“ربح البيع” / سامي السلوادي

“ربح البيع”

بدأت الدماء تنزف بكثرة من كافة أنحاء جسمه النحيل، لم يكن قد تجاوز الـ١٦ ربيعاً ، قد أثارته الاقتحامات اليومية للمسجد الأقصى على يد قطعان #المستوطنين، والاعتداءات المتكررة على #الحرائر #المرابطات #المقدسيات، لم يُعوِّل على #الجيوش العربية المُنشغلة في ذبح أبناء شعبها للحفاظ على قدسية كرسي وطربيزة الحاكم، عند عودته من مدرسته التي كان متفوقاً فيها، لم يكن مقتنعاً بتفاهات كتب #التاريخ المزور، ولا بمعادلات #الحساب التي تقبل القسمة على اثنين، ولا تلك #التفاعلات الكيميائية الوهمية، وبعد أن ألقى حقيبته المدرسية، توجه نحو زقاق مدينته المقدسة، التي عشقها منذ نعومة أظافره، أثارته أعلام الكيان #الصهيوني، وقطعان من المستوطنين ذوي الأصول الأوروبية يجوبون الحرم القدسي بحراسة جنود #الاحتلال الصهيوني المدججين بالسلاح، عند وصوله إلى منزله الذي يُعد من أقدم منازل #البلدة القديمة والذي هددت سلطات الاحتلال بهدمه بحجة عدم الترخيص!
سارع نحو والدته، قبَّل يدها، طالباً منها الرضا، لم ينزع ملابس المدرسة، فقد كان مستعجلاً ، لا وقت لتبديلها، توجه خلسة نحو درج المطبخ، استل سكيناً، أخفاها تحت قميصه الأبيض، صلى قبل مغادرته المنزل ركعتين، أطال فيهما السجود، كانت عزيمته تناطح الجبال من شدتها، كان يدرك تماماً المصير الذي اختاره، لم يكن متردداً، كانت مشيته تقطرُ شموخاً افتقده زعماءُ العالم، وصل الى نقطة تجمع لجنود الاحتلال الصهيوني، أولائك المحتلين الغرباء المرتزقة الذين أذاقوا أبناء جلدته الويلات، تذكَّر ألاف #الأسرى القابعين خلف قضبان الاحتلال، تذكَّر خذلان #الأنظمة، وخنوع #الشعوب، وخذلان #العالم لقضية بلده العادلة، أدرك أن الحل ليس بيد “قوات التحالف العربي”، ولا بيد “سيد القلق العالمي” بان كي مون الذي على سرواله لا يمون، لم ينتنظر “عواصف حزم”، عاصفته هو من سيُطلقها بيده، توجه مسرعاً تجاه أحد جنود الاحتلال الصهيوني، انقض عليه كما ينقضّ الأسد على فريسته، غارزاً “سكين المطبخ” في جمجمته، لحظات وبدأت #رصاصات الغدر من جنود الاحتلال تُمطر جسده الطاهر ، زينت الدماء الزكية قميصه الأبيض، تمدد على الأرض وقد أحاط به جنود الاحتلال، كان كالأسد الجريح وقد أحاطت به الضباع، وفي حين كان أولائك الجنود يطلقون الصيحات باللغة العبرية، كان صديقنا يلفظُ أنفاسه الأخيره، لكن أنفاسٌ ليست كالأنفاس، كان على الرغم من إستقباله لـ١٧ رصاصة، بعدد بوابات المسجد الأقصى الذي عاش لأجل الدفاع عنه، لم تفارق الابتسامة وجهه الجميل، كان ينظر للسماء، رأى بأم عينيه كل من سبقوه في الشهادة من أصدقائه، رأى كل من قرأ عنهم ولم يلتقِ بهم ، رأى #العياش و #الياسين و #مهند_الحلبي و #الرنتيسي و #الدوابشة، رأى قوافل من الشهداء، تمنى معانقتهم، أَسَره بياض وجوههم، ناداه صوت جميل من السماء يقول له “ربح البيع” “ربح البيع”، أغمض عينيه عن فناء الدُنيا، وفتحها في جنان الأبدية، بجوار ربه.

#انتفاضة_القدس
#سامي_السلوادي

مقالات ذات صلة
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى