رسالة الى الشهداء…

#رسالة الى #الشهداء

#جمال_الدويري
أتسمعونني أيها الأبرار؟
معشر الشهداء،
ايها الشباب الراحل عنوة، الأحياء عند ربهم يرزقون، يا ابناء الفوتيك والمرقط، المعفّر بتراب الأردن العظيم، الموشّح بسخين الدم زكيه،
اطمئنوا…
فقد صادقنا جميعا، على لقب الشهادة الالهي، الذي مُنحتموه،
وطوبي لكم المراسم وبروتوكول الدفن، وطوابير السيارات والجموع المحتشدة، وسرادقات العزاء وأكوام التمر الفاخر وشلالات القهوة، وربما مئات المناسف والدسم.
وطوبى لكم، خطباء المناسبات، واصحاب الألقاب والمناصب من الذوات، الذين يتسابقون الى الطبطبة على الأكتاف، والكلمات الفازعة (المنكسرة)، حتى رغما عنكم وأهليكم، أمام الحشود.
وطوبى لكم منزلتكم في وجداننا وضمائرنا ومحاجر عيوننا المحمرة او حتى المبتلة، الى ما بعد إغلاق لحودكم بقليل.
وطوبى لكم وابل الصور والفيديوهات التي سوف نصنعها وننشرها ونذيّلها بأسمائكم وألقابكم ورتبكم، وكأنكم نجوم حملة انتخابية في عرس ديموقراطي هزيل متكلف.
على فكرة، مبروك لكم ترفيعكم الميداني للرتبة التالية.
وطوبى لكم ايضا، تذكرنا لكم في الأربعينية، وربما في السنوية، وقد نذكركم ايضا عندما يرتقي لكم زملاء من قائمة مشاريع الشهداء، لنحدّث القائمة، ونكتب بكم النثر والشعر والمسحوب والهجينا وغيره.
وطوبى لكم فزعة الزملاء مشاريع الشهادة، الذين انتدبوا للقبض على قاتليكم، فقَتلوا وقُتلوا، وكأنهم لم يطيقوا عنكم بعدا وصبرا.
وطوبى…وطوبى…وطوبى،
ولكن: أيتامكم وأراملكم وأمهاتكم وآبائكم وأشقائكم وشقيقاتكم وزملائكم وأحبتكم، سيكون لهم رأيا آخر، وتعبيرا آخر، وحزنا ودمعا آخر، حسب اعتقادي الجازم، ولن يعوّضهم عنكم الا عودتكم المستحيلة، ولن يواسيهم ويكفكف ألمهم ودمعهم، الا عدولكم عن الشهادة غير الممكن، ولن يهدهد اطفالكم الا حضنكم ومصروفكم الصباحي وقبلتكم الدافئة وعناقكم الغامر، الذي اصبح بحكم الآية السماوية التي لا يأتي بها الا الأنبياء بتمكين من رب الأراضين والسموات سبحانه، وقد ختمت النبوات، بآخر الأنبياء، عليه الصلاة والسلام.
تنشدون عن الحال بعدكم…هذا هو الحال، أيها الشوامخ، والبيارق وعقال هاماتنا وشرف أمتنا.
ما يواسيني انا شخصيا بفقدكم اخوتي وأبناء عمومتي، انكم في موضع أكثر رحمة وحميمية وراحة وأمانا ورزقا، مما كنتم فيه معنا، وعد عزيز رحيم مقتدر.
فطوبى لكم هذه على الأقل، وشكرا لكم.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى