قصة
#رحلة طويلة
د. عبدالله البركات
كانت #الحافلة قد توقفت لحمل بعض الركاب الجدد وتنزيل آخرين. نزل عدد كبير. يستغرب من راقب المشهد ان بعض من نزل كان قد ركب قبل قليل. وبعضهم لا يذكر المراقب متى صعدوا الحافلة. بعض من نزل كانوا رجلا ونساءا هرمين وآخرون شبابا وشابات في ريعان العمر. بعضهم أطفالا كانوا قد صعدوا منذ محطة واحدة.
لم يصعد الى الحافلة الا أطفال رضع ملفوفون بأغطية بيضاء وهم يصرخون فتتلقاهم ايدي ركاب اخرين في الحافلة وكأنهم على موعد معهم فيحتضنونهم بحب وحنان.
تسير الحافلة وتراقب ما يحدث فيها فتتعجب منه. كانت الصرعات ﻻ تتوقف بين #الركاب. قلة هم من كان يجلس بهدوء وسكينة. الأكثرية يتصارعون. كان مع كل واحد منهم بعض الحاجات الأساسية اول الأمر. الا ان الوضع مختلف تماماً الان. فقد انتزع أحدهم غطاء راكب آخر وحيث انه لم يكن بحاجته فقد وضعه تحت رجلية.
اما صاحب الغطاء الأصلي فقد أمضى الليل يرتجف من البرد وينظر الى غطائه المسلوب. كان قد حاول استعادته ولكنه تلقى لكمة استنزفت بعض دمائه فعاد الى مكانه كسير القلب مقهورا. في تلك اللحظة توقفت الحافلة لتنزيل بعض الركاب وتحميل آخرين. تفاجأ المراقب ان الراكبين الذين كانا يتصارعان قبل قليل كانا ممن طلب إليهما النزول. حاول سالب الغطاء المقاومة ورفض النزول الا ان سائق الحافلة رمقه بنظرة اخرسته فانصاع للامر فأخذهما احد الركاب الى مقصورة في مؤخرة الحافلة.
لم يقاوم صاحب الغطاء المسلوب بل نظر الى خصمه بسخرية وتشفي. كان هناك شخصان آخران قد فرغا تواً من عراك بالأيدي على بعض الطعام. كان مضيف الحافلة قد وزع الطعام قبل قليل. كانت الحصص كافية الا ان البعض انتزع حصة جاره او شيئا منها. لم يستطع معظم الركاب استهلاك كامل حصته.
اما من انتزع حصة جاره فقد اضطر لإلقائها تحت الأقدام بعد ان شبع مع ان صاحبه بقي بلا طعام . مرة أخرى توقفت الحافلة ونزل عدد من الركاب بعضهم يمشي على عكازه واخرون وان كانوا بكامل قواهم فقد اضطر سائق المركبة ان يجره الى المقصورة التي في مؤخرة الحافلة وهو ينظر الى ما تركه قبل ان ينتفع به.
دخل عدد من الاطفال الى الحافلة ملفوفين بالقماش الابيض تتلقفهم ايدي ركاب اخرين فيقبلونهم ويحتصنونهم بحب وحنان.
اما من كان عليه ان ينزل من الحافلة فقد كان يُحمل أولاً الى المقصورة الصغيرة في مؤخرة الحافلة فيجرد من ثيابه وحليه واوسمته وكل متاعه ويُلبس قطعة من القماش الأبيض ثم يلقى به خارج الحافلة.