#رمضان #شهر #تكفير_الذنوب
الحمدُ لله الَّذِي خلق كلَّ شَيْء فَقَدَّرَه، وعلِمَ مَوْردَ كلِّ مخلوقٍ ومصْدَرَه، وأثْبَتَ في أمِّ الكتاب ما أرَادَه وسَطَّره، فلا مُؤخرَ لِمَا قدَّمَه، ولا مُقَدِّم لما أخَّرَه، ولا ناصرَ لمَنْ خَذلَهُ ولا خاذِلَ لِمَنْ نَصَره، تفرَّد بالمُلْكِ والبقاءِ، والعزَّةِ والكبرياء، العليمُ الخبيرُ فلا يخْفَى عليه ما أسَرَّه العبدُ وأضْمَرَه، أحْمَدُه على ما أوْلَى مِنْ فضلِهِ ويَسَّرَه. وأشْهد أنْ لا إِله إلاَّ الله وحدَه لا شريكَ لَهُ، قَبِلَ تَوْبةَ العاصِي فعفَا عن ذَنْبِه وغَفَرَه، وأشهد أنَّ محمداً عبدُه ورسولُه الَّذِي أوْضَح به سبيلَ الهدايةِ ونَوَّرَه، وأزال به ظلماتِ الشِّرْكِ وقَتَرَه، وفَتحَ عليه مَكَّةَ فأزَال الأصنامَ مِن الْبَيْتِ وَطَهَّرَه، صلَّى الله عليه وعلى آلِهِ وأصحابِه الكرامِ الْبَرَرَة، وعلى التابعينَ لهم بإحْسَانٍ ما بَلَغَ القَمَرُ بدرَه، وسلَّم تسليماً
أنعم الكريم على الأمّة بتمام إحسانه، وعاد عليها بفضله وامتنانه، وجعل شهرها هذا مخصوصاً بعميم غفرانه. أيام رمضان أيام محو ذنوبكم فاستغيثوا إلى مولاكم من عيوبكم. هي أيام الإنابة فيها تفتح أبواب الإجابة، فأين اللائذ بالجناب، أين المتعرّض بالباب، أين الباكي على ما جنى، أين المستغفر لأمرٍ قد دنا.
كم منقول في هذه الليلة من ديوان الأحياء …عن قريب يُفاجَأ بالممات وهو مقيمٌ على السيئات، ألا رب فَرِح بما يؤتى قد خرج اسمه مع الموتى… ألا رب غافل عن تدبير أمره… قد انفصمت عُرَى عمره… ألا رب مُعْرض عن سبيل رشده قد آن أوان شق لحده… ألا رُبّ رافل في ثوب شبابه قد أزف فراقه لأحبابه… ألا رب مقيم على جهله قد قرب رحيله عن أهله… ألا رب مشغول بجمع ماله قد حانت خيبة آماله…ألا ربّ ساع في جمع حطامه قد دنا تشتت عظامه… ألا ربّ مُجدّ في تحصيل لذّاته قد آن خراب ذاته. أين المعتذر مما جناه فقد اطلع عليه مولاه، أين الباكي على تقصيره قبل تحسره في مصيره. يا مطروداً ما درى، تعاتب ولا تفهم ما جرى، متى تُرَى على الباب تُرَى.
قال رسول الله – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:” – أتاني جبريلُ، فقال: يا مُحمَّدُ! من أدركَ أحدَ والديْهِ فماتَ فدخلَ النَّارَ فأبعدَه اللهُ، قُل: آمينَ، فقلتُ: آمينَ، قال: يا محمَّدُ، مَن أدرك شهرَ رمضانَ فماتَ فلم يُغْفَرْ لهُ فأُدْخِلَ النَّارَ فأبعدَه اللهُ، قُل: آمينَ، فقلتُ: آمينَ، قال: ومن ذُكِرْتَ عندَه فلم يُصَلِّ عليكَ فماتَ فدخلَ النَّارَ فأبعدَه اللهُ، قُل: آمينَ، فقلتُ: آمينَ “.
وقال رسول الله – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((رَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ ذُكِرْتُ عِنْدَه فلَمْ يُصَلِّ علَيَّ، ورَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ دخَلَ عليه رَمضانُ فانْسَلخَ قَبْلَ أنْ يُغْفَرَ له، ورَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ أدرَكَ عِنْدَه أَبَواه الكِبَـرَ فلَمْ يُدْخِلاه الجنةَ، قال رِبْعِيٌّ: ولا أَعْلَمُه إلَّا قد قال: أو أَحَدُهما.))
كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم يَدُلُّ أُمَّتَه على جَوامِعِ الخيرِ وأبوابِه، ويُرغِّبُهم فيما يُقرِّبُهم مِن الجنَّةِ ويُباعِدُهم عن النَّارِ.
وفي هذا الحَديثِ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: “رَغِم أنفُ رجُلٍ ذُكِرتُ عِندَه، فلم يُصَلِّ علَيَّ”، أي: خاب وخَسِر وذَلَّ وعجَز ولَصِق أنفُه بالتُّرابِ كلُّ مَن ذُكِر عِندَه النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، فلم يَقُلْ: صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، “ورَغِم أنفُ رَجُلٍ دخَل عليه رمَضانُ، ثمَّ انسَلَخ قبلَ أن يُغفَرَ له”، أي: خاب وخَسِر وذَلَّ وعَجَز ولَصِق أنفُه بالتُّرابِ كلُّ مَن أدرَك شَهرَ رمَضانَ، فكَسِلَ عن العِبادةِ ولم يَجتَهِدْ ويُشمِّرْ حتَّى انتَهى الشَّهرُ فلم يَظفَرْ ببرَكةِ الشَّهرِ الكريمِ ولم يُغفَرْ له، “ورَغِم أنفُ رجُلٍ أدرَك عِندَه أبَواه الكِبَرَ فلم يُدخِلاه الجَنَّةَ”، أي: خاب وخَسِر وذَلَّ وعَجَز ولَصِق أنفُه بالتُّرابِ كلُّ مَن بلَغ أبَواه سِنَّ الكِبَرِ فلم يَجتَهِدْ في بِرِّهما ويَسْعَ في إرضائِهما حتَّى يُدخِلَه بِرُّهما الجنَّةَ.
“والغفران مشروط بشرطين: الإيمان والاحتساب، وهما مدار الفرق بين العادة والعبادة فبدونهما يكون الصوم إرثاً وتقليداً قلّما يدفع صاحبه إلى الخير وينهاه عن الشر”.
• وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ” مَن قَامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إيمَانًا واحْتِسَابًا، غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ، ومَن صَامَ رَمَضَانَ إيمَانًا واحْتِسَابًا غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ. “
• وقال – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:” مَن قَامَ رَمَضَانَ إيمَانًا واحْتِسَابًا، غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ. “.
قال الخطابي:” “…إيماناً واحتساباً” أي نية وعزيمة، وهو أن يصومه على التصديق والرغبة في ثوابه، طيبة به نفسه غير كاره له، ولا مستثقل لأيامه لكن يغتنم طول أيامه لعظم الثواب”.
وقال النووي: “المعروف أنه يختص بالصغائر، وبه جزم إمام الحرمين، وعزاه عياض لأهل السنة، وقال بعضهم. ويجوز أن يخفف من الكبائر إذا لم يصادف صغيرة”.
وقال المناوي: “غفر له ما تقدم من ذنبه” لكنْ خصه الجمهور بالصغائر والتصديق والاحتساب وهو الطواعية شرط لنيل الثواب والمغفرة في صوم رمضان، فينبغي الإتيان به بنية خالصة وطويّة صافية امتثالاً لأمره تعالى واتكالاً على وعده من غير كراهية وملالة لما يصيبه من أذى الجوع والعطش وكلفة الكفّ عن قضاء الوطر، بل يحتسب النصب والتعب في طول أيامه، ولا يتمنى ساعة انصرافه
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، مكفرات ما بينهن إذا اجتنبت الكبائر”.
وقال رسول الله – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:” احضُروا المنبرَ. فحضَرْنا، فلما ارتقى درجةً قال: آمين فلما ارتقى الدرجةَ الثانيةَ قال:” آمينْ “. فلما ارتقى الدرجةَ الثالثةَ قال:” آمينْ “. فلما نزل قلنا: يا رسولَ اللهِ! لقد سمعْنا منك اليومَ شيئًا ما كنا نسمعُه. قال: إنَّ جبريلَ عَرض لي فقال: بَعُدَ من أدرك رمضانَ فلم يُغْفَرْ له. قلتُ: (آمين)، فلما رَقيتُ الثانيةَ قال: بَعُدَ مَن ذُكِرْتَ عندَه فلم يُصلِّ عليك. فقلتُ: (آمينْ)، فلما رقيتُ الثالثةَ قال: بَعُدَ من أدرك أبوَيه الكبرُ عندَه أو أحدَهما فلم يُدخِلاه الجنَّةَ. قلتُ: (آمين)”.
• يا مضيعاً اليوم تضييعه أمس، تيقظ…. ويحك … فقد قتلت النفس، وتنبه للسحور فإلى كم نحس، واحفظ بقية العمر فقد بعت الماضي بالبخس. يا من يجول في المعاصي قلبه وهمه، يا مؤثراً الهوى على التقى لقد ضاع حزمه، يا معتقداً صحته فيما هو سقمه، يا من كلما زاد عمره زاد إثمه، يا طويل الأمل وقد رق عظمه.
يا قليل العبر وقد رحل أبوه وأمه، يا من سيجمعه اللحد عن قليل ويضمّه، كيف يوعظ من لا يعظه عقله ولا فهمه. كيف يُوقظ من نام قلبه لا عينه ولا جسمه؟ أين من كان معكم في رمضان الماضي؟، أما أفنته المنون القواضي.
أيُّها الغافل اعرف زمانك، يا كثير الحديث فيما يؤذي احفظ لسانك، يا مسئولاً عن أعماله اعقل شأنك، يا متلوناً بالزلل اغسل بالتوبة أدرانك، يا مكتوباً عليه كل قبيح تصفح ديوانك.
يا من أكثرُ عمره مع الذنوب قد مضى…. ، إن كان ما فرط يوجب السخط فاطلب في هذا الشهر الرضا، يا كثير القبائح غداً تنطق الجوارح، فأين الدموع السوافح
يا من قد سارت بالمعاصي أخباره، يا من قد قَبُح إعلانه وإسراره، أتؤثر الخسران -قل لي- وتختاره؟ يا كثير الذنوب وقد دنا إحضاره
قد ضاعت في الذنوب الأعمار، فأين يكون لهذا الغرس إثمار.
اعرفوا قَدْر مَنْ قدّر، تذكروا كيف عصيتم وستر، وايم الله لو قمتم على البصر، وسجدتم شكراً على الإبر، ما وفيتم بشكر نعيم محتقر، أما طوى القبيح وكل الجميل نشر، أما بعض نعمه السمع والبصر.
بك أستجير ومن يجير سواكا … فأجر ضعيفْاً يحتمي بحماكا
يا غافر الذنب العظيم وقابلا … للتوب قلب تائب ناجاكا
أترده وترد صادق توبتي … حاشاك تطرد لائذا حاشاكا
أنا كنت يا ربي أسير غشاوة … رانت على قلبي فضل سناكا
واليوم يا رب محوت غشاوتي … وبدأت بالقلب البصير أراكا
ذقت الهوى مرّاً ولم أذق الهوى … يا رب حلواً قبل أن أهواكا
قال السرّي: “السنة شجرة، والشهور فروعها، والأيام أغصانها، والساعات أوراقها، وأنفاس العباد ثمرتها، فشهر رجب أيام توريقها، وشعبان أيام تفريعها، ورمضان أيام قطفها، والمؤمنون قطّافها”.
لو قيل لأهل القبور تَمنَّواْ لتمنوا يوماً من رمضان، وأنت كلما خرجت من ذنوب دخلت في أُخَر، يا قليل الصفا إلى كم هذا الكدر، أنت في رمضان كما كنت في سفر، أما تنفعك العبر، أَصُمّ السمعُ أمْ غُشِي البصر، آن الرحيل وأنت على خطر، ودنا السفر فكيف تأمن الغِيَر؟!، وعند الممات يأتيك الخبر.
أَنَا الْعَبْدُ الَّذِي كَسَبَ الذُّنُوبَا * * * وَصَدَّتْهُ الْأَمَانِي أَنْ يَتُوبَا
أَنَا الْعَبْدُ الَّذِي أَضْحَى حَزِينًا * * * عَلَى زَلَّاتِهِ قَلِقًا كَئِيبَا
أَنَا الْعَبْدُ الَّذِي سُطِرَتْ عَلَيْهِ * * * صَحَائِفُ لَمْ يَخَفْ فِيهَا الرَّقِيبَا
أَنَا الْعَبْدُ الْمُسِيءُ عَصَيْتُ سِرًّا * * * فَمَا لِي الْآنَ لَا أُبْدِي النَّحِيبَا
أَنَا الْعَبْدُ الْمُفَرِّطُ ضَاعَ عُمُرِي * * * فَلَمْ أَرْعَ الشَّبِيبَةَ وَالْمَشِيبَا
أَنَا الْعَبْدُ الْغَرِيقُ بِلُجِّ بَحْرٍ * * * أَصِيحُ لَرُبَّمَا أَلْقَى مُجِيبَا
أَنَا الْعَبْدُ السَّقِيمُ مِنْ الْخَطَايَا * * * وَقَدْ أَقْبَلْتُ أَلْتَمِسُ الطَّبِيبَا
أَنَا الْعَبْدُ الْمُخَلَّفُ عَنْ أُنَاسٍ * * * حَوَوْا مِنْ كُلِّ مَعْرُوفٍ نَصِيبَا
أَنَا الْعَبْدُ الشَّرِيدُ ظَلَمْتُ نَفْسِي * * * وَقَدْ وَافَيْتُ بَابَكُمْ مُنِيبَا
أَنَا الْعَبْدُ الْفَقِيرُ مَدَدْتُ كَفِّي * * * إلَيْكُمْ فَادْفَعُوا عَنِّي الْخُطُوبَا
أَنَا الْغَدَّارُ كَمْ عَاهَدْتُ عَهْدًا * * * وَكُنْتُ عَلَى الْوَفَاءِ بِهِ كَذُوبَا
أَنَا الْمَهْجُورُ هَلْ لِي مِنْ شَفِيعٍ * * * يُكَلِّمُ فِي الْوِصَالِ لِي الْحَبِيبَا
أَنَا الْمَقْطُوعُ فَارْحَمْنِي وَصِلْنِي * * * وَيَسِّرْ مِنْكَ لِي فَرَجًا قَرِيبَا
أَنَا الْمُضْطَرُّ أَرْجُو مِنْكَ عَفْوًا * * * وَمَنْ يَرْجُو رِضَاكَ فَلَنْ يَخِيبَا
فَيَا أَسَفَى عَلَى عُمُرٍ تَقَضَّى * * * وَلَمْ أَكْسِبْ بِهِ إلَّا الذُّنُوبَا
وَأَحْذَرُ أَنْ يُعَاجِلَنِي مَمَاتٌ * * * يُحَيِّرُ هَوْلُ مَصْرَعِهِ اللَّبِيبَا
وَيَا حُزْنَاهُ مِنْ نَشْرِي وَحَشْرِي * * * بِيَوْمٍ يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبَا
تَفَطَّرَتْ السَّمَاءُ بِهِ وَمَارَتْ * * * وَأَصْبَحَتْ الْجِبَالُ بِهِ كَثِيبَا
إذَا مَا قُمْتُ حَيْرَانًا ظَمِيئَا * * * حَسِيرَ الطَّرْفِ عُرْيَانًا سَلِيبَا
وَيَا خَجَلَاهُ مِنْ قُبْحِ اكْتِسَابِي * * * إذَا مَا أَبْدَتْ الصُّحُفُ الْعُيُوبَا
وَذِلَّةِ مَوْقِفٍ وَحِسَابِ عَدْلٍ * * * أَكُونُ بِهِ عَلَى نَفْسِي حَسِيبَا
وَيَا حَذَرَاهُ مِنْ نَارٍ تَلَظَّى * * * إذَا زَفَرَتْ وَأَقْلَقَتْ الْقُلُوبَا
تَكَادُ إذَا بَدَتْ تَنْشَقُّ غَيْظًا * * * عَلَى مَنْ كَانَ ظَلَّامًا مُرِيبَا
فَيَا مَنْ مَدَّ فِي كَسْبِ الْخَطَايَا * * * خُطَاهُ أَمَا أَنَ لَكَ أَنْ تَتُوبَا
أَلَا فَاقْلِعْ وَتُبْ وَاجْهَدْ فَإِنَّا * * * رَأَيْنَا كُلَّ مُجْتَهِدٍ مُصِيبَا
وَأَقْبِلْ صَادِقًا فِي الْعَزْمِ وَاقْصِدْ * * * جَنَابًا نَاضِرًا عَطِرًا رَحِيبَا
وَكُنْ لِلصَّالِحِينَ أَخًا وَخِلًّا * * * وَكُنْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا غَرِيبَا
وَكُنْ عَنْ كُلِّ فَاحِشَةٍ جَبَانًا * * * وَكُنْ فِي الْخَيْرِ مِقْدَامًا نَجِيبَا
وَلَاحِظْ زِينَةَ الدُّنْيَا بِبُغْضٍ * * * تَكُنْ عَبْدًا إلَى الْمَوْلَى حَبِيبَا
فَمَنْ يَخْبُرْ زَخَارِفَهَا يَجِدْهَا * * * مُخَالِبَةً لِطَالِبِهَا خَلُوبَا
وَغُضَّ عَنْ الْمَحَارِمِ مِنْك طَرْفًا * * * طَمُوحًا يَفْتِنُ الرَّجُلَ الْأَرِيبَا
فَخَائِنَةُ الْعُيُونِ كَأُسْدِ غَابٍ * * * إذَا مَا أُهْمِلَتْ وَثَبَتْ وُثُوبَا
وَمَنْ يَغْضُضْ فُضُولَ الطَّرْفِ عَنْهَا * * * يَجِدْ فِي قَلْبِهِ رَوْحًا وَطِيبَا
وَلَا تُطْلِقْ لِسَانَكَ فِي كَلَامٍ * * * يَجُرُّ عَلَيْكَ أَحْقَادًا وَحُوبَا
وَلَا يَبْرَحْ لِسَانُكَ كُلَّ وَقْتٍ * * * بِذِكْرِ اللَّهِ رَيَّانًا رَطِيبَا
وَصَلِّ إذَا الدُّجَى أَرْخَى سُدُولًا * * * وَلَا تَضْجَرْ بِهِ وَتَكُنْ هَيُوبَا
تَجِدْ أُنْسًا إذَا أُوعِيتَ قَبْرًا * * * وَفَارَقْتَ الْمُعَاشِرَ وَالنَّسِيبَا
وَصُمْ مَا اسْتَطَعْت تَجِدْهُ رِيًّا * * * إذَا مَا قُمْتَ ظَمْآنًا سَغِيبَا
وَكُنْ مُتَصَدِّقًا سِرًّا وَجَهْرًا * * * وَلَا تَبْخَلْ وَكُنْ سَمْحًا وَهُوبَا
تَجِدْ مَا قَدَّمَتْهُ يَدَاكَ ظِلًّا * * * إذَا مَا اشْتَدَّ بِالنَّاسِ الْكُرُوبَا
وَكُنْ حَسَنَ السَّجَايَا ذَا حَيَاءٍ * * * طَلِيقَ الْوَجْهِ لَا شَكِسًا غَضُوبَا
فيا مولاي جد بالعفو وارحم * * * عبداً لم يزل يشكي الذنوبا
وسامح هفوتي وأجب دعائي * * * فإنك لم تزل أبداً مجيبا
وشفِّع فيّ خير الخلق طراً * * * نبياً لم يزل أبداً حبيبا
هو الهادي المشفّع في البرايا * * * وكان لهم رحيماً مستجيبا
عليه من المهمين كل وقتٍ * * * صلاة تملأ الأكوان طيبا
يا صاحب الخطايا أين الدموع الجارية؟
يا كثير المعاصي ابك على الذنوب الماضية، يا مبارزاً بالقبائح أتصبر على الهاوية، أسفاً لك إذا جاءك رمضان وما أنبت، واحسرةً لك إذا دعيت إلى التوبة فما أجبت، كيف تصنع إذا نودي بالرحيل وما تأهبت، ألست الذي بارزت بالكبائر وما راقبت.
قَدْ مَضَى فِي اللَّهْوِ عُمْرِي ** وَتَنَاهِي فِيه أَمْرِي
شَمَّرَ الأكيَاسُ وأَنَا ** وَاقِفٌ قَدْ شِيبَ أمْرِي
بَانَ رِبْحُ النَّاسِ دُونِي ** ولِحِيْنِي بَانَ خُسْرِي
لَيتَنِي أَقْبَلُ وَعْظِي ** لَيْتَنِي أَسْمَعُ زَجْرِي
كُلَّ يَوْمٍ أَنَا رَهْنٌ ** بَيْنَ آثَامِي وَوِزْرِي
لَيْتَ شِعْرِي هَلْ أَرِى لِيْ ** هِمَّةً فِي فَكِّ أسْرِي
أَوْ أَرَى فِي ثَوْبِ صِدْقٍ ** قَبْلَ أَنْ أَنْزِلَ قَبْرِي
وَيْحَ قَلْبِي مِنْ تَنَاسِيـ ** ـهِ مُقَامِي يَوْمَ حَشرِي
واشْتِغَالِي مِنَ خَطَايَا ** أَثْقَلَتْ وَاللهِ ظَهْرِي