيع مما يستدعي من صاحب السحبة اللجوء للتدليل على البالونات المتبقية ليبيعها بعرض مغري للأولاد كأن يبيع الخمس بالونات بقرش أو تعريفة وذلك للوصول إلى رأس المال أو قليلاً من الربح .
في أحدالأيام راودتني نفسي بإخراج نمرة عشرة من السحبة ليتسنى لي تحقيق أكبر كم من الربح وهذا ما كان ، لكن حدث ما لم أتوقعه فقد استوقفني صاحب محل تجاري وربما منظر السحبة التي كانت معي هي ما لفتت نظره فقد كانت تحتوي على بضعة بالونات جميعها صغيرة وكان بالون رقم عشرة هو البالون الكبير والوحيد يعني إن غابت عنكوا فساد واضح وعيني عينك ، فقال لي يومها وربما كان هدفه تلقيني درساً بمكافحة الفساد الذي اقترفته يداي حيث قال لي : بدي أشتري منك كل النُمر اللي ظلن معك وإذا رقم عشرة ما طلعش بيناتهن بدي أشتكي عليك للشرطة . وهنا كان الرد من قِبلي وسريعاً فاجبته قائلاً : وأنا شو دخلني مش يمكن المصنع ناسي يطبع نمرة عشرة بكرت السحب .