#رئيس_الوزراء الذي نريد. . !
#موسى_العدوان
عندما لم يجد #الأردنيون رئيس وزراء يلبي طموحاتهم في العقود الأخيرة، أرغب أن أعود إلى أكثر من خمسة عقود سابقة، لأستذكر صفات رئيس وزراء وحيد، لبى #طموحات الأردنيين في ذلك الحين، ألا وهو #وصفي_التل – رحمة الله عليه – لنرى كيف مارس مهام منصبه، كما أوردها الكاتب الأجنبي ” آفي شلايم ” في كتابه بعنوان ” أسد الأردن” ، وأقتبس :
” عمل الملك حسين طيب الله ثراه، على إبدال رئيس الوزراء بهجت التلهوني بوصفي التل في كانون الثاني 1962. وكان التل يمثل جيلا جديدا من السياسيين: شباب متعلمين ومؤهلين ومتفانين في خدمة وطنهم الأردن.
وقد كان وصفي رجل دولة بارز، وذا شأن كبير في السياسة الأردنية في عقد الستينات. فهو لم يمثل جيلا جديدا فحسب، بل مثل محاولة جديدة، لإيجاد طريق ثالث بين الاشتراكية العربية من جهة، وبين الرجعية العربية عتيقة الطراز من جهة أخرى. وقد وُسمت حكومته الأولى من أحد الباحثين كعلامة بارزة في تاريخ الأردن الحديث.
بدأ التل وهو في الحادية والأربعين من عمره بالطريقة التي ارتأى متابعتها : هجمة جبهوية على المصالح المستترة، وعلى ثقافة الفساد السياسي في الأردن. كان ملتزما بإصلاح داخلي جذري، وأحاط نفسه بوزراء من المثقفين الشباب، ومن تكنوقراط متعلمين، لم يسبق لأي منهم أن تولى حقيبة وزارية، ولا أبتلي بوصمة الفساد. كانت تلك أفضل حكومة عرفها الأردن، ومثلت صعود الكفاءات العلمية المؤهلة.
ودار حديث طويل عن ” جبهة جديدة ” تحت هذا الشعار، فوضعت الحكومة خطة السنوات السبع الطموحة، بغرض زيادة الناتج المحلي بنسبة 70 % في غضون عشر سنوات من خلال نظام “الرفاه الرأسمالي”. ورمت الخطة إلى توسيع مصادر العائدات، وتقليص النفقات على الجيش، وجعل الدولة قابلة للحياة اقتصاديا.
وجرت اندفاعة حيوية لإعادة تنظيم الأجهزة البيروقراطية، وتسييرها مع الخط العام واجتثاث الفساد. فأعفى 700 موظف مدني من مناصبهم، وأحل نظام الفحص التنافسي مكان المحسوبية.
كما جرت محاولة وضع الجيش تحت الإدارة المدنية، ولكنها جوبهت بمقاومة شديدة. وعُقدت الانتخابات في تشرين الثاني 1962، وامتازت بـأنها الأكثر حرية في تاريخ الأردن. وتمخض عن تلك الانتخابات الأكثر نزاهة برلمان أفضل تمثيلا وأكثر إصلاحا. وجرت معاملته كشريك للحكومة بدل أن كان “طق حنك”. وأطلق سراح معتقلين سياسيين، ومُنحت الصحافة درجة كبيرة من الحرية. وإذا ما أخذت هذه الأمور مجتمعة، فإنها مثلت بداية ثورة سلمية في الشؤون العامة الأردنية.
كان التل واحدا من مجموعة صغيرة من رؤساء الوزارات الأردنيين الذين استطاعوا الوقوف بجرأة في وجه الملك، في شؤون السياسة الخارجية كما في السياسة الداخلية. وكان يعتقد – وهذا ما حاول إقناع الملك به – على أن السياسة الخارجية الأردنية، يجب أن تستند إلى المصالح الوطنية الأردنية، وليس إلى المصالح العائلية الصرّفة. وكانت العلاقة مع العراق نقطة هامة في هذا السياق “. انتهى الاقتباس.
* * *
التعليق :
1. يُلاحظ مما سبق أنه عندما تولى وصفي التل رئاسة الوزراء لأول مرة، كان يتمتع بشخصية قيادية فرضت ولايتها في الحكم بكل ثقة، فقام بتغيير أسلوب #إدارة_الدولة، وعرْض أفكاره على الملك بصراحة وجرأة.
2. اختار وزراءه من الرجال الذين لم يلطّخ #الفساد سمعتهم، بل حارب #الفاسدين في شتى مواقعهم في الدولة، وأجرى انتخابات نيابية نزيهة، أنتجت نواب وطن لا نواب مصالح أو نواب ” موافقون “.
3. ظهر الرئيس وحكومة الوطنية على الساحة الأردنية قبل خمسة عقود، فلماذا ننتكس اليوم ولا نستطيع اختيار رئيس وزراء، يمتلك الولاية العامّة ويلبي طموحات المواطنين في وضع مصلحة الوطن والمواطنين على رأس أولوياته.
4. رئيس الوزراء الذي نريد، هو من ينتخبه الشعب من أبناء الحراثين، الذين يشعرون بمعاناة الفقراء، ويتمتع بشخصية قوية، تمكنه من الدفاع عن أمن الوطن بمختلف مساقاته، بعيدا عن الضرائب المجحفة بحقه. ويستطيع أيضا أن يواجه أبناء الشعب، ويتحدث إليهم بلغة بسيطة ووعود قابلة للتحقيق، وليس رئيسا ينزل عليهم بالبراشوت، حاملا شهادات وثقافات أجنبية، دون معرفة بقضايا الناس.
ختاما، أتمنى أن يُطلق الملك، في أوائل العقد الثالث من هذا القرن، ثورة إصلاحية بيضاء، تشمل جميع مناحي الدولة، وعلى رأسها رئيس وزراء منتخب، يضعنا في مصاف الدول المتطورة . . !
التاريخ : 28 / 2 / 2023