سواليف – برر خبراء ماليون واقتصاديون خطوة البنك المركزي الأردني رفع سعر الفائدة الرئيسي نصف نقطة مئوية بأن البنك يسعى للحفاظ على جاذبية الدينار كأداة استثمار إلى جانب محاربة التضخم المتوقع بعد قرار رفع ضريبة المبيعات الأخير.
وبين هؤلاء أن هذا القرار جاء في ظل وجود قيمة احتياطات عملات أجنبية جيدة.
ولكن أشاروا إلى أن هذا القرار قد يؤثر سلبا على قيمه ما تحمله البنوك من سندات الخزينة، إلى جانب التخوف من حصول كساد تضخمي نتيجة ارتفاع الأسعار بعد رفع الضريبة ورفع سعر الفائدة في نفس الوقت دون ارتفاع النمو الاقتصادي.
وقررت لجنة عمليات السوق المفتوحة في البنك المركزي الأردني رفع سعر الفائدة الرئيسي للبنك وأسعار الفائدة على أدوات السياسة النقدية الاخرى بواقع 50 نقطة أساس، اعتبارا من يوم الأربعاء الماضي.
وبموجب القرار يصبح سعر الفائدة الرئيسي للبنك المركزي (اتفاقيات إعادة الشراء لأجل اسبوع) 3.25 % سنويا، وسعر فائدة نافذة الايداع للدينار لليلة واحدة 2.25 % سنويا.
كما يصبح سعر فائدة شهادات الايداع لأجل اسبوع ضمن المدى 3 إلى 3.25 % سنويا، وسعر فائدة اتفاقيات إعادة الشراء لليلة واحدة 4 % سنويا. وبموجب القرار يصبح سعر إعادة الخصم 4.25 % سنويا.
من جهته؛ قال رئيس جمعية رجال الأعمال الأردنيين حمدي الطباع إن القرار سيرفع الكلف على المستثمرين، إلا أنه سيحقق عوائد جيدة على المدخرين وخصوصا بالدينار الأردني وهو الهدف الاساسي من القرار. غير أن الطباع لفت إلى أن رجال الأعمال يفضلون أسعار الفائدة الرخيصة من صناعيين وتجار وغيرهم، مؤكدا في ذات الوقت على أهمية الخطوات التي يتخذها المركزي بهدف استقرار الدينار وجهوده في هذه المسألة كأحد أولوياته.
وقال وزير التخطيط الأسبق د.تيسير الصمادي إن “قرار البنك المركزي برفع سعر الفائدة قرار إيجابي وهدفه الأساسي تعزيز الدينار كوعاء إدخاري وأداة استثمار”.
ورأى الصمادي أن القرار سوف يزيد من قيمة الودائع بالدينار الأردني وبالتالي توفير سيولة أكبر لدى البنوك المحلية مما سيزيد من منح التسهيلات الائتمانية.
واستبعد أن يكون لهذا القرار انعكاس بارتفاع أسعار الفائدة على القروض كونها تعتمد على المنافسة بين البنوك.
بدوره؛ قال الخبير المالي مفلح عقل إن “قرار المركزي جاء لمحاربة التضخم المتوقع أن يحصل خلال الفترة القريبة المقبلة بعد قرار الزيادة في ضريبة المبيعات الذي أقرته الحكومة بداية العام الحالي”.
وبين عقل أن التوقعات كلها تشير إلى أن نسبة التضخم ستكون كبيرة نتيجة للقرارات الحكومية.
وأضاف أن “البنك المركزي اتخذ هذا القرار وهو مرتاح لمستوى الاحتياطات الأجنبية التي لديه وأنه أبقى على نسب الفائدة كما هي لبرامج إعادة التمويل لديه الموجهة بشكل خاص نحو قطاعات الصناعة والسياحة والزراعة والطاقة المتجددة وتكنولوجيا المعلومات”.
ولكن تساءل عقل عما قد يتسبب به القرار بالتأثير سلبا على قيمة ما تحمله البنوك من سندات الخزينة، وأن يكون الأثر أكبر على البنوك والمؤسسات التي تحتفظ بسندات خزينة لمدد استحقاق طويلة. واستغرب من أن القرار جاء سريعا وبعد فترة قصيرة من قرار سابق برفع سعر الفائدة الأساس ربع نقطة.
ولكن أكد عقل أن السبب الأساس لقرار رفع الفائدة هو للمحافظة على جاذبية الدينار الأردني.
وكان البنك المركزي أكد في بيان صحفي أن قرار اللجنة برفع الفائدة جاء في ضوء متابعة البنك للتطورات الاقتصادية والنقدية، المحلية والاقليمية والعالمية، وانسجاما مع التطورات بأسعار الفائدة في أسواق المال الاقليمية والعالمية وتوقعاتها المستقبلية، وحرصا منه على تعزيز تنافسية وجاذبية الموجودات المحررة بالدينار، والحفاظ على الاستقرار النقدي والمصرفي.
ولضمان استمرار توفير التمويل بشروط مناسبة وميسرة للقطاعات الحيوية، وخاصةَ المشروعات الصغيرة ومتوسطة الحجم، قرر البنك المركزي الإبقاء على سعر فائدة برامج اعادة التمويل لديه الموجهة بشكل خاص نحو قطاعات: الصناعة والسياحة والزراعة والطاقة المتجددة وتكنولوجيا المعلومات دون تغيير، لتبقى عند 75ر1 بالمائة للمشروعات داخل محافظة العاصمة، و1 بالمائة للمشروعات في باقي المحافظات، وإبقاء آجال التمويل التي تصل لعشر سنوات كما هي.
بدوره قال الخبير الاقتصادي زيان زوانة “طوال الفترة الماضية لم يكن لدى الأردن نسبة تضخم عالية وإنما شهد خلال أشهر ماضية نسبة تضخم سالبة”.
ورأى زوانة أن تخوف البنك المركزي من ارتفاع نسبة التضخم بشكل كبير في المستقبل القريب في غير محله.
وقال إن “المركزي يستبق الأحداث وبنى تخوفه على نسبة التضخم التي أعلن عنها في شهر كانون الثاني (يناير) الماضي.”
وبين زوانة أن المشكلة تكمن في أن الحكومة قامت برفع الأسعار ومن ثم قام البنك المركزي برفع سعر الفائدة وهذا سيؤدي إلى مزيد من التراجع في القدرة الشرائية للمواطن مما سيشير إلى ما يسمى بالكساد التضخمي.
وأوضح زيان أن الحفاظ على جاذبية الدينار كأداة استثمار هو هدف حقيقي ويجب أن لا يكون هدف المركزي لوحده وإنما أن يكون سياسة نقدية تساعد عليها الحكومة.
وكان البنك المركزي أكد في بيانه أنه سيستمر بمتابعة التطورات الاقتصادية، المحلية والإقليمية والدولية، واتخاذ كل ما يلزم من إجراءات نقدية ومصرفية لتعزيز الاستقرار النقدي والمصرفي وتوفير بيئة جاذبة للاستثمار المحلي والاجنبي، وتمكين الاقتصاد الوطني من تحقيق معدلات نمو مناسبة.
وقال الخبير المصرفي سامر سنقرط إن “قرار البنك المركزي رفع أسعار الفائدة خطوة إيجابية تعزز من الاستقرار النقدي وتسهم في جذب الاستثمارات”.
وأكد أن الآثار جانبية للقرار على السوق المالية كون أغلب عمليات التداول في السوق مضاربات لا استثمارات، فيما تتمثل الآثار الجانبية السلبية برفع تكلفة الاقتراض على المنتجين والمستثمرين في هذه المرحلة.
وأوضح أن أكثر ما يميز القرار ويصب في صالح الاقتصاد الانتاجي هو ابقاء البنك المركزي أسعار الفائدة على القروض الموجهة لمشروعات ضمن قطاعات انتاجية في الصناعة والسياحة والزراعة والطاقة المتجددة وتكنولوجيا المعلومات، خصوصا من الصغيرة والمتوسطة والناشئة، دون تغيير لتبقى عند 1.75 % داخل محافظة العاصمة و1 % للمشروعات في باقي المحافظات ولآجال تصل لعشر سنوات.
وأشار سنقرط إلى أن ارباح البنوك ستكون مع تنفيذ القرار، مرشحة للارتفاع بسبب اتجاه البنوك لرفع أسعار الفائدة على القروض قبل ان ترفعها على الودائع، ما يعني زيادة دخل البنوك في هذه المرحلة الانتقالية التي يتسع فيها هامش الفائدة الدائنة والمدينة.
وقال سنقرط إن “البنوك ستستفيد أيضا من رفع أسعار الفائدة على السندات واذونات الخزينة التي يطرحها البنك المركزي لصالح الحكومة المركزية وتشتريها البنوك، لكنه في المقابل سيزيد العبء على خزينة الدولة”.
الغد