ذبحتونا: دراسة “الأردنية” شابها الخلل وتغييب لأسئلة العنف الجامعي وأسس القبول

سواليف

توقفت الحملة الوطنية من أجل حقوق الطلبة “ذبحتونا” أمام الدراسة التي أجراها مركز الدراسات الاستراتيجية التابع للجامعة الأردنية وشملت كافة طلبة الجامعة الأردنية. ورأت ذبحتونا أن الدراسة شابها بعض الخلل مما كان له أثر كبير في مصداقية نتائج بعض الأسئلة، إضافة إلى قيام واضعي الدراسة بتجاهل طرح عدد من الأسئلة ما يعكس خضوع واضعي الأسئلة لتوجهات إدارة الجامعة ما أثر على المصداقية العلمية للنتائج ، وذلك على الرغم من اعتبار الحملة أن مجرد إجراء هذه الدراسة الواسعة وشمولها لكافة الطلبة أمر إيجابي وكان من الممكن أن يكون أكثر إيجابية لو تم تجاوز هذه الأخطاء.
وتالياً أهم ملاحظات الحملة على الدراسة:
1_ اشتملت ورقة الاستبيان التي تم توزيعها على الطلبة على خانة لكتابة الرقم الجامعي، وهو الأمر الذي يلغي المبدأ الأهم في الدراسة وهو سرية الإجابات. وقد أثرت كتابة الطلبة لأرقامهم الجامعية على طريقة إجايتهم على بعض الأسئلة.
فعلى سبيل المثال، كيف يمكن للطلبة الإجابة بمصداقية على سؤال حول تعاطي المخدرات أو تناول الكحول؟!! وماذا يتوقع واضعو الأسئلة أن يجيبهم الطالب على أسئلة حول أساتذتهم والمستوى الأكاديمي لهم أو سؤال حول تقييمهم وهم يعلمون أن أسماءهم معروفة لدى إدارة الجامعة.
ومما يدلل على حجم الخطأ الذي ارتكبه مركز الدراسات، تراجعها عن إلزامية تعبئة الرقم الجامعي وذلك بعد أن قام أكثر ثلاثة أرباع الطلبة بتعبئة الاستبيان مكتوباً عليه رقمهم الجامعي.
2_ لم يقم معدو الدراسة بوضع أي أسئلة تتعلق بالعنف الجامعي وأسبابه ومدى مشاركة الطلبة وانخراطهم فيه. ونعتقد أن هذا الملف من أهم الملفات التي علينا أن نطلع فيها على رأي وتوجهات وأفكار الطلبة حولها خاصة أننا أمام ظاهرة حقيقية تغزو جامعاتنا وتضرب العملية التعليمية برمتها.
3_ كما غاب تماماً أي ذكر لعملية رفع الرسوم الجامعية ومدى تأثيرها على الطلبة وخياراتهم الجامعية. إضافة إلى عدم ذكر الدراسة لتصنيف الطلبة وفقاً لآلية قبولهم، حيث يسهم هذا التصنيف في فهم عدد من الأسئلة التي تم طرحها من مثل السؤال حول القدرة المالية لتغطية نفقات التعليم. كما يساعد ذلك على رؤية حجم الانعكاسات السلبية لأسس القبول المشوهة في جامعاتنا عامة وفي الجامعة الأردنية بشكل خاص.
4_ أظهرت الدراسة أن 59% من طلبة الجامعة الأردنية يرون أن النظام التدريسي في الجامعة لا يشجع على الابداع، ويوافق 56% أن العملية التعليمية تركز على تنمية الجانب المعرفي على حساب الجوانب الاخرى في شخصية الطالب. وتدلل هذه النتيجة على أن النظام التدريسي في الجامعة لم يستطع الارتقاء بالطالب وتشجيعه على الإبداع وهو الدور الأهم للتعليم الجامعي. ما يستوجب إعادة النظر في هذا النظام التدريسي والوقوف أمام الأسباب التي أوصلت الطالب إلى هذه القناعة.
5_ أظهرت الدراسة أن ثلث طلبة الجامعة الأردنية (33%) لم يختاروا التخصص الذي يدرسونه وإنما إما بناءً على رغبة الأهل أو أن معدلهم في الثانوية العامة ألزمهم بذلك. وتعكس هذه النتيجة غياب التوعية الكافية لطلبة المدارس وخاصة في المرحلة الثانوية في التعريف بالتخصصات الجامعية وآليات اختيارها.
6_ أظهرت الدراسة وجود نسبة كبيرة من عدم الرضا عن البنية التحتية من مرافق صحية ومختبرات وقاعات وغيرها (45% غيرر راضيين عن القاعات فيما 40% غير راضين عن المختبرات، و50% غير راضين عن المرافق الصحية و38% غير راضين عن الخدمات الصحية). ويعود ذلك للارتفاع الكبير في أعداد الطلبة داخل الحرم الجامعي في مقابل عدم قيام إدارة الجامعة بإجراء توسعات كبيرة في البنية التحتية لاستيعاب هذه الأعداد المتزايدة من الطلبة.
7_ أظهرت الدراسة رفض الطلبة لتوزيع الجدول الدراسي على أربعة أيام بدلاً من خمسة. حيث أفاد 46% بأنهم ضد توزيع الجدول الدراسي على أربعة أيام، مقابل 41% أفادوا بأنهم مع توزيع الجدول الدراسي على أربعة. وهو الأمر الذي يتناقض مع التوجهات السابقة لإدارة الجامعة التي كانت تدفع باتجاه جعل الدوام الجامعي أربعة أيام وليس خمسة. كما أظهرت الدراسة أن خُمس طلبة الجامعة الأردنية (20%) يعتقدون بأن الوقت الإضافي من توزيع الجدول الدراسي على أربعة أيام بدلاً من خمسة سوف يتم استغلاله في البحوث والدراسات.
8_ أظهرت الدراسة حجم انتشار ثقافة الواسطة والفساد، فقد وافق 43% من الطلبة على أن تحقيق التقدم في الحياة لا يعتمد على الجهد الشخصي بل على مكانة الأسرة في المجتمع الأردني.
9_ أظهرت الدراسة أن نصف طلبة الجامعة الأردنية غير مهتمين بالسياسة (31% يعتبرون أنفسهم ليسوا مهتمين و19% غير مهتمين على الاطلاق). وتدلل هذه الأرقام الكارثية على غياب الوعي الطلابي بأهمية المعرفة السياسية ومدى ارتباط واقع ومستقبل الطالب والوطن بما يحدث في الأردن وخارجه.
وأشار ثلثا الطلبة (66%) إلى أن أياً من الاتجاهات والتيارات الفكرية القومية أو اليسارية أو الإسلامية أو الوطنية أو الليبرالية تمثل وجهة نظرهم، بينما أفاد 12% من الطلبة أن الاتجاه الفكري القومي العربي هو الأقرب الى آرائهم وأفكارهم. فيما أفاد 11% أن الاتجاه الفكري الإسلامي هو الأقرب الى آرائهم وأفكارهم، فيما أفاد 7% بأن الاتجاه الفكري القومي الأردني هو الأقرب الى آرائهم وأفكارهم، بينما حظيت الاتجاهات الاشتراكية والليبرالية على نسبة لم تتجاوز ال2%، وهي ذات النسبة التي حصل عليها تنظيم داعش وجبهة النصرة!!
واعتبرت الحملة الوطنية من أجل حقوق الطلبة “ذبحتونا” أن هذه الأرقام تعطينا مؤشرات خطيرة حول واقع الوعي السياسي لدى الطلبة، وسياسة التجهيل التي تمارسها الحكومة وإدارات الجامعات الأردنية، فلدينا نصف طلبة الجامعة الأردنية غير مهتمين بالعمل السياسي، وثلثي الطلبة لا يرون في كافة الاتجاهات السياسية والفكرية ما يمثلهم!!.
وترى حملة ذبحتونا أن منع العمل السياسي داخل الحرم الجامعي، وعدم السماح للأحزاب بالعمل في الجامعات إضافة إلى الذهنية العرفية السائدة في مجتمعنا. كل هذه العوامل ساهمت بظهور هذه النتيجة في الدراسة.
10_ أظهرت الدراسة عدم قناعة الطلبة بوجود ديمقراطية حقيقية في الأردن، حيث يعتبر الطلبة أن مستوى الديموقراطية في الأردن هو (5.3) على مقياس متدرج من 0-10. إلا أن الأسوأ كان في عدم قناعة الطلبة بأن الديمقراطية ملائمة للأردن!! حيث لم تتجاوز درجة ملائمة الديموقراطية للأردن في قناعة الطلبة ال (5.7) على مقياس متدرج من 0-10. وكنا نتمنى من واضعي الدراسة أن يستفيضوا في هذا البند كي نطلع على الأسباب التي تجعل الطالب يضع هكذا نتيجة صادمة تجعله يؤمن بعدم ملاءمة الديمقراطية للأردن.
إننا في الحملة الوطنية من أجل حقوق الطلبة “ذبحتونا” نرى أن هذه الدراسة الهامة رمت حجراً في الماء الراكد، وذلك على الرغم من كل تحفظاتنا التي سجلناها عليها. كما نرى ضرورة إجراء دراسات مشابهة في باقي الجامعات مع تلافي الأخطاء التي وقعت بها هذه الدراسة وعلى رأسها الطلب من الطلبة كتابة أرقامهم الجامعية، وتغييب قضية العنف الجامعي وأسس القبول الجامعي.
كما تطالب الحملة بإقامة ورشة عمل لدراسة نتائج هذه الدراسة وخاصة ما يتعلق بغياب الوعي السياسي والانتماء الفكري، حيث أظهرت الدراسة مدى خطورة الوضع الذي وصل إليه طلبتنا في هذا الجانب والذي جعل نسبة من يعتبرون الليبرالية أو الفكر الاشتراكي يمثلهم مساوية لمن يعتبر أن داعش وجبهة النصرة تمثلهم.
إن تغييب ومنع العمل السياسي والحزبي في الجامعات يؤدي بالضرورة إلى غياب الوعي السياسي والفكري، وتعزيز النعرات الإقليمية والمناطقية، كما أن غياب الوعي السياسي والفكري يجعل من الطالب صيداً سهلاً لأصحاب الأفكار الإرهابية والمتطرفة. لذلك على حكومتنا الرشيدة ومؤسساتنا التعليمية جميعها إعادة النظر بكافة القرارات والتشريعات المتعلقة بتقييد حرية العمل السياسي والحزبي داخل الحرم الجامعي.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى