رثاء … الى روح العم المرحوم سلمان بركات القيسي
محمود الشمايلة
انا لله وانا اليه راجعون..
اعتذر عن حضور جنازتك…
يا عم ..
لست مشغولا بأشياء ذات قيمة او ذات أهمية .
الأمر لا يتجاوز رغبة جامحة في استعادة تلك المواعيد التي اتفقنا عليها مسبقا او ربما احاول جاهدا أن استعيد كل ما أعرفه عنك ….
الحقيقة تغيبت عن حضور الجنازة لأسباب تتعلق بحجم قدرتي على الوداع الأخير….. حتى لو كانت نظرة على جثمانك الطاهر حين يودع على أرصفة الرجوع إلى الله …..
اعترف لك أنني عاجز تماما عن فعل ذلك …
في شارع الخضر حيث تقبع دكانك وهي محطة الانتظار للعابرين من هنا وحين تفتح قلبك قبل أن تفتح الدكان وثمة العديد من الأصدقاء في انتظارك … للعلم يا عم كنت اكذب عليك لم يكن وصولي متأخرا ……كنت اقول ذلك حتى لا تشعر بالذنب … حقيقة الأمر انني كنت اول الواصلين وأول المنتظرين وأكثر المتعبين ….
حسنا : ماذا لو احتسينا الشاي .
لا شك أن الأمر سيبدو اكثر دهشة فيما لو اجتمع أصحاب الدكاكين المجاورة في دكانك…
دكانك صغير ..
صغير جدا .
ولكن قلبك الكبير قد اتسع كل اوجاعنا وهمومنا وحتى تفاصيل حياتنا المهملة …
يا صديقي….
كم سارت خطاك في دروب الوطن …وانت تركض في سبيل إصلاح ذات البين …..
أعلم أن كل شيء قد ضاق بك حتى دكانك الفقير ، سيارتك التي شاخت قبل أوانها…
من يبكيك اكثر ..
انا ، ام سيارتك ام جدران الدكان التي الفت احزانك والامك..
من يبكيك اكثر ..
لهفة مظلوم قد لجأ إليك بعد الله لترفع الظلم عنه
ام مقهور قد سلب ماله فلم يجد غيرك لعلك ترفع يد الظلم عنه…
يا عم ….
لست وحدي من يبكيك .
لست وحدي من سيواجه مرارة الفقد.
لست وحدي من سيعبر شارع الخضر دون أن يحتسي بعض من الوجع على باب الدكان ..
لست وحدي من غاب عن جنازتك…
حين تفقد الامكنة بعض من روحها يصير الكون جنازة فاخرة
فهل حدث ان تبكي جدران دكاكين شارع الخضر كما الآن؟!!.
هكذا تأتي الدهشة مع الموت..
فمثلك… ان دفن في قبر ……. يبقى حيا في قلوبنا .
ادعو الله ان يتغمد روحك الطاهرة بواسع رحمته ويرزقك الفردوس الاعلى …….
وانا لله وانا اليه راجعون …