مؤشرات #التعليم_الجامعي انعكاس لأزمة #المجتمع وحالة الموات التي يتجه لها ..
كتب الدكتور عبدالحكيم الحسبان
حينما أردد وأكرر عبارة ان المنظومة باتت تعيش ربع الساعة الاخير، بل ان المنظومة باتت تشهد الدقائق الاخيرة في ربع الساعة الاخير هذا، فليس ذلك من باب المبالغة أو التفنن في الصياغات الانشائية والبلاغية.
لن تجد مؤشرا لعمق أزمة مجتمع ما أو لحالة الموات التي يتجه لها، أفضل من مؤشرات تعليمه #الجامعي، فالجامعة والمدرسة هي المجتمع نفسه.
ولن تجد مؤشرا على حجم التعفن الذي أصاب #الجامعة من تكرار قيام بعض الجهات بنشر اعلانات الاستعداد لكتابة أبحاث ورسائل ماجستير ودكتوراه مقابل لقاء مالي.
فنشر الاعلانات يشير الى حجم الكارثة التي حلت بنا؛ فهو يشير الى ازمة عميقة على صعيد فهم المجتمع وهضمه لمعنى العلم والبحث العلمي واهدافهما، كما يشير الى ازمة عميقة على صعيد فهم النخب والقيادات الجامعية نفسها لمعنى العلم والبحث العلمي ودوره في انتاج الدولة واعادة إنتاجها.
وهو يشير ايضا الى ازمة في القضاء ومؤسسات الدولة التي لا تجد سببا يدعوها للتحرك عند نشر اعلانات كهذه، بل انني سأقول ان انتشار السرقات العلمية والركوب المجاني في البحث العلمي الذي ساد الجامعات في العقدين الأخيرين دون اي عقاب او رادع، بل وصل الامر حد تولية من مارس سرقة الابحاث والركوب المجاني مواقع اكاديمية متميزة، هو ما شجع على عدم اعتبار السرقات العلمية على أنها جريمة وعلى انها تشير الى أمر جلل أو خطب كبير. فلم نسمع حتى الان عن قيام الشرطة او المدعي العام ولو لمرة واحدة بفتح تحقيق في واحدة من هذه القضايا.
كما لم نسمع عن اي احراء ولو مرة واحدة في حوادث قيام مكاتب الاجرام الجامعي هذه بكتابة رسالة ماجستير لطالب مقابل اجر مادي. والانكى ان كل اطراف عملية سرقة الابحاث وانتحالها لا يجدون اي ادانة او احتقار من قبل المجتمع الكبير باعتبارهم مجرمين وفاسدين، فهم يرتدون ملابس انيقة ويحظون بنظرات الاعجاب.
تدمير التعليم الذي يعني حتما وحكما تدمير المجتمع والدولة لا يستحق أي تحرك ولا يمثل اولوية، فقط اخراس السن الشرفاء ومطاردة المثقفين واصحاب الرأي هو الشغل الشاغل لهذه المنظومة.
لا يمكن تخيل حجم الاجرام والتعفن الذي اصابنا واصاب تعليمنا حين تتجرأ مكاتب واشخاص على الترويج والاعلان عن استعدادهم لارتكاب جرائم مقابل أجر مادي .
تخيلوا أن يقوم أشخاص ومكاتب بالاعلان عن تقديم خدمة القتل لمن يود التخلص من غريم له مقابل أجر مادي، وتخيلوا أن تقوم مكاتب بالاعلان عن تقديم خدمة هتك العرض والاغتصاب لمن يود إيذاء جارة أو زميلة له في العمل مقابل أجر مادي. تخيلوا اعلانات من قبيل؛ هل تشعر بالانزعاج من جارك وتود التخلص منه؟
هل تشعر بالغضب من زميلة جميلة قامت بصدك عدة مرات حينما راودتها عن نفسك وتود رؤية من يغتصبها وهتك عرضها انتقاما منها لرفضك؟ لا داعي ابدا للتردد، فقط اتصل بهذا الرقم ونحن سنقوم بكل ذلك عنك.ما ترتكبه هذه المكاتب هو أخطر بكثير من حجم الجرم الذي قمت بسوق أمثلة عليه.
البحث العلمي هو من صنع تفوق الغرب واليابان والصين. تدمير البحث العلمي وممارسة السرقات العلمية والترويج لها هو من يخلق لك جيشا من حاملي الدكتوراه ومن حاملي رتبة الاستاذية ممن يحصلون على افضل الرواتب ويشغلون اعلى المواقع القيادية ولكن كثير منهم في واقع الأمر هم ناهيك عن انهم جهلة ويديرون المنظومة بجهلهم، فهم ايضا لصوص في اخلاقياتهم وضمائرهم.
وعليه، فماذا ستكون النتائج والمخرحات لمؤسسات وهياكل مؤسسات تدار بل يعاث بها فسادا من قبل جهلة ومن قبل لصوص!!!!