سأقتصد في حواسي…كيف..؟
ا.د #حسين_محادين*
(1)
كثيرا ما يسعى #المخططون #الاقتصاديون الى نُصحنا افرادا ودول بضرورة #الاقتصاد في الانفاق المالي كي تكون ميزانياتنا متوازنة، اي ان تتساوى مداخيلنا اليومية، أو الاسبوعية او حتى الشهرية والسنوية مع حجم إنفاقنا كي لا نضطر للإستدانة فيحدث منطقيا وواقعيا الاختلال بين كفتي الدخل و #الانفاق؛ وهنا تكمن الحكمة والعائد الايجابي الكبير من تنظيم الميزانية المالية وفوائد ادارتها بتوازِ من قِبل كل منا.
(2)
لعل السؤال المطلوب التفكر به هنا …ماذا وكيف، لو اقتصدت بوعي في استخدامي لحواسي الخمس او الست كفرد..؟ خصوصا وانني مثل اخرين كُثر؛
أحتفظ في ذاكرتي بالكثير من اسماء الشيوخ والفرسان والكرماء
والقصص الشخصية والشعبية والمناطقية المُرة مع مراحل وطقوس الزراعة والرِي ومواسم القِطاف التي اشترك في معرفة روايتها مع كثيرين من ابناء جيلي رجالا ونساء مثل :-
خبرات الطفولة المؤلمة مع محدودية الطعام بانواعه، علاقة الفقر والشتاء ، ندرة اعداد المتعلمين في قرانا، المعلمون العرب من غير الاردنيين الذين عملوا في المدارس الاردنية، دلف بيوتنا الطينية ونحيب المزاريب عند انقطاع المطر في شتاء قرانا الاردنية الغافية في الذكرى والذاكرة الجمعية للاردنيين ..فلماذا توقظ اوجاعنا في تلك الماضيات، لذا ماذا لو انا حاولت شطبها من ذاكرتي وبالتالي عدم التحدث بهذه القصص ياحسين ، هل سأحرر مساحات جيدة من ذاكرة حواسي التي تعاني ثقلا متناميا من معلومات لم تعد صالحة للاستعمال اليومي واتستعيض عنها بغرس ذاكرتي بلمح من بهجة وسهولة الحياة المعاصرة.. وبمضامين نجاحات اكثر خدمة للانسانية من تلك الاجترارات لعناوين معاناتي ، وسأطلق بعدها تساؤلا أخر بداخلي..هل سيُصاب الاخرون مثلاً بفقر ثقافي ومعرفي إذا لم يسمعوا او يعرفوا مثل تلك القصص/المعاناة الماضية التي لم تعد مؤثرة في حياتنا الراهنة في ظل ثورات العلم والاقتصاد المتوالدة بسرعة التي نعيشها الان باتجاه المستقبل و كذا الحال مع حروب التكنولوجيا والمختبرات الذرية وسطوة التفاعل اللحظي اصواتا وصورا ملوّنة بحرية مطلقة مع من نحب في هذا الكون”الارض والفضاء” اثناء سهراتنا الوجاهية منها او عبر تواصلنا عن بُعد عبر ادوات التواصل الاجتماعي الآسرة لشجرة حواسنا.
-ماذا، لو قمت بشطب عدد كبير من الاسماء والصور التي حفضتها بالصدفة او انتهت فرص تواصلي معهم لانها تُثقل ذاكرة هاتفي الخلوي؛ لا تصبح ذاكرة هاتفي أكثر رشاقة وسرعة في استدعاء وحفظ الجديد من المعلومات والصور التي تهمني الان..؟
اخيرا..
لو اقتصدت ورشقت في استعمالات حواسي الخمس او الست لحظياً ويوميا في العديد من الموضوعات الاجتماعية ؛ هل اكون أكثر ارتياحا وسعادة في حياتي كأنسان ربما..خصوصا وان الكثير من الموضوعات والمناسبات التي اعتقد خاطئا ان رأيي او حضوري الشخصي فيها اساس، يمكن ان تتم- ان اقتنعت بوعي- دون حضوري او حتى حديثي الشخصي فيها وعنها لارتباطها بالأصل في قضايا لست طرفا اساسيا فيها…هذه محاولة للتفكر ياحسين.
*قسم علم الاجتماع -جامعة مؤتة.