رؤية أردوغان للسلام العالمي

رؤية أردوغان للسلام العالمي
موسى العدوان

في كتابه ” رؤية للسلام العالمي ” الذي صدر بطبعته العربية عام 2012 يقول رجب طيب أردوغان ما يلي وأقتبس :

” كلما قرّبت تكنولوجيا الاتصالات المسافات بين البلدان صغُر كوكب الأرض وتقزّم، فقد نجحت التكنولوجيا في أن تنقل العالم كله في لحظة واحدة، إلى داخل غرفة من أربعة جدران في منزلنا. فرأينا السماء وقد دنت من الأرض وكنّا نحسبها قديما بعيدة لا تطالها الأنظار، وعبرنا الجبال الشاهقة وكنا نظنها لا تُعبر، وطويت لنا السهول الممتدة المترامية الأطراف، والتقت شطآن المحيطات، وتكشّفت لنا أسرار البحار والأنهار.

ولكن وبكل أسف، فعلى الرغم من هذا العالم الذي تقاربت أرجاؤه، وأنحاؤه، فإن أفقنا قد ضاق، وسُفّهت طموحاتنا، وتقزّمت أحلامنا، وانحسرت زاوية أنظارنا، وذبُلت آمالنا، وعجزنا عن تطوير تصورات جديدة للمستقبل. وبدأنا نشاهد الكون ونتابعه بعدسات صغيرة ضيقة. وأصبحنا نتحسّر على فقدان كبار الكتاب والشعراء والمفكرين والفلاسفة والفنانين.

وانعكست ولاسيما في الأعوام الأخيرة، كل القيم العالمية التي أنتجتها البشرية، وطورتها على مدار القرون. فأصبح من يمتلك القوة يملك الحق، وباتت الغلبة للأقوى، فسُحق المظلوم وانداس الضعيف تحت الأقدام. وأصبحت المنفعة قانونا للتعامل بين الناس، وتآكلت القيم الواحدة تلو الأخرى.

إن الحضارة اليوم في أمس الحاجة إلى ثورة أخلاقية متسقة مع طبيعة الإنسان. فقد واجهت المجتمعات التي يُطلق عليها مجتمعات حديثة في النصف الأول من القرن الواحد والعشرين أزمة أخلاقية كبرى، وسيقت من جرائها في الغالب نحو حافة الهاوية.

إن وجود الأسلحة النووية وتلوث البيئة وتعرضها للدمار، والزيادة السكانية في المناطق الواقعة تحت خط الفقر، كل هذه الأمور إمّا ستذهب بالمعالم الحضارية، وتصب جام غضبها على كل شيء لتطال الأغنياء أيضا، وإمّا أن كوكبنا سيصبح مكانا يستحيل العيش فيه بما كسبت أيدي الناس. وبالبيان القرآني يمكن أن نقول : أتهلكنا بما فعل السفهاء منا ؟

إننا أبناء هذا الكوكب ويجب علينا الحفاظ عليه بكل ما يحمله على ظهره من بشر ومخلوقات. ولهذا وكما ذكرت مرارا وتكرارا، علينا أن ننشر إحساسا ووعيا بحضارة جديدة، تشمل الكوكب كله وتشارك فيه البشرية كلها. لقد أصبحنا بحاجة ماسة لإطلاق مبادرة جديدة ” للنضال من أجل الفضيلة “، لتوقف كل هذه التطورات السلبية، وتعيد هيمنة القيم الإنسانية مرة أخرى، وتؤدب الظالم وتأخذ بيد المظلوم، وتساند صاحب الحق وتقف في وجه الظالم.

إننا اليوم بحاجة إلى انتفاضة بروح جديدة، وإلى توسيع مداركنا ورؤانا الفكرية، وإلى إثراء مخيلاتنا. وعلينا أن نطور سياسة لحضارة عالمية جديدة، تجعل الإنسان أولويتها الأساسية، وترتكز على فهم أخلاقي عالمي جديد “. انتهى الاقتباس .

* * *
التعليق :

· نعم هذا هو الزعيم العظيم أردوغان الإسلامي الوسطي المنفتح، يتحدث عن الاستفادة من وسائل الاتصال الحديثة التي قرّبت أرجاء العالم لبعضها، ولكننا ضيقنا أفقنا وسفهنا طموحاتنا.

· كما طالب برفع الظلم عن المظلومين وإعطاء كل ذي حق حقه، وأكد بأن حضارة اليوم بأمس الحاجة إلى ثورة أخلاقية تتسق مع طبيعة الإنسان.

· أردوغان حوّل تركيا من دولة فقيرة إلى دولة صناعية في مقدمة دول العالم، وحول شعبها من حالة الفقر إلى حالة الرخاء، وأظهرها كقوة إقليمية يُحسب لها الحساب.

· ولهذا نجد الدول الكبرى تناصبه العداء، محاولة الانتقام منه كلما سنحت لها الفرصة. ولكن هذا الزعيم الوطني الأمين الذي يتغطى بحب شعبه، يواصل مسيرته لرفعة بلاده، دون التفات لتصرفات الحاقدين.

· لقد سبق للشعب التركي أن تصدى قبل بضع سنوات، لمن حاولوا الانقلاب على زعيمهم أردوغان بدعم أجنبي، ولكنه أفشل محاولتهم، مستنيرا بتوجيهات زعيمه التي كان يبثها من خلال الهاتف الخلوي، وهو معلق بطائرته في السماء. هكذا يكون التفاف الشعب حول قائده، والإخلاص الحقيقي له في وقت المحن.

ختاما أقول : حفظ الله أردوغان وأمده بالقوة والعزم، لمواجهة مؤامرات المستعمرين والمتواطئين معهم، من خونة الأوطان والشعوب.

التاريخ : 27 / 10 / 2020

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى