زمن الكورونا (1/2)

زمن الكورونا (1/2)
د. هاشم غرايبه

أذكر أنني ومنذ بداية قصة الكورونا، أعربت عن شكوكي في كون الجائحة ستهلك البشر أكثر مما يهلك منهم بشكل دائم بوسائل أخرى، وفعلا تبين في الإحصاءات أنه خلال الشهور الثلاث الماضية، كان ترتيب الكورونا تاسعا في الأسباب المؤدية للوفاة، لذلك فإن ما يتم تصويرها به بتلك الدرجة من الخطورة، ليس حرصا على حياة البشرية، بل لتنفيذ مآرب وتحقيق استثمارات.
لكنني لم أبين كثيرا من مبررات التشكك، لأنني لا أسعى لأن يستهين الناس بالوباء، فلا يأخذوا بالإحتياطات اللازمة..والتي هي الوسيلة الوحيدة في مقاومة الوباءات.
من حسن حظ الأنظمة السياسية في العالم، ان الدهمائية تمثل السواد الأعظم من البشر، وأن الذين لا ينخدعون بسهولة هم قلة قليلة، فأكثر من 90 % من البشر المعاصرين يبنون قناعاتهم ومن ثم مواقفهم بناء على تأثير وسائل الإعلام، وتنجح الحملات المنظمة عادة في سوق هؤلاء خلف الفكرة الكامنة وراء الضخ الإعلامي الموجه.
ومن حسن حظ الأنظمة الصحية، أن من يعلمون بقدرات الطب الحقيقية المحدودة، ولا يتأثرون بالدعايات الطبية الترويجية، هم قليلون، فأغلب الناس يطمئنون الى أن وصولهم المستشفى يعني أنه لا خوف عليهم، ويعتقدون أن الطب قد بات متطورا ولديه علاج لكل شيء.
هاتان الجهتان: الإدارات السياسية والإدارات الصحية، هم فقط من يعرفون الحقيقة، وأن ما يمكن القيام به لمقاومة الفيروسات معدوم تقريبا، لذلك فنزول الدبابات الى الشوارع، وحملات البلديات في الرش والتعقيم، هي تظاهرة إعلامية تتوافق مع شحن الجو الشعبي بأن هنالك حربا دائرة، لكنها في الواقع لا قيمة لها إلا في تطمين الناس أن الدولة مهتمة بالأمر.
القليلون الذين يعرفون ذلك يعلمون أن الإعتماد في مقاومة الفيروس هو بنسبة 100 % على الطبيب الداخلي الذي أودعه الله في داخل كل مخلوق، والذي يعمل مجانا ومن غير إعلام ولا ضجيج، 24 ساعة في اليوم وطوال العمر بلا استراحة أو إجازة، فعند دخول جسم غريب أيا كان الى جسم الإنسان يستنفر الجهاز المناعي، ويبدأ عمله بإرسال قواته الضاربة الى الموقع، وتبقى في قتال محتدم، يحس الجسم بوطيسه من خلال أعراض الألم والحرارة وانتفاخ المنطقة واحمرارها بفعل كمية الدم المحتشدة في المنطقة، ولا تهدأ هذه القوات ولا تعود الى ثكناتها قبل أن تقضي تماما على الدخيل، أو الموت دونه.
ومن ناحية أخرى فإن هناك في الأحوال العادية رقابة دائمة لكل جزء من الجسم، وضبط لأداء الوظائف العامة على أكمل وجه، من خلال مختبر للتحاليل (لا أحد الى اليوم يعلم طبيعته ولا مكانه في الجسم)، يجري فحصا لمكونات الدم، ولطبيعته الفيزيائية، ولتركيبته الكيميائية، كلما دار الدم دورة في الجسم أي كل أقل من ثانية فيقدم تقريره الى المركز المعني بالخلل، الذي يقوم فورا بتصحيح الوضع.
طبعا لا يختلف الأمر عند الجسم إن كان الدخيل بكتريا لها مضادات حيوية، أو فيروس خبيث متخفي بزي خلية طبيعية، إلا في كون أغلب أنواع البكتريا قد وجد لها الطب مضادا حيويا يساعد المقاومة، لكنه ليس بديلا لها، لا دور له من دونها.
إذاً ماهو دور الطب (الجيش الأبيض) في هذه الجائحة؟.
إنه ينحصر واقعيا في إراحة المريض من المعاناة جراء هذه المعركة الدائرة في جسمه، في التخفيف عنه من أعراضها: تخفيض الحرارة وتسكين الصداع والتزويد بالأكسجين، والتسرية عنه الى حين انجلاء المعركة، والتي في 90 % من الحالات انتصار المقاومة.
منطقياً، لو احتسب انتقال الوباء بالمعادلات الحسابية المحضة، ومع كل الجهود في العزل، سيكون التفشي في تصاعد مستمر، لكنه دائما وفعليا، وفي كل الحالات عبر التاريخ ينحسر، فهل ذلك بسبب نجاح السلطات في محاربته؟.
بحسب الوقائع، نتبين أن كل الإجراءات كانت قليلة الجدوى، ولم يمكن منع إصابة أكثر المناطق تحصينا، ورغم أن كثيراً من الحالات تفسر على أنها انتقلت بالمخالطة، وأن مصدرها الصين، إلا أن هذا ظن وتبرير..وإلا كيف قطع الفيروس المسافات الهائلة الى كل منطقة في العالم، ومن هو الناقل الأول في منطقة!؟. كما أن قصة حاملة الطائرات التي وصلها الوباء رغم عدم تبدل قاطنيها محيرة، لذلك فالقضية لا زالت غامضة.
هكذا قاربت قصة الكورونا على الإنتهاء من غير تفسير منطقي، مثلها مثل قضية الحرب على الإرهاب.
هنالك الكثير من الحديث حول الموضوع، وأكمله في مقال الغد بإذن الله.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى