نشرت على مدى اربعة عشر عاما مئات المقالات الناقده والهادفة في الصحف اليومية ،الراي والدستور والعرب اليوم والانباط . بالاضافة للوكالات الاخبارية الوطنية الكبرى ،وكانت موضع اهتمام وقبول . لكن يبدو انها بدأت منذ بضعة اشهر تثير حفيظة البعض وغضبهم… يظنون لوحدهم ان الامور ميه الميه ولا مجال فيها للنقد .لا يريدون النقد الهادف البناء ونحن متهمون.. وبحكم الادمان على الكتابة وتعاطي النشر تقرر تغيير الاتجاه مؤقتا نحو النص الادبي لحتى يفرجها الله…كرسيهم زائل ..جمعه مشمشية ،وقلمي منتصب ثابت بخط الحقيقة وبيانها للناس.
لا ازوره في العادة ولا يزورني رغم صله القربى بيننا ،ولا نلتقي معا الا في المناسبات وغالبا مناسبات الترح ..في المقابر وبيوت التعزيه وقليلا ما نلتقي في صالات الافراح وبالكاد استدل على بيته .
بالمختصر نمسك بشعره واحده من العلاقة وبالحد الادنى من التواصل دون خلاف او كراهية بلا ادنى شك. بيد أني تحاملت على نفسي وزرته بالامس بدافع المرض، لكن سرعان ما ندمت رغم كل مظاهر الحفاوة وحسن الاستقبال والتكريم، لأن كل هذا الاحتفاء كان مشوبا بخبث شديد .
رحب وكرر الترحيب وبدوري بادرته بالاعتذار لتأخري في زيارته لأني لم اكن اعلم بالوعكة الصحية التي تعرض لها إلا بالامس حين اخبرني شقيقه اثناء عملية دفن قريب.
ابتسم ولم يرد.. ثم اردفت ..اخبرني اخاك بتفاصيل معاناتك من المرض. . بقي ساكتا ولم يعقب ..قلت ..لكنه طمأنني بشفائك والحمد لله.. لكن الرجل اكتفى بابتسامة كريهه .وقال ماذا تحب ان تشرب.. قلت قهوه .وماء، لو سمحت.. نادى الولد وامره بالقهوة والماء.
بدأت ارتبك ونفسي تضيق.. وقلت ما بال الرجل. لماذا يتعامل معي هكذا .
كان يبدو نشطا ،سليما معافى رغم انه بلغ من العمر عتيا .وكان قد تعرض لحالة عابره من المرض وهذا كل ما في الامر.
ارتشفت فنجان القهوه ودلقت كأس الماء في جوفي مباشرة واستأذنه بالمغادره ورفض باصرار الا بعد تناول طعام الغداء. واعتذرت بشدة ،وطال الجدل بيننا وتوصلنا في النهاية الى فاكهة وشاي كحل وسط . وعدت للجلوس، لكن الرجل لا زال يكرر الابتسامة الخبيثة ويفقدني توازني .لقد تفقدت نفسي جيدا ..هندامي بالتحديد .القيت على نفسي نظرة شمولية خاطفة. انيق كعادتي، ارتدي قميص فاخر وربطة عنق وبنطال من النوع الثمين. ولم اكن يوما عرضة لأي نقد في هذا الجانب بالذات.وعند اشتداد حالة الهلع طلبت دخول الحمام لعلي اجد فيها مرآه لاحدق في معالم وجهي جيدا.. وجدتني طبيعيا كما انا دون ادنى تغيير .
واستأنف مضيفي الخبث وزاد في ذلك، وزاد تعجبي…ونسيت الفاكهة الموضوعة امامي والشاي .
توترت.. هممت بالمغادرة المفاجأة هذه المرة بلا استإذان …ابتسم ابتسامة عريضة واكثر قبحا ،..وقال اشرب شاي ،اهلا وسهلا..يا مرحبا ..انا ذلك الذي التقيته بالامس في المقبرة . أما بيت اخي الذي اخبرتك عن مرضه والذي جئت لزيارته فهو ذلك الذي بجوار بيتي ..عندها تعرقت وشعرت بالحرج الشديد ،وغارت نادما على هذه الزيارة السيئة للغاية.. .لكن فاتني القول انهما توأم متشابهان.