ذيبان و الابراج العاجية

ذيبان و الابراج العاجية
ضيف الله قبيلات

حول هذا الموضوع وقبل مئة سنة تقريبا كتب جبران خليل جبران يقول:

جاء المساء وشعشعت الأنوار الكهربائية في صرح الغني ووقف الخدم على الأبواب بملابس مخملية وعلى صدورهم الأزرار اللامعة بانتظار مجيء المدعوين.

صدحت الموسيقى وتقاطر المترفون والمترفات تجرهم الخيول المطهمة نحو ذلك القصر ودخلوا يرفلون بالملابس المزركشة يجرون اذيال العز والخيلاء.

مقالات ذات صلة

قام الرجال ودعوا النساء للرقص فوقفن واخترن الأعزاء وأصبحت تلك المقصورة روضة تمر بها نسيمات الموسيقى فتتمايل إزاهرها تيها وإعجابا.

انتصف الليل فمد الخدم سفرة عليها كل ما لذ وطاب من اللحم والفاكهة ودارت الكؤوس على الجميع فلعبت بنت الكرمة في عقولهم حتى العبتهم.

جاء الصباح ليفرق شمل المترفين والمترفات بعد أن أضناهم السهر وسرقت عقلهم الخمرة واتعبهم الرقص واذبلهم القصف فذهب كل منهم إلى النوم في فراشه الناعم.

بالمقابل كان عندما غابت الشمس قد وقف رجل يرتدي اثواب الشغل أمام باب كوخ عائلته وقرع وفتح له ودخل وحيا مبتسما ثم جلس بين صبية يصطلون بقرب النار، بعد برهه هيأت زوجته العشاء وبعد مرور الهزيع الأول من الليل استسلم الجميع للنوم.

جاء الفجر فهب العامل الفقير من نومه فتناول طعام الإفطار مع زوجته وأولاده ثم قبلهم وغادر إلى عمله في الحقل ليسقيه من عرق جبينه ليطعم أولئك الأغنياء المترفين والمترفات الذين قضوا ليلة البارحة بالرقص والقصف والخلاعة.

طلعت الشمس من وراء الجبل وثقلت وطأة الحر على رأس العامل الفقير وهو يعمل في الحقل، اما أولئك المترفون والمترفات فما برحوا خاضعين لسنة الكرى الثقيل تداعب اجفانهم في صروحهم الشاهقة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى