رحل مشتريها وبائعها!!!

رحل مشتريها وبائعها!!!
ومازالت #الساعة تنبض بالحياة وتقرع وتدق …

#رائد_الأفغاني

ذات يوم من سنة ١٩٧٣إصطحبني والدي رحمه الله على متن سيارته(فولفو موديل١٩٥٤) مثار إعجاب وجدل ودهشة ساكنة مدينة إربد(المدينه) التي كانت في تلك الحقبه وادعه هادئه وململمه إصطحبني المرحوم والدي الحاج أحمد إلى( سوق الحب) إلى محل #ساعاتي قديم مقابل مطعم ابوخليل للحمص والفول سنة ٧٣ من القرن المنصرم ليشتري هذه التحفه والأحجيه الباذخه آنذاك وإستمعت مطولاً لحديث المفاصله والمد والجزر في أن يقوى قلب الحاج أحمد على الإعتماد والشراء وعلى إسلوب وتكتيك الساعاتي البارع في ضبط الوقت والتوقيت لإشهار مزايا ساعته الفارهه وبراعته في تسويقها…
عموماً كانت الناس في تلك الأيام بسيطه وساذجه وكانوا يتعاملون بلغة الطيب والود وما هي إلا لحظات تصافحت الأيدي معلنة نجاح البيعه بمبلغ(؟؟)…
في هذه الأثناء وخلال جولة المفاصله إستهوتني ساعة يد سلبت قلبي ووجداني كستكها جلد لونه أسود وإطارها ستانلس فضي والمينا ابيض ناصع وما إن وضعت ساعة الحائط في كرتونتها ووضعت في كيس ورق كبير وبعد أن دفع والدي الحاج أحمد الثمن وودع الساعاتي وهم بمسك يدي ليصطحبني إلى البيت وبحوزته ماحلم بشرائه نترت يدي من يده وقلت له بكل صلافة وشجاعه (والله غير تشتري لي ساعة اليد الصغيرة تلك) وأشرت اليها بإصبعي مصرا على شراءها لي …
ابتسم الحاج أحمد وقال هانحن إشترينا ساعه كبيره نضعها على الحائط لنراها جميعاً وهي تغنينا عن ساعة اليد الصغيرة وهم بمسك يدي مرة أخرى إلا أنني نترت يدي من يده وأصريت بعزيمة وصلافه ألا أخرج إلا وبيدي ساعة اليد تلك التي سلبت عواطفي ووجداني…
وبعد جدال مطول وتقديم عروض بديله مثل بطعمك إيما من عند (فوزي السلطي) أو بسقيك كاسة عصير من عند الزعبي أو بطعمك نص متر سندويشة فلافل من عند إحمد الفلافل أو حبة معمول بحجم ستيرنج قلاب رمل من عند الطسلق الخ الخ الخ…
إلا أنني رفضت كل تلك العروض وضربتها بعرض الحائط إذ لا بديل عن تلك ساعة اليد التي أحببت وعشقت إستخدمت إسلوب العويل والبكاء والتحزون قليلاً ومع تدخل الساعاتي بالتوقيت المظبوط على ساعة برج(لندن) وبقوله (فرح هالولد ياحجي) وجد الحاج أحمد رحمه الله نفسه بين فكي كماشه
*قاروط وولد عنيد مسحوب من لسانه.
*وساعاتي ماهر بارع بتسويق بضاعته.
أذكر عندما لف الساعاتي الساعة على معصمي بكستكها الجلد لفت مرتين لضعف معصمي مما إضطر الساعاتي لثقبها كي تمسك وتحكم في معصمي…
وأذكر يومها بأني وعندما رأيت الساعة تزين معصمي خرجت فرحا مزدانا وتركت أبي جريا وسبقته إلى الحارة والبيت كي أعتلي منصة مرتفعه في الحارة كي أري ابناء الحارة ساعتي الفارهه الي بتجنن تجنين…
وأذكر يومها من أبناء الحارة الذين التفوا حولي كي يشاهدوا الساعة
إبن فضيه
وإبن نجيبه
وإبن سوريه
وإبن باسمه
وإبن ورده
وإبن فاطمه
وإبن عريفه
وإبن فريده
وإبن ساميه
إلخ إلخ إلخ…
رحم الله الحاج أحمد والساعاتي إذ ذهبوا الإثنين بتوقيت رباني دقيق ومنظبط لساعتهم ومازلنا نحن ننتظر الساعة التي لا مفر منها.

مقالات ذات صلة
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى