نظرية الرئيس / محمد زكريا

نظرية الرئيس

لماذا نحتاج الى رئيس؟ أهي نظرية لابد من وجود الامام أوالرسول أوالسفينة التى تحتاج الى ربان واحد؟
ام لأننا إعتدنا ان يفكر غيرنا مكاننا ويتخذ القرار لأجلنا ؟ وفى الحقيقه لا يعد الرئيس فى الدول المتقدمة كالرئيس او الملك عندنا فى الوطن العربي , فالرئيس فى الدول المتقدمة كالقطار الذى يمشي على القضبان لا يستطيع ان يخرج عن القضبان مهما اختلف شكله او لونه او ايدولوجيته , اما فى الوطن العربي فليس هناك قضبان اصلا ولكن وللاسف يوجد الرئيس القطار والملك القطار, فتخيل معى رئيس كالقطار يمشي بدون قضبان, فيخرج علينا احد الساسه وربما القطار نفسه ليحذرنا من وضع اي عوائق امام القطار فربما ينقلب بما يجره خلفه من شعب, ولم يأتى على خاطرة واحد من رجال السياسه ان يقترح بناء قضبان ابدا , فقط لا تقف امام القطار هى كل ما ينصحون به.

فى عام 1938 خاض هتلر حربا عالمية غير مبرره وغريبه راح ضحيتها اكثر من 80 مليون انسان ما بين قتيل وجريح وساعده فى ذلك موسولينى, ساق هتلر وموسولينى شعب ألمانيا وايطاليا المثقفين الى حدفهم لأنهم لم يكونوا قد بنوا القضبان بعد , ويسبقهم استالين الذى قتل من شعبه اكثر من 20 مليون انسان راحوا ضحية استالين فى القتل غير المبرر ومكافحة الارهاب والتهجير القسرى ومعسكرات العمل فى صحراء سيبيريا المتجمده وهذه الاعداد فى داخل روسيا غير اعداد قتلى الحرب العالمية الثانيه, بل تطور الامر واصبح العالم القديم يحكمه قطارات اكثر غبائا وظلما مثل ماوتسي تونج القطار الصينى الذى امر بقتل العصافير وسخر كل جهود حكومته لقتلها بحجة انها كانت تأكل الحبوب ولم يتمكن اى رجل ان يقنع تونج ان العصافير تأكل الحشرات ايضا فانتشر الجراد بشكل رهيب مما ادى الى وقوع مجاعة أودت بحياة اكثر من 20 مليون صينى فى ذلك الوقت ناهيك عن القتل المباشر ل60 مليون صينى اخرين فى عهده .

ولو بحثنا فى التاريخ البشرى منذ ادم وحتى الان سنجد ان الانسان الذى تهب له السلطه بجميع اشكالها عبر التاريخ نجد انه يستخدمها بشكل غير عادل وان افترضنا العدل فى البعض فإن النظام السائد او اذا تحرينا الدقه اللا نظام السائد سيجعل من السهل ان يأتى ديكتاتورا فى اى وقت بعد ان ساد العدل لفتره قصيره ودائما تكون فترة العدل قصيره جدا مقارنة بتاريخ الظلم منذ الانسان الاول.
وانا لا اقصد بالقضبان هنا الدستور فقط , فالكثير من البلاد صاحبة الدساتير القوية التى تحترم حقوق الانسان, لم يحترم حكامها دستور البلد فى اى وضع واجه فيه الدستور الحاكم فى قراراته, كان يضرب الحاكم بالدستور عرض الحائط . لان المجتمع المحكوم لم يعي ان الرئيس هو موظف عند الشعب وهو المسئول عن تطبيق ما يريده الشعب الذى يحكمه, وهذا طبعا فى حالة ادراك الشعب وفهمه لما هو مفترض ان يكون علية حاكمه. ولكن للاسف الشعوب العربيه جعلت الحاكم هو المنقذ الوحيد والاله العظيم الذى تنتهي فترة أولوهيته اما بموته او بموت الشعب كله احيانا , اذا اراد الشعب الذى يحكمه الديكتاتور التملص منه فإنه قد يقتل شعبه بأكمله ان تطلب الامر وهذا ما نراه الان فى سوريا مثلا, لان الحاكم صدر له شعبه ان هذه هى بلده ملكه كالطفل الذى يلهو بلعبته المصنوعه من البلاستيك فلا مجال ان تتمرد هذه اللعبه على الطفل لانه سوف يحطمها فى اى وقت إن اراد , وفى الحقيقه كل الحلول العمليه لقلب هذه النظريات المتعمقه فى عقولنا نحن العرب تبوء بالفشل دائما ولذلك اقترح ان نضع فى مناهج الاستنباط العقلى, التي يفهمها العقل من التفكير المنطقى, ان هذا الرجل الذى يجلس على الكرسي ما هو الا بشر مثلنا وفى الغالب يكون اقل من معظم الشعب ذكائا وبذلك يخرج جيلا جديدا يفهم ان القطار يحتاج دائما لقضبان لكى يسير عليه والا فسيحطم الجميع .

هذا بالنسبه للشعب ولكن كيف نقنع الحاكم ان البلد ليست بلده بمفرده وانه شخص واحد انتخبه شعبه ولم يقع على عرشه من السماء, مبدأيا يجب ان يفهم ان الذى يجلس عليه ليس عرشا وانما هو اسوء مكان قد تجلس عليه يوما لانك ستحاسب على كل ما فعلته فى مدتك ,وان يستوعب ان الشعب فهم وايقن واصبح الامر جزء من فكره وارادته انه موظف يقوم بأداء مهمه رسمية طلبت منه ليس الا, هو مجرد واجهة رسمية للشعب تطبق ارادة الشعب وليس ارادة الرئيس بشكل خاص وليس تعبيرا عن حزب ينتمى له او رأيا اراده هو دون اللجوء للمنطق والعقل
وفى الحقيقه نظرية الرئيس او الاحتياج لمن يتخذ القرار عنا نظرية سائده حتى فى اوساط المثقفين العرب الذين ينتظرون ان يذهب فلان الديكتاتور ليروا ما سيفعله فلان الديكتاتور الاخر.
او يجلس احدهم فى الليل متأملا شاردا فى رجل سيأتى ليخلص الشعب من هذا الرجل الذى قتل وخرب وفعل كل الفساد الموجود فى بلده, ولكنه وفى النهايه نفكر فى شخص يخلصنا مما نحن فيه يصنع الوقت من هذا الشخص ديكتاتورا حتى لو ابتدأ الامر بالتعبير عن العشق ووصف الشعب بنور عينيه اذا تطلب الامر.
وسرعان ما نخضع جميعا وننخدع بالأجواء الحنونه حتى نقع فى شرك الرئيس الجديد أو الملك وهكذا الشعوب العربيه كلها تدور فى نفس الحلقة المفرغة.
ولذلك فإن الحل من وجهة نظرى هو الغاء منصب الرئيس او الملك تماما من جميع الدول العربية بشكل مؤقت لا يتجاوز الألف عام حتى يتم تعديل الاوضاع بشكل نهائى وتدريب الشعوب العربية على فكرة الاحتياج لوجود المسار قبل الشروع فى انتخاب القطار.
ويستبدل النظام الرئاسي بأحد الانظمه الحاكمه التى تعرفت عليها الشعوب التى استقلت بحريتها واصبح جزءا من ارادتها التخلى عن الاحتياج لأى ديكتاتور يضر بظلمه اكثر مما ينفع, كالنظام البرلمانى او النظام المجلسي الذى يجعل السلطه التشريعية والتنفيذية بيد البرلمان وبذلك نكون ارسينا فى وعي شعوبنا العربية ديموقراطية تعدد اصحاب القرار حتى اشعارا اخر.

اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى