رسالة من الشبيلات الى زيد الرفاعي

سواليف – رصد

نشر المعارض الاردني المهندس ليث الشبيلات في صفحته على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك رسالة وجهها الى رئيس الوزراء الأسبق زيد الرفاعي
هذا نصها

العزيز دولة الأخ زيد الرفاعي أبو سمير حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،​​​29 أكتوبر 2016
الموضوع : أنستولي على الدستور بالأمس ثم نحاضر في سيادة القانون اليوم ؟
رسالة مفتوحة
​عندما أتذكر تبايننا في وجهات النظر أتساءل ما الفائدة من الحوار مع أبي سمير؟ ولكن عندما أمعن التفكير ويتبين لي أن اختلافاتنا مهما كبرت في ما هو تحت الدستور إلا أن الأمور الدستورية حاسمة من الصعب أن يخنلف حولها إلا مكابر. وفي هذا تذكرت مسألة فرقتنا ثم حسمها الدستور بيننا . تذكرت عندما كنت نائبا جديدا قبل ثلاثين عاما بخبرة ما زالت غضة كيف تجرأت على مقارعتك في مجلس النواب حول عدم دستورية مشروع قانون ملحق موازنة بمئات الملايين كانت حكومتك قد أنفقت مخصصاته قبل صدور القانون . وكيف أجبتني بقولك: “يبدو أن النائب المحترم ليث الشبيلات يعتقد أنه هو الوحيد الذي يفهم بالدستور” . ثم أعدت الكرة بأن أرسلت لنا مشروعا آخر لملحق موازنة في نفس السنة بمئات الملايين أيضا بعد صرفها درسته اللجنة المالية ووافقت عليه للأسف ووضع على جدول أعمال جلسة المجلس. فأردت هذه المرة أن أحضر مداخلتي ، فجعلت أقلب صفحات الدستورفي مجلد الموسوعة القانونية فطاشت يدي في الصفحات الملحقة بالدستور لأفاجأ بوجود قانون لم أكن أعرف عنه سابقا : قانون محاكمة الوزراء. فقرأته وإذا بالجريمة الإضافية الوحيدة التي يحاكم فيه الوزير بالإضافة إلى الجرائم المنصوص عليها في قانون العقوبات هي جريمة الانفاق خارج الموازنة. فقمت بتحضير مداخلة وقلت لزميلي عبد الله العكايلة الذي كنت وإياه وقتها (واحسرتا على ذلك الوقت) وجهان لعملة واحدة قبل أن تفرقنا الأولويات: إن أبا سمير يعتب علينا لأننا نفاجئه في المجلس دون أن نتباحث معه : قم بنا أطلعه على ما حضرت له ، فاستقبلتنا حالا وأطلعتك على مداخلتي فقلت : يا أخي ! أنت ما عندك غير التخوين والتجريم ؟ حيث كنت قد كتبت محقا بأنك تحتاج إلى قانون عفو عام لأن العفو الخاص لا يفيدك إذ أنه لا يجب جريمة الانفاق خارج الموازنة”. وبالنتيجة وبسبب ضعف المجلس وافقنا أنا وعبد الله على مقترحك الوسط بأن نذهب إلى المجلس بعد قليل وأن تطلب الكلام وتقول أن الحكومة تعد مجلس النواب أن لا تنفق خارج قانون الموازنة وملاحقه .
وعلى ذكر العفو العام فلا بد أن نذكر ملكنا الراحل الحسين رحمه الله و ذكاءه الخارق إذ لم ينتبه معظم الناس، وعلى رأسهم السياسيون ، أنه قد مرر بذكاء العفو عنك وعن كل من حقق معهم المدعي العام القاضي محمد كريشان وأودع ملفات التحقيق الخاصة بهم لدى مجلس النواب. وذلك عندما أفرج عني عام 1992 بعد حكم الإعدام بموجب قانون مؤقت (رغم وجود برلمان) لعفو عام فاستغل فرحة الناس العارمة ليشملكم بهدوء عفو القانون المؤقت خشية أن يستثني البرلمان جرائم الاعتداء على الأموال العامة إذا تمت مناقشة قانون العفو كقانون دائم تحت القبة . ثم يسألونني بعد ذلك ماذا تعني بقولك : كنا نلعب مع الملك شطرنج؟ اليست هذه ابداعات شطرنجية له رحمه الله ؟ فرغم أن الإفراج عني بدا نصرا لي ، إلا أن الحقيقة كانت أن الملك هو الذي خرج منتصرا انتصارا باهرا إذ حرك على الرقعة حركة “كش ملك” فهزمني وكل ما أمثله كرئيس لجنة التحقيق النيابية وأنقذ رجاله من المحاسبة فعدت إلى ترؤس لجنة تحقيق كبرى ولكن من دون متهمين !
.
كان رحمه الله لاعبا ماهراً لا يبارى ولا يعني ذلك أنني معجب بالنتيجة إذ أسقط العفو العام من لجنتنا تسعة ملفات كان قد أحالها لنا المدعي العام ومنها ملف الزوارق الحربية وملف وزيرالتموين فايز الطراونة . وكل واحد من أصحاب الملفات ارتقى بعد ذلك كأنهم لم يمثلوا أمام مدعي عام. فالقاعدة في بلدي هي للأسف نجاح الفساد والفاسدين واتهام المصلحين بالتطرف والتجني.
​وعندما عاودتني الأفكار المحبطة بأن سيرة أبي سمير في الحكم غير مشجعة رغم أنه كان رئيسا قويا واسع الخبرة تذكرت سيرة المرحوم سمير باشا الذي باتت بعض الألسنة للأسف تتناول سيرته اليوم بتجني ودون تمحيص مع أن الحقائق تبين أنه كان رجل دولة من الطراز الرفيع وأنه كان نظيف اليد والفرج في زمن كان الوزراء ورئيسهم يستعملون سياراتهم الخاصة إذ لم تكن هنالك سيارات مخصصة لهم حتى إن أحد أكارمهم طيب الذكر يعقوب معمر كان يمشي إلى وزارته مشيا. وكان الرئيس الرفاعي إذا ادلهم الأمر به يميل على نسيبه حيدر شكري مدير البنك العثماني ولم يكن لا هو ولا غيره يفكرون أو يجرؤون على مد اليد على الخزينة ولم يكن عند أحدهم أية مخصصات سرية ينفقها كما يحلو له . سقا الله تلك الأيام وبئس التقدم تقدم إلى الخلف ضيع الدولة والخزينة والسيادة بالاضافة إلى إضاعة الضفة الغربية. نعم! تذكرت سيرة ذلك الرجل الذي أجزم أنه لو كان رئيسا للوزراء اليوم لكان سدا منيعاً في وجه أية إجراءات خرقاء تنسف أسس الدستورية التي أنشئت عليها المملكة.
لذلك قررت أن أكتب لك مستنفرا عندك أثر سيرته هو أكثر من استنفاري لك بسيرتك أنت التي نختلف حولها ، ويزيدني أملا بنجاح مسعاي أننا قد شارفنا على أن يحمل أحدنا الآخر إما إلى أم الحيران حيث ينتظرني قبري عند أبناء الشعب أو إلى المقابر الملكية فيما يخصك فبأي حال سنترك الأردن الحبيب الذي بعد الله له المنة علينا بمأوانا ومأكلنا ومشربنا وأمننا ؟ ففيه أطعمنا الله من جوع وآمننا من خوف !
إن مفهموم الدولة وتوازن مؤسساتها عند سمير باشا يجب يلجمنا ويقيدنا. وقد تذاكرنا حول هذا الموضوع أكثر من مرة وضربنا مثلا عليه موقفه البروتوكولي عندما وصل إلى المقر كما كانت تسميته على الساعة المحددة له لمقابلة الملك فوجد صحفية بريطانية عند الملك فرفض دعوة رئيس الديوان له بالتفضل إلى مكتبه ولم ينتظر بل عاد أدراجه وأمر السائق بتنحية العلم وعاد إلى جبل اللويبدة إلى منزلكم وكتب استقالته على قطعة كرتون أعطاها للسائق ليسلمها للقصر. أمثل هذا الرئيس يغمز من قناته جهال ؟ “مبروك “على منتقديه رؤساء اليوم ! وصدق المثل ( من لا يعرف الصقر يشويه) والأهم من هذا كله السبب الذي من أجله فعل الرئيس الرفاعي ذلك . فقد قال أنا بوصفي رئيسأ للحكومة المتمتع بثقة البرلمان أمثل الشعب الأردني ولا أسمح بأي تصرف ينقص من قيمة الشعب ! أما كسمير المواطن فلا بأس أن أنتظر حتى يأذن لي الملك بالدخول. تلكم الأسباب التي أقنعتني بمخاطبتك في هذا الموضوع.
​أخي العزيز أبو سمير
قد علمت أن الملك طلب منك ترؤس لجنة سميت بلجنة ملكية تدرس سيادة القانون فأحببت بعد أن تدبرت الأمر كما سبق أن أحاورك في الموضوع وحبذا لو يكون الحوار على إحدى محطات التلفزة الأردنية لكي يستفيد الناس من حوارنا الذي لن يكون إلا في منتهى الذوق والأدب خصوصا وأن الموضوع دستوري ولا يستطيع أن يختلف حول حججه اثنان.
1. في دستورنا ورغم كل التشوهات المرعبة التي أجريت عليه لا يسمح للبلاد أن تحكم إلا من قبل الملك بواسطة وزرائه الذين يراقبهم مجلس النواب. و”الإرادة الملكية ” مازالت لحسن الحظ معرفة في الدستور بأنها قرار وزير أو مجلس الوزراء موشح بالتوقيع السامي وليست أبدا رغبات ملكية منفصلة عن إرادة وزير. لذلك فابتداءً فإن هذه اللجنة غير دستورية ولا تملك أي وجود شرعي إذ يستطيع الملك أن يشاوركم ومن يشاء كما يشاء ، ولكن ليس بمرسوم أو رسالة رسمية من فوق حكومته . إن مثل هذا ينسف نسفا تسلسل المسؤوليات الدستورية التي تحكم البلاد . وحتى لو صدرت إرادة ملكية فيها بالأسلوب الدستوري (قرار مجلس وزراء موشح بالتوقيع السامي) فإن الحكومة تكون قد أخطأت خطأ جسيما بتشكيلها لجنة مرجعيتها أعلى منها. ويعتبر ذلك بالضرورة استقالة آلية للحكومة صاحبة الولاية العامة التي لا يسمح لها أن تتنازل عن أي شأن منها ، فاللجنة الملكية تنازع الحكومة في واجباتها والتي يحددها البيان الوزاري. والملك لم يطلب في كتاب التكليف هذه المهمة من الحكومة، والحكومة لم تضعه في بيانها الوزاري بل الأنكى من ذلك والمعيب أن الملك كان قد كلف الحكومة دون كتاب تكليف أصلا ، مشيراً إلى تكليف سابق وهي سابقة لم تجر لا في الاردن ولا في أي بلد أشد تخلفا من الأردن . كما إن الحكومة لم تصدر بيانا وزاريا يحدد مهماتها مع أن تشكيلها تم بعد الانتخابات بوجود شيء يسمى برلمانا ولم يتحلفص أحد من النواب “حماة الشعب” معترضاً وفوق ذلك كله فإن جلالته لم يكلف الخاطر بدعوة البرلمان للانعقاد فور انتهاء الانتخابات لتحمل مسؤوليات تشكيل الحكومة “البرلمانية جدا ” فأوجد حكومة في فراغ برلماني متعمد ذميم دون أي اعتبار. ولا يختلف فقيهان دستوريان ( أؤكد : فقيهان وليس محللاتيان) على أن هذا لغو في لغو في لغو.
2. هل يقبل عاقل يحترم نفسه أن يصدق كلاماً عن سيادة القانون صادرا عمن تغول تغولا تاما على رأس القوانين ، الدستور، فبات يحكم دون أي احترام للتعريف الدستوري لــ”الإرادة الملكية ” فيعين دون قرار وزرائه ويشكل لجانا ملكية تزاحم الحكومة في مهمات الولاية العامة وفوق ذلك كله ينشيء جهازا ضخما من المستشارين في الديوان الملكي يتدخلون في كل شؤون الحكم باسم العرش (طمأنني رئيس الديوان الأخ ناصر اللوزي عام 2011 أنه نجح في تقليص الجهاز من 4000 إلى 2500 موظف !؟! وذلك قبل أن يعود للتضخم بكثافة بعد انحسار الخوف من الربيع العربي وبرواتب مضاعفة عن رواتب موظفي الخدمة المدنية ) هنالك حكومة ظل غير شرعية في الديوان أقوى بكثير من الحكومة الشرعية.
3. كيف يعين رئيس المجلس القضائي في لجنة يرأسها غيره وفيها أعضاء من خارج السلك القضائي؟ أين احترام سيادة القانون واستقلال القضاء في هذا؟ كيف يقبل هو هذا التعيين الذي لم يشاور فيه خصوصا وأن الذي يرأس اللجنة معروف بمجزرته للقضاء أثناء توليه آخر حكومة له. فهل من نحر القضاء هوالذي سيحييه. من هو العبقري الذي نصح الملك بهذه النصيحة المدمرة للمؤسسات. إضافة إلى أنك اليوم رئيسه في اللجنة فكيف سيقضي القضاء في شكوى أنت طرف فيها. طبعا السؤال الذي يفرض نفسه كيف يقبل المجلس القضائي مثل هذا التصرف؟ ثم إن فيها وزير العدل كعضو قوته مثل أي عضو آخر في اللجنة بينما هو دستوريا المسؤول الأوحد مع رئيس القضاء لاجراء اللازم في القضاء.
4. هل سيادة القانون تشمل الأراضي المغتصبة من قبل علية القوم من أعل عليين إلى الأدنى؟ لقد استنجدت بك يوما قائلا لك إن الملك لايثق بكلامي وأنت عنده ثقة فاخدمه كي يحافظ على عرش أبيه وجده واخدم بلدك بتحذيره من تسجيل أراضي الخزينة باسمه فصعقتني بإجابتك بأننا نحن الذين لا نفهم على جلالته إذ يتصرف بعائدات بيع هذه الأراضي لتمويل مشاريع نفعية للمواطنين ولا يستعمل الأموال لأغراضه الشخصية ! وحتى لو كانت المعلومة صحيحة وهي بكل تأكيد غير صحيحة بل ومضحكة فإن التكييف القانوني للعملية هو اغتصاب أراضي والتصرف بها . فهل ما زلت عند هذا الرأي ؟ وهل مثل هذا الرأي يؤهلك لترؤس مثل هكذا لجنة.
أخي أبو سمير
​لقد قدم الأردنيون العرش للهاشميين لكي يحكموا بالعدل ولم يغتصب الملك عبد الله المؤسس العرش رغم أنف الأردنيين ، ولم يدع أنه يحكم الأردن بموجب سلطة إلهية وإنما بتفويض شعبي اسمه بيعة. فحق الهاشميين في العرش لا ينازعهم فيه أحد ، إنما ننازعهم في كل حق من حقوق وصلاحيات الشعب تم اغتصابها وإلحاقها بالعرش. ويشرفنا كثيرا أن بلدنا يعرف بأنه المملكة الأردنية الهاشمية ونرغب بالمحافظة عليه بهذا التعريف وبالأخص كلما نرى حرصا حقيقيا على السمو به إلى المكانة التي تليق بالإرث الهاشمي المحمدي وهل من إرث أرقى من قول النبي صلى الله عليه وسلم : “والله لوسرقت فاطمة ابنة محد لقطعت يدها” وقوله صلى الله عليه وسلم لمن اغتصب أرضا ” لا يدخل الجنة غاصب ” ونحرص على بلدنا وندافع عنه بكل ما أوتينا من سلمية تبعد عنه العنف من أن ينتقل ليصبح تدريجا الديكتاتورية الأردنية الهاشمية التي ستلغي إن بقيت على هذا المنوال الشعب الأردني لتستقر عند الديكتاتورية الهاشمية!
إننا إذا بقينا على هذا الطريق فليس غبيا بعد ذلك إلا من يتساءل هم سبب نمو البيئة الحاضنة للعنف والتكفير. فمن هو الأبله الذي سيرى في” مجيليس للنوائب ” مقزم لا علاقة له بالسيادة مؤسسة مقنعة للجيل الصاعد ؟ ومن هو الأشد بلاهة الذي يرى في حكومة صورية منزوعة الصلاحيات قد أبعدت عن الولاية العامة أملا لشباب الأردن ؟ نحن حواضن العنف والتكفير لا غيرنا.!
​إذا أردنا للأردن البقاء والنماء بعيدا عن العنف فلا مندوحة من العودة إلى دستور 1952 فورا وإلغاء جميع التعديلات المتغولة التي جرت عليه لصالح العرش ليعود بلدنا مملكة أردنية هاشمية بنظام نيابي ملكي كما أنشئ.
أعتقد أننا نخدم استقرار بلدنا بإجراء حوار علني هو واجب على مثلي ومثلك فلنتق الله في شعبنا وبلدنا ، فإن التقوى وحدها تدلنا على المخارج الآمنة لأن تقوى الله تقدم رضى الله على رضى عبد الله لا أن نبقى نعيش في المسخ الدستوري الذي نعيشه اليوم.
والسلام
م. ليث الشبيلات

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى