ديوانية تناقش مدى توفر مكان للشباب في سوق العمل

سواليف
عمان- ناقشت مبادرة ” ديوانية ” في مناظرتها ألـ 22 عدة مواضيع متعلقة بمدى توفر مكان للشباب في سوق العمل. وتناظر في هذه الديوانية، التي عقدت في مركز هيا الثقافي، د. عمر الرزاز الذي كان مؤيدا للطرح ورئيس تحرير صحيفة الغد المسؤول جمانة غنيمات، والتي كانت ضد الطرح.
وتهدف “ديوانية” الى خلق فضاءات حرة ومفتوحة للحوار من خلال تنظيم مناظرات علنية في اماكن غير تقليدية، وذلك لنقل الحوار السياسي والاجتماعي من الصالونات النخبوية الى الشارع.
وبين الرزاز في حديثه أن الاقتصاد العالمي يتحول من اقتصاد مبني على الموارد الطبيعية إلى اقتصاد مبني على الموارد البشرية، مؤكدا ” لدينا موارد بشرية وهي بخير، لكن ليس لدينا خطة اقتصادية تعيد هيكلة الاقتصاد ككل”.
وأشار إلى أهمية الاستثمار في الموارد البشرية، والذي سيؤدي إلى قيامها بتصدير الخدمات المنتجة في الأردن إلى الخارج بدلا من تصدير الموارد البشرية الكفؤة.
وفي السياق ذاته قالت غنيمات أنه “علينا أن نقف وقفة مراجعة لقطاع التعليم في الأردن”، وأضافت أنه يجب أن يكون هناك خططا للتدريب والتطوير للشباب تمكنهم من اختراق سوق العمل وتجعل مهاراتهم تتناسب مع متطلبات فرص العمل التي يطرحها القطاع الخاص” مشيرة إلى وجود خريجين جامعيين لا يعرفون كيفية كتابة سيرة ذاتية!
ودعت غنيمات إلى ضرورة الموازنة ما بين الحاجة إلى الحصول على الشهادة الجامعية التي يفرضها المجتمع على الشباب، وفرص العمل المهنية التي يمكن للشباب العمل بها. وتساءلت “كيف يمكن أن يعمل الشاب كمواسرجي مثلا دون وجود مؤسسة مسؤولة عنه تقدم له الضمان الاجتماعي والتأمين الصحي”.
وخلال ادارته للمناظرة تساءل مؤسس “ديوانية” الدكتور سامي حوراني: هل يمكن أن يكون هنالك شهادات بكالوريس في المجالات التقنية؟
وحول هذا الموضع رأى الرزاز أن ذلك ممكنا وأن هذه الشهادات هي حق للشباب الأردني.
وقال أن المشكلة الأساسية هي في قصور السياسات الحكومية عن توجيه الشباب ووضع سياسات تلبي متطلباتهم في العمل وخلق مستقبل أفضل لهم.
وضرب مثالا على تجربة حصلت في قطاع الزراعة في الأغوار، عندما اشترطت أوروبا على مصدر للخضروات والفواكة أن تكون العمالة العاملة في المزارع محلية، ووجدوا عندها استعداد الفتيات للعمل، وتم اعطائهن في البداية راتب قدره 150 دينار شهريا، إلا أنه مع تطوير السياسات التي عملت على زيادة الانتاجية وتقديم الحوافز للعاملات، أصبحت رواتبهن حوالي 450 دينار شهريا.
وفي نفس السياق ضرب الرزاز مثالا آخر على تجربة “الكول سنترز” في الهند والتي تطورت منها خدمات وصلت إلى البحث والتطوير، رائيا وجود الفرصة ذاتها للشباب الأردني اليوم.
وحول ثقافة العيب في العمل التي تقف عائقا امام عمل الشباب قالت غنيمات أنه ” الشاب الأردني لن يعمل في بعض القطاعات بسبب ثقافة العيب، ولذلك يجب خلق فرص عمل تناسب عقلية الأردني”
واتفق الرزاز مع غنيمات في “أن ثقافة العيب اصبحت شماعة في المجتمع”، وقال أنها فعليا ظهرت منذ 20 أو 30 عاما، “اذ كان أجدادنا بناؤن” وفق الرزاز. وأضاف أن ثقافة العيب “جاءت بعد مرحلة النفط وتوسع القطاع العام بشكل كبير”.
وبين أن الحصول على وظيفة في القطاع العام أصبحت حلم العديد من الشباب.
ورأى أن الحل لتخطي ثقافة العيب يكون من خلال وضع استراتيجية لذلك وتنفيذها، إذ يمكن الحصول على نتائج في بضع سنوات، ودعى إلى مأسسة العديد من الأعمال المهنية وتوفير الحوافز والضمان الاجتماعي والتأمين الصحي للعاملين لتصبح هذه الأعمال مقبولة لدى الشباب.
من جهتها بينت غنيمات أن 66% من القوى العاملة هم من حملة شهادة التوجيهي فما دون، وتساءلت في هذا الصدد “كم وظيفة مكتبية يمكن خلقها لهؤلاء!”.
ودعت غنيمات إلى ضرورة اجراء تصليحات للتشريعات وبنية الاقتصاد والثقافة المجتمعية، وشددت قائلة “يجب معالجة التشوهات ليحظى الشباب الأردن بفرص عمل لائقة، وليكون منتجا في بلده”.
وبينت أن موضوع العمل في الحياة لا يرتبط فقط بوجود وظيفة، بل هو متعلق بـ “كيان أي انسان يحلم ببناء مستقبل له ولأولاده، ويسعى لأن يكون فردا منتجا في المجتمع”

وحول نسبة الشباب في المجتمع وأهمية أن يكون منتجا، قالت غنيمات أن الشباب يشكل 65% من المجتمع، وأنه فعليا مضت 5 سنوات على “الفرصة السكانية” ولم يتحقق شيء، وهي فعليا تتحول إلى “قنبلة سكانية” اذا لم يتم اصلاح الأمور.
وتطرقت المناظرة إلى المشاكل التي يواجهها الشباب بما يخص ارتفاع تكاليف المعيشة وتدني الأجور. وفي هذا السياق قال الرزاز أن كل شاب وفتاة يحلمون باقتناء سيارة لعدم وجود نظام حقيقي للنقل العام، وأضاف أن المتزوجات أيضا يعانين من عدم وجود دور تؤمن الحضانة لأبنائهن الصغار في ساعات عملهن، مما يضطرهن إلى ترك العمل في حال قدوم طفل جديد، فضلا عن عدم وجود منهجية لتدريب الشباب وإعادة تأهيلهم في عدة مجالات.
ودعى في هذا السياق إلى وجود “برنامج وطني شامل” يساعد الشباب على الانتقال من الحياة الجامعية إلى الحياة العملية، رائيا أن هذا البرنامج يجب أن يبدأ منذ أيام الدراسة الثانوية.
وبما يخص موضوع الريادة قال حوراني أن 25% من الشباب لديهم رغبة في خلق عملهم الخاص، وسأل غنيمات عن رأيها في الموضوع.
من جهتها قالت غنيمات أن وجود الرغبة لا يعني بالضرورة تحقيقها، وأشارت إلى أن الريادة هي طريق لتكريس فكرة المشاريع الصغيرة والمتوسطة.
وأضافت “لدينا نواة جيدة للريادة إلا أنه علينا اعادة تعريف الريادة وربما تدريسها في الجامعات”. وأشارت إلى اهمية بيان الفرص الريادية للشباب، وضربت مثالا على الخطابات التي قالت قبل سنوات أن الأردن يصبح مركزا للعمل في مجال التكنولوجيا، مشيرة إلى أن ذلك “لم يتحقق حتى الآن”.
وأضافت غنيمات ” لا نستطيع أن نطلب من الشباب الأردن أن يكون رياديا اذا لم يتم تهيئة الظروف له”.
وحول أهمية الاستثمار في خلق فرص عمل للشباب قال الرزاز أن “فرصتنا الوحيدة اليوم هي من خلال التركيز على الصناعة وتصدير الخدمات والاستثمار فيهما”.

أما غنيمات فقالت أن “الاستثمار هي الوصفة السحرية التي باستطاعتها حل جميع المشاكل الاقتصادية” موضحة ان الاستثمار يعني الاستثمار بكافة حجومه ويعني أيضا الاستثمار المحلي والعربي والدولي.
ودعت إلى ضرورة دعم الاستثمار والمستثمرين بدلا من فرض الضرائب العالية وغياب تطبيق القوانين التي تحمي المستثمر والتي أدت في كثير من الأحيان إلى هروب المستثمر.
وفي سياق طرح الحلول لمشكلة الشباب وفرص العمل المتاحة، دعا الرزاز إلى ضرورة تنفيذ ثلاث برامج وطنية، الأول هو برنامج خدمة الوطن الذي يبدأ مع الطلبة منذ وجودهم في التعليم الثانوي بحيث يمكنهم هذا البرنامج من اكتساب مهارات عديدة، والثاني برنامج للتدريب العملي في القطاع الخاص، أما الثالث فيكون عبر دعم الأعمال الناشئة للشباب من خلال برامج البنك المركزي أو برامج أخرى.
وقال “لا نستطيع القول بأنه ليس هناك فرص عمل للشباب، اذ أن هذا القول يزيح المسؤولية عنا وعن الحكومة وعن القطاع الخاص”.
واختتمت غنيمات حديثها “علينا أن نعترف أن الوضع القائم لا يخلق مكان للشباب في سوق العمل” موضحة أن المسؤولية مشتركة بين الجميع من البيت إلى المدرسة إلى الجامعة إلى تشوهات الاقتصاد والسياسات الحكومية والقطاع الخاص وحتى الاعلام”.
وقالت “أتفق تماما مع الخطط التي اقترحها الرزاز، حيث لدينا خطط جاهزة للتنفيذ الفوري، إلا أن المشكلة تكمن في عدم توفر إرادة العمل والتغيير ومعالجة التشوهات، وتطبيق سياسة التشغيل التي وضعها الدكتور عمر الرزاز، وارادة تغيير الاختلالات القانونية واختلالات سوق العمل”.
وأضافت “أخشى أن تكون المرأة من يدفع الثمن الأكبر لموضوع غياب فرص العمل، حيث أنها من تعمل بأجر أقل من الحد الأدنى للأجور”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى