رسالة بلا طوابع .. قلت لها / د . غالب الصرايرة

رسالة بلا طوابع …

قلت لها

د . غالب الصرايرة

دعيني اخبرك حكاية الشتاء في وطني ، كانت الارض تتحضر لاستقبالة بكل مفاتنها ، تفتح خزائن القمح ، ترتدي فساتينها المطرزة بالسنابل والدحنون ، تزين ساقيها خلاخل ” السوسنة السوداء ” تنتظر حبيباً أوغل في الغياب والهجران .

مقالات ذات صلة

أخبركِِ …. كل الفقراء في وطني نشئوا على حب المطر ، تتلمذوا في مدرسة المطر ، كيف لا ؟ وهو يذكرهم باحضان أمهاتهم التي كن يدثرهن بدفء الروح ، بحنان أبائهم الذين أفنوا اعمارهم لاوطان سرقها ” حسونة ونورمندي ” ؟

قبل عقود مرت كومضة كنا صغاراً نتشاقى في الحي تحت المطر ، نبتل حتى ترتوي الروح ، نبرد حتى نفقد الشعور باطرافنا ، نضحك حتى الجنون ! ونلوذ الى احضان امهاتنا اخر النهار .
الارض كانت تتراقص فرحاً ، تغدو احلى ، والسماء اصفى ، والدنيا اجمل ، حتى فقرنا القبيح يغدو وسيماً متأنقاً ، ووجهكِ الذي لا اجمل منة … الا الشتاء الاحلى !
ثمة من يذكر رائحة ” البلوط ” الذي كانت أمهاتنا يشوينها على مدافىء الشتاء ، وهناك من يذكر لمة الاصحاب والجيران ، وبابور الكاز الذي كانت انغامة تذبل الجفون .
يارفيقتي ….. وبعد ثلاثين عاماً مازلت اترقب قدوم المطر ، بالامس واثناء هطولة ، التقيتة في ” وسط البلد ” غاضباً صارخاً ، لا عرفتة ولا عرفني ، مر قربي ، وما حياني ، بدأ حزيناً مثلي ، وحيداً يشبة ” عايد والعنود ” ، تساقطت دمعتة على بلادي وغاب في الزحام ؟
الرسالة …. ألم اقل لكِ يارفيقتي أن الوطن تغير بسببهم !

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى