زمن الحيرة / عارف عواد الهلال

زمن الحيرة

عندما يسطو الشك على اليقين، تزداد حيرة الأنفس وهي تستجدي جادة الصواب فلا تصيب، ويظل المرء يراوح بين التصديق والتكذيب في أخص أمور نفسه، يبحث عن الخلل في ذاته، وعندما تعييه النتيجة لا يشك لطرفة عين أن الأخطاء التي تتزاحم في تلافيف عقله ما هي إلا واقعة عليه من غيره، ولا خطيئة له بأدناها أذى، فيقع صريع الظن السيء، ولا يستطيع التخلص من مساوئه.
هكذا تتوالى الهواجس مع توالي الحكومات التي لا تألو جهدا في زيادة الضنك على الناس، وتضييق الفسح أمامهم، والاجتهاد ما استطاعت إلى ذلك سبيلا لجعلهم في أضيق الزوايا، والحجة الدامغة لتبرير الأفعال في كل عهد حكومة (الوطن)، فالوطن عهد وعهدة الفقراء الذين يأخذهم الصمت المطبق أمام صيحة (الوطنية) التي يتبرأ منها الأغنياء عندما تصل التضحية إلى مناصبهم ومكاسبهم، فلا يغرمون بما كسبت أياديهم، إنما يتحمل الغرم والغرامة (المواطن) الفقير الذي يئن أنين الجمال تحت أثقال الأحمال.
تتزايد تكاليف الحياة على البؤساء المستضعفين مع إطلالة كل حكومة، وأحوال الفقراء المعدمين على حالها لم تتزحزح قيد أنملة إلا إلى الوراء، حتى باتوا يتمنون بقاء الحكومة السابقة على أن تأتي حكومة لاحقة تمنيهم الأماني العظام مع تجرع الصبر الزؤام الذي لم يؤت حصادا كما وعدت التي خلت مكانها بعدما استنفذت كل الوسائل لتجريد البائسين من كل أسباب الأمل للمستقبل الذي يوعدون به من عقود طويلة ولم يجدوا له بارقة تلوح في الأفق البعيد.
على أهمية (الأمن والأمان) الذي تدأب الحكومات على ترديده بمناسبة وبلا مناسبة، ومع حرصنا على ديمومته، لكن على ذات الحكومات أيضا أن لا تغفل عن مفهوم (الأمن المجتمعي) في المنحى الاجتماعي الصرف، فتكوين الأسر للشباب أمر يجب أن يسترعي انتباه (الدولة) بكافة مؤسساتها لما فيه من حصانة للمجتمع تضاف إلى منظومة الأمن والأمان التي تتكئ عليها الحكومات في اتخاذ قراراتها الصعبة التي تمس حياة الناس وتحول مع مرور الوقت دون الاستقرار الاجتماعي، فارتفاع سن الزواج عند الشباب لعدم القدرة المادية تؤدي حتما إلى العنوسة عند الفتيات، وهذا خطر ربما لم يتم لمس آثاره بعد.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى