سؤال البنية التحتية
رغم مديونيتنا الضخمة، وبيع اصولنا المحلية خلال العقدين الماضيين، ناهيك عن حجم المنح التي تدفقت لبلادنا، الا اننا فشلنا في تجديد بنيتنا التحتية، التي ما زالت تعيش على اطلال انجازات السبعينات.
الشتوة الاخيرة، كشفت حقائق مؤلمة، منها سوء ادارة بنيتنا التحتية، فهناك اهمال وتقصير وسوء استعداد في التعامل مع الممكن والامكانات.
نعم يجب ان يحاسب المهمل، ويجب ان نطرح سؤال الكفاءة التي غاب عن الادارة الاردنية في السنوات الاخيرة، فلا يعقل ان تغرق عمان من اقصاها الى اقصاها، ونكتفي بالقول انه مطر مختلف.
هناك ترهل في الاداء، غياب للضمير، تكاسل بدأ يصيب همة الادارة الاردنية، والاصعب غياب الاحساس بالمشكلة، ناهيك عن غياب القدوة والنموذج.
ليست كل المشكلة في الادارة، وانا لست مع نظرية العامل الواحد المتسبب بالازمة، فهناك عوامل اخرى وازنة يجب متابعتها ومعرفة حجم تأثيرها في «كارثة الشتوة الاخيرة».
من ذلك ترهل البنية التحتية، وانا لا ازعم اننا لا نملك بنية تحتية معقولة، لكنها، للاسف تتهالك بفعل الزمن والاستخدام دون ادنى رغبة بتجديدها والصرف عليها.
هناك موقف يقوم على ادارة الظهر لها، فرغم الاستنزاف الناجم عن الضغط الكبير على بنيتنا التحتية، الا ان ثمة غيابا ذهنيا عن التفكير بذلك.
تخيلوا معي ان امانة عمان مهتمة اكثر بالتعيينات الاسترضائية، وتحولت الى مكان لتوظيف المحاسيب، وتعيش ازدحاما في الموظفين، كل ذلك على حساب اي تفكير في التخطيط الحضري واعادة تأهيل المدينة.
البنية التحتية المترهلة ليست قاصرة فقط على الشوارع وقنوات تصريف المياه، بل هناك امانة كاملة ببنيتها تترهل وتعيش عجزا عاما يحتاج الى مراجعة.
وحتى نكون منصفين، ومنسجمين مع نظرية تعدد عوامل الكارثة، حجم الانهمار المطري كان كبيرا، وقد يفوق قدراتنا في بعض المواقع، الا ان الانكشاف كان عاما، مما يجعله حجة متواضعة امام العوامل الاخرى.
«كارثة الامطار الاخيرة» تحتاج الى مراجعة بعقل بارد بعيدا عن التسييس واصطياد الجوائز، فالبنية التحتية ليست لعبة حتى تهمل، بل هي حياة الناس ومستقبلهم، لذا علينا ان نضع خطة قبل فوات «ما بعد الأوان».