ذات شتاء / إسراء رشاد ارجوب

ذات شتاء

أيعقل بهذه السرعة أن تفوق قدرتك القلبية قدرتك العقلية
وتصير تهذي بهلوسات قلبية بلا وعي
تماما كالمسافر في بلاد الغربة لا يعرف الطريق إلى أن سيؤدي وكيف سيمضي
هل سيكون محاطا بزهر الياسمين أم محاطا بطلقات مسدس عنيف !

هذا الغريب في بلاد غير بلاده هو أنت
تشتهي لمة العائلة ولا تجدها وتشتهي خبزا ساخنا ولا تجده وتشتهي حضنا دافئا ولا تجده ….
لكن ما يميزك عن هذا الغريب هو أنك في ظل هذا التخبط والبعثرة تعيش أجمل أيام سنينك …..
تعيش وكأن كل يوم مع من تحب هو آخر يوم في حياتك …..
تحيا وبعينيك لمعة براقة كنجمة عالية في السماء …..
تستيقظ في الصباح بلا منبه فنبض القلب وجمال الاحساس منبه من نوع آخر
تصير صباحاتك أبهى ….
ومساءاتك أقرب ما يكون إلى الخيال .

تمضي بي الأيام في طريق من شدة جماله ليس هناك متسع للتفكير فيما إن كان الطريق مسدودا أم لا !
فينتهي بي المطاف وانا جالسة في ذاك المقهى الذي لطالما انتظرته هناك رغم علمي أنه لن يأتي ! ففطرة انثوية تحتويني بأن لا أفقد الأمل مهما حييّت وأبقى على انتظار من أهوى على أمل اللقاء ! فشعور الانتظار رغم ألمه لكنه سينتهي يوما ما وسنلتقي لكن عندما أكون قد تجاوزت عمر الزهور في حياتي وتكون أنت قد تجاوزت زهر الشيب ونور الوقار في بياضه …..

مقالات ذات صلة

أتذكر يوم قلت لك سيفوتني القطار وأنا جالسة على ذاك الكرسي الخشبي أنتظر اهتمامك قبل حبك !
يومها أهديتني ورقة نقدية ما زلت أحتفظ فيها إلى هذه اللحظة مكتوب عليها تاريخ لن أنساه ما حييّت وكنت قد نقشت فوقها كلمة من أربعة حروف كانت كفيلة بأن تمدني بالطاقة لأنتظرك أربعين سنة عجاف !

هذه هي حياتي مزيج من لهب الحب ودفء الكلمات ورونق له رائحة زهر الأوركيد لكنها لا تخلو منك ومن جحودك ومن قسوتك ومن دفء محياك الجميل …

فيا حبا استنزفني
واستهلك حبر قلمي
ونال ذاك القسط الكبير من قلبي ومن عقلي ….

أتدري ما زلت انتظرك هناك حيث التقينا ذات مرة في يوم شتاء جميل كنت أرتدي معطفا أخضر اللون كلون غصن الزيتون وشالا عاجيا من الصوف المصنوع يدويا كنت قد لففته على رقبتي من شدة البرد …..
وكنت أنت في معطفك الأسود جالسا على الرصيف المقابل لطريقي ولم تعرني من الاهتمام ما يضاهي جمال معطفي الأخضر الشتوي فرجولتك الشرقية لم تسمح لك يوما أن ترنو بقربي ولو لثوان !

اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى