د. النفيسي .. أتوقع موجة ثورية جديدة تداهم أنظمة الثورات المضادة

سواليف

قطر والسعودية تتفهمان الدور التركي ولا تقصران في دعمه بجميع الأوجه

تركيا مربوطة بمعطيات داخلية وإقليمية وعالمية والحزب الحاكم أعاد لها هويتها الإسلامية

التبعية المغالية وغياب “المشروع العربي” أديا إلى ما نحن فيه الآن من تفرق

الاتفاق النووي “5+1” تعهد بحماية الدور الإيراني في المنطقة

الأنظمة العسكرية تتحمل مسؤولية تاريخية إزاء ما يحدث في واقعنا

النخب العربية مسؤولة جزئياً عن عجزها عن الاندماج مع الشعوب

الأمريكان هم من هندسوا للانقلابات العسكرية في المنطقة

التقريب بين المذهبين “دعابة سمجة” لم أعد أصدقها ولا أنصح بتصديقها

بوتين خاضع لتأثير ألكساندر دوجين الداعي لحروب تعجل بنهاية التاريخ

التدخل الروسي في سوريا يعكس رؤى دوجين المطالب بعودة روسيا العظمى

الرؤية الإيرانية لمصر ترتكز على أبحاث إستراتيجية تُطبخ داخل مؤسسة “الأهرام”

أشاد الدكتور عبدالله النفيسي المفكر السياسي الكويتي البارز بالدعم القطري والسعودي لتركيا، لكنه اعتبر أن الدور التركي مربوط بمعطيات تركية وإقليمية وعالمية، مضيفا أن الحزب الحاكم نجح في تغيير صورة بلاده في الخيال الإقليمي ونهض بالاقتصاد نهضة مشهودة وأعاد لتركيا هويتها الإسلامية. وقال النفيسي في حوار مع “الشرق” إن الاتفاق النووي وفر غطاء “أورو — أمريكي” لتحركات إيران في المنطقة.

وكشف النفيسي عن الرؤية الإيرانية لمصر والتي اعتبرها ترتكز على دراسات وأبحاث إستراتيجية يتم طبخها داخل مؤسسة “الأهرام”، كما أن خارطة الطريق للسياسة الإيرانية تجاه مصر، يساهم في وضعها خبراء عرب وفرس استطاعت إيران تجنيدهم واستشارتهم والاستفادة من خبراتهم.

واعتبر النفيسي التاريخ العربي الطويل من الهزائم العسكرية أمام الحملات البريطانية والفرنسية والأمريكية نتيجة التجزئة المضادة للوحدة وغياب المشروع العربي والالتزام به.

وحمل النفيسي الأنظمة العسكرية المسؤولية التاريخية إزاء ما نحن فيه، لافتاً إلى أن الأمريكان هم من هندسوا للانقلابات العسكرية في المنطقة. وأوضح أن الرئيس الروسي يخضع لتأثير ورؤى ألكساندر دوجين المعروف بآرائه المتطرفة، والذي يطالب بعودة روسيا كقوه عظمى عبر الحروب المستمرة لتسريع نهاية التاريخ.

وإلى نص الحوار…

* كيف تنظر لواقع المنطقة حاليا خاصة بعد مواجهة الربيع العربي بثورات مضادة؟

** بكل تأكيد ثورات الربيع العربي 2011 هددت الأنظمة العربية وكانت الثورة المضادة ردا طبيعيا ومتوقعا، حدث هذا في كل مكان تحركت فيه مفاعيل الثورة، من حيث هي آلية تاريخية عالمية تلجأ إليها الشعوب عندما يستحكم الانسداد السياسي، ولو كنت مكان الأنظمة السياسية التي تقود الثورات المضادة لعجلت بالإصلاح السياسي قبل أن تدهمها موجة ثورية جديدة أراها — لا محالة — قادمة.

* ما الذي أدى -برأيك- لما نحن فيه حاليا من اضطرابات وتقاتل واستنزاف لمواردنا؟

** الذي أدى لهذا تاريخ عربي طويل من الهزائم العسكرية أمام الحملات البريطانية والفرنسية والأمريكية وتاريخ طويل من التجزئة المضادة للوحدة ومن التبعية المغالية المضادة للاستقلال الناجز وغياب المشروع العربي والالتزام به، فلا يمكن أن يخرج العرب مما هم فيه إلا عبر مراجعة شاملة وإعادة هيكلة عملاقة لن تكون ممكنه إلا بهزيمة الغزو الإيراني في العواصم الأربع التي ذكرتها سابقا.

الأنظمة العسكرية

*هل تعتقد أن الأنظمة العسكرية تسببت في جزء كبير مما نحن فيه؟

** طبعا.. فمرحلة النظم العسكرية 1950 — — 1989 تتحمل -دون شك- مسؤولية تاريخية إزاء ما نحن فيه، ومن يقرأ مايلز كوبلاند (لعبة الأمم. Game of Nations) لا يخفى عليه هندسة الأمريكان للانقلابات العسكرية في المنطقة في تلك المرحلة.

الدور الروسي

* كيف تنظر للتدخل الروسي في سوريا؟ وهل سيكون مستقبلا بديلا عن التدخل الأمريكي؟

**يجمع المراقبون لسياسات بوتين Putin كلها أنه واقع تحت تأثير أفكار ورؤى أستاذ العلوم السياسية ذائع الصيت ألكساندر دوجينAleksandr. Dugin (مواليد 1962) وهومعروف بآرائه المتطرفة، والذي يطالب بعودة روسيا كقوه عظمى عبر الحروب المستمرة لتسريع نهاية التاريخ end of times حسب مقولة دوجين، ويحتل دوجين مقاعد استشارية كثيرة داخل المؤسسات الصلبة في نظام بوتين، وخاصة المؤسسات العسكرية والأمنية بحيث ظهر أثر توجهات دوجين على هذه المؤسسات، رافق ذلك قابليات بوتين الشخصية وخلفيته الأمنية يوم كان مسؤولا مرموقا في جهاز الاستخبارات الروسي KGB.

هكذا نفسر الدور الروسي في سوريا: بسط النفوذ على سواحل البحر الأبيض المتوسط “ساحل سوريا” والعنف الذي رافق ذلك يتناغم مع رؤى دوجين المطالب بعودة “مجد روسيا” حسب مقولته.

* لماذا قصرت النخب العربية في الاندماج مع شعوب المنطقة؟

** النخب العربية وموضوع اندماجها مع الشعوب مشكلة مركبة، فالنخب مسؤولة جزئيا عن ذلك، والسلطة السياسية مسؤولة جزئيا عن ذلك، وحركة “الفقهاء” تاريخيا كانت تلعب دورا هاما في ترشيد القيادة السياسية وإن كانت في بعض المراحل تقوم بتبرير انحراف “الخلفاء” عن الجادة الصحيحة، والنخب العربية اليوم تمر بنفس المحنة وهي تراوح بين السيف والمنسف.

* كيف تنظر للدور التركي وهل سيكون امتدادا للعثمانية؟

** الدور التركي مربوط بمعطيات تركية واقليمية وعالمية، فالحزب الحاكم التركى نجح في تغيير (صورة) بلاده في المخيال الاقليمى ونهض بالاقتصاد نهضة مشهودة وأعاد لتركيا هويتها الاسلامية التى خطفها انقلاب أتاتورك 1923، وعلى الصعيد الاقليمى نشطت القيادة التركية ممثلة بالرئيس رجب طيب أردوغان بالتواصل مع العالم العربى والاسلامى وفُتحت أسواق عربية واسلامية جديدة لتركيا.

ولقد زارنا في الخليج والجزيرة العربية الرئيس أردوغان وكان محط الترحيب وقبول من دول التعاون الخليجى وكلنا أمل أن تتوثق العلاقات بيننا وتركيا لتتبلور في ميثاق استراتيجى يخدمنا جميعا..

أما عالميا فظهر أن نجاحات تركيا لم تلق ارتياحا أورو — أمريكى فبدأت الجهود من هذه الأطراف لاعاقة (تركيا الجديدة) فمن وضع العراقيل أمام تركيا في عضوية الاتحاد الأوروبى EU الى تحريك منظمة غولن القابع في بنسلفانيا لتدبير محاولة الانقلاب الفاشل في الصيف الفائت وما تمخضت عن أضرار كثيرة لتركيا، هذه هى المعطيات التى تتحكم بالحراك التركى الاستراتيجى وتشجيع الغرب الأورو أمريكى للمنظمة الشيوعية الكردية PKK وتحريضها على تركيا دليل كبير على التواطؤ الأورو — أمريكى ضد تركيا، ولا شك بأن هذه الظروف والعوائق تؤثر على قوة ونجاعة الدور التركى وحجمه في سوريا، لكن الحمد لله من الواضح أن السعودية ودولة قطر تتفهمان الدور التركى ولا تقصران في دعمه بكل الأوجه.

التهديد الطائفي

* دكتور عبدالله أيهما أكثر تهديداً للمنطقة.. التمدد الطائفي أو الجماعات المتشددة مثل داعش وغيرها؟

** الذى يهدد المنطقة حاليا هو تحديدا (الغزو الايراني) فايران — بغطاء أورو — أمريكى — (5+1) تمكنت من تحقيق السيطرة على أربع عواصم عربية (بغداد ودمشق وصنعاء وبيروت). وما يسمى بالاتفاق النووى بين ايران والغرب يتعهد هذا الاتفاق (بحماية الدور الايرانى في المنطقة) مقابل تخلى ايران عن (البديل النووي) ويبدو أن هذا الترتيب الاستراتيجى يروق لملالى طهران وعتاة الغرب الأنجلو سكسونى في أوروبا والمسيحيين الصهاينة Christian Zionists في الادارة الأمريكية.

* هل الطموح الايرانى نابع من توجه سياسى أم أيديولوجي؟

** الطموح الايرانى سياسى قومى محض، يتخذ من التشيع حصان طروادة لتسهيل الاختراق الايرانى للحصن العربى السني، وايران ترفع راية التشيع لتجنيد الشيعة العرب في أجندتها لكنها مستعدة للتضحية بهم متى اقتضت مصلحتها الاستراتيجية ذلك، فايران لمن يفحص هذا الملف تشكل عمليا خطرا كبيرا على الشيعة العرب خاصة.

الأمن القومي الخليجي

*بعد انضمام الحشد الشعبى للجيش العراقي.. هل تعتقد أنها خطوة مُهددة للامن القومي الخليجي؟

** ما يسمى ب (الحشد الشعبى) هو في حقيقته (حشد شيعي) يتكون من جماعات ارهابية شيعية تم تدريبها في ايران ما قبل 2003 ثم انتقل تدريبها الى الأراضى العراقية بعد الغزو الأمريكى للعراق في ذلك العام.

وهذه الجماعات الميليشياوية التى يديرها (الحرس الثورى الايراني) تنطلق من منطلقات طائفية محضة وتختزن كراهية تاريخية لكل ماهو عربى سني، وممارساتها في محافظات العراق وسوريا تعكس ذلك من حرق الأطفال والنساء والشيوخ العرب السنة أحياء لمن المؤشرات المرتبة، واستهدافها حتى لقبور الموتى، ونبشها في سوريا كما حدث لقبر خالد بن الوليد واشعال النار فيه، هذه الميليشيات كثيرا ما تقترب من حدود الكويت وتهدد أمن الكويت والله المستعان.

*من خلال تجربتكم السابقة في تقريب المذهبين.. هل يمكن أن تكون هناك علاقات ودية غير متصارعة في المرحلة المقبلة بين العرب وايران؟

**طالما استمر نظام الملالى في ايران وما يتفرع عنه من مؤسسات صلبة خشنة (كمثال الحرس الثوري) ومنظمات ارهابية فاقعة الارهاب تخضع مباشرة لمكتب مرشد الثورة (مثال 15 خرداد) من المستحيل أن تنبثق علاقات تعاونية أو حتى تعايشية بين العرب وايران، أما حكاية (التقريب بين المذاهب) فمن خلال التجربة الشخصية أقول: سمعت هده الدعابة السمجة مرارا وتكرارا من محمد تسخيرى ولم أعد أصدقها ولا أنصح غيرى بتصديقها.

اختراق مصر

* هناك تقارير تتحدث عن اختراق ايرانى للمجال الدينى والثقافي والسياسى المصري.. كيف تنظر لهذا الأمر؟

** الرؤية الايرانية لمصر ترتكز على دراسات وأبحاث استراتيجية يتم طبخها من داخل مؤسسة (الأهرام)، وخريطة الطريق للسياسة الايرانية تجاه مصر، يساهم في وضعها خبراء عرب وفرس استطاعت ايران تجنيدهم واستشارتهم والاستفادة من خبراتهم.

فدائما تطلب ايران من مصر أن تسلمها المساجد التى بنيت في العهد الفاطمى (الشيعي) لكى تعيد ترميمها، طبعا ايران تطمع من وراء ذلك أن تشرف على هذه المساجد لكى تخترق مصر العربية السنية وتبدأ دعوة التشيع من خلال هذه المساجد، وكثيرا ما تطرح ايران على مصر استعدادها للترحيب بألوف الطلبة المصريين للدراسة في (قم) وحوزاتها وذلك للتأثير الدينى والثقافي على هذه الأعداد الكبيرة من الطلبة كما يحدث مع الطلبة البحرينيين واللبنانيين والعراقيين والسوريين..الخ

توقعات المستقبل

*ما أبرز توقعاتك للمرحلة القادمة؟

** أنا بطبعي واقعي وبراجماتي ولست مثاليا حالما، وأتوقع أن هذه (البلية) التى تعيشها الأمة لا يمكن أن تدوم وتستمر ، فالظروف الموضوعية وتطورات الحالة الاقليمية وما يعترض النظام الدولى من منعطفات خطيرة وتجارب الحرب العالمية الأولى والثانية وأنظمة الردع العسكرى النووى بين القوى الدولية ستفرض على العالم حالة من التعايش co — existence لتفادى الانفجار وسوف تشملنا هذ الحالة بما تعنيه من النزاعات الخفيفة المحدودة في المنطقة (فلسطين والعراق وسوريا واليمن كأمثلة).

أجرى الحوار – عبدالحميد قطب
“الشرق”

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى