
#ذاكرة_الأصابع..
مقال السبت 22-2-2025
الورق لا يخذل أبداً، يبقى الى جانبك وفوق رأسك وقرب قلبك، منذ أن ولدت #الأبجدية فوق كراستك الأولى حتى خواتيم وصية آخر العمر ، #الورق لا يخذل أبداً، وأنت على #سرير_المرض ، أو غرفة السجن ،أو في ” #سكن_الغربة ” ، حتى عندما يخون اللسان تعابيرنا ومشاعرنا ، وتمطر #العيون دمع العجز أو يحاصر المرض قدرتنا على النطق …يبقى الورق لساننا ..
كان #الدفتر بالنسبة لي “النزيل” الأوحد الذي يفهمني ، يستوعبني ، يستمع الى كل شجوني وأبث له حزني وأرقي ، كنت أوقظه من “خُرج”ِ السرير آخر الليل ، فلا يتأفف أو يتذرّع بالنعاس ، ولسان حاله يقول لي :لم أنم بعد ، قل ما شئت فأنا أسمعك..حمّلني ما تريد فأنا أتحمّلك، صحيح أنني صديق من ورق لكنني أحمل كلاماً ثقيلاً كالجبال ، اكتب مرافعتك من جديد، مارس مهنتك وأن كنت مسلسلاً بالحديد، اكتب ففي فيك هناك المزيد..
كان الدفتر وسادتي ، وغطائي ،ورغيف خبزي #آخر_الليل ، الدفتر هو الصديق الوحيد الذي سُمح له أن يقضي محكوميته معي في نفس الغرفة كــ” #اولاد_قضية ” ، رغم أنه بلا سجل ولا رقم في مركز الاصلاح ، لا بل أنه بالأصل بلا تهمة ولا حكم سوى أنه صديقي..!!
منذ خروجي أحاول الكتابة على لوحة مفاتيح “اللاب توب”، فأكتشف أن اصابعي نسيت مواضع الحروف والأزرار، نسيت أين حرف “الذال” وأين الشدّة ؟ بعد ان زالت الشِّدة أين اشارة الاستفهام والتعجّب و”شحطات” الجمل المعترضة، ناهيك عن تنبيهات البطارية بأن صبرها بدأ ينفد ، كأنها تقول لك لا وقت للتفكير ولا للبلاغة ولا للصور البيانية ، فترتبك تعابيري فوق بلاط المفاتيح المرصوفة كقبورٍ “غربية” وتموت..
يبدو أن للأصابع ذاكرة أيضاً، تفقدها جزئياً أو كلياً ان لم ينشطها وفاء الشريك النظير ..لذلك .. عدت من جديد لعالم الورق..هنا على الدفتر … بيننا #خبز_وملح ، #حبر_وتناهيد ، دمع وعرق، هنا الكثير من #الدفء والحِلْم والقليل من #النزق..
#أحمد_حسن_الزعبي
Ahmed.h.alzoubi@hotmail.com