#دين-رقمي
أيسر الحرافشة
يذهب من تاهوا في الدنيا و نسوا الآخرة إلى المواقع الإلكترونية و الحسابات و هناك تمتلك أحدها في خمسة دقائق و بكل سهولة بل و لربما يستقطبونك “بس تعال و ما عليك” إلى جعلها معرض جميل يضع فيه كل شيء مثالي و الأقرب إلى المثالية هو الركن الروحاني و ما يتعلق بالعبادات و الأذكار و الأخلاق و الفضائل في وقت تغيب محتويات ذلك الدكان الإفتراضي عن حياته التي يعيشها على أرض الواقع و ذلك حتى يبقى في منطقته الرائعه التي توصف بأنها منطقة راحه لكنها وهميه للأسف كإبرة بنج ، إفترضها عقله بشكل لا شعوري لكن الإشكال يكمن في أنه بدأ يصدقها و بدأ معها الشيطان بالفرح” كالصياد الذي تلوح له الفريسة “و يبدأ يضحك عليه فهو يهاجم من خلال إستكشاف ثغراتك في نفسك “كما يحصل في الحروب عندما يتم دراسة نقاط الضعف لدى العدو في القتال ” ، و هكذا تسهل عليه المهمه و كما يقال بالعامية “فلان متولف” لوجود أرض خصبة تمثلها شهوة النفس فيقتنصها الشيطان و يستثمر فيها بدهاءه، فيجرك عاملان هنا إلى السقوط في الوحل نفسك الضعيفة و الشيطان و هنا تحصل المشكلة فهو يغرق فيها يوما بعد يوم و هذا يحوله كالحيوان و لا يقصد الإساءة هنا و إنما طريقة سلوك هذا المخلوق فهي فطرية بلا عقل فهو يخدم جسده كيفما كان، و هذا يفقد كيانه تلك الأهلية العقلية التي تعتبر لجام النفس لتحسن قيادة الجسد و لا منقذ له سوى الإدراك.
الإدراك، نعم يكون الإدراك الإيجابي مثل ناقوس الخطر الذي يدق مؤذنا ببداية الصحوة حتى يراجع هذا الإنسان العاقل حساباته و يخرج من متاهة الدنيا و الشيطان الذين ضحكا عليه كما ضحك على غيره عبر تعاقب القرون و السنوات منذ أن بدأ الله الخلق إلى يوم يبعثون فهو يتغذى على القشور و تسيره المؤثرات التي تحيط به من كل جانب لتأسر حريته دون أن يشعر أنه خسر شيئاً أصلا و هنا تكمن المصيبة فالشعور بالمشكلة هو أول محطات نية البحث عن حلها فالمشهد أشبه بحالة من الضياع و فقدان السيطرة و بعد كل ذلك يكلمه شيطانه خادعا عندما يضع رأسه على الوسادة قائلا الأمور كلها بخير فيستمران في تنفيذ بنود العقد المبرم بينهما .
لقد صعب الإمتحان على البشر اليوم و هذا ما أشرت إليه السيرة النبوية بالصورة العميقة و البليغة التي شبهت القابض على دينه كالقابض على الجمر و كلما تقدم الزمان كلما إزدادت حرارة هذا الجمر و معه يعظم الأجر للمحسنين فالله عز وجل عادل و هو العدل [إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا] الكهف ٣٠ صدق الله العظيم ، و لو كنت في إمتحان دنيوي و محطات المرور منه معروفة و واضحة و ذات تسلسل معلوم لأحسنت صنعا، لكن هل تفكرت يوما كيف تبلي في إمتحان الدنيا إلى الآخرة؟
نرى و نلتمس تعطل لجام النفس في عصرنا هذا و أصبحت مملوكة لما يبث و ينشر هنا و هناك و يستهدف عقلك الباطن يغذون فيك غرائز اللذة و المتعة و اللهو و يجعلونك تفقد الصبر إذا ما أقبلت على شيء يصنف وفق معيار الصح و الخطأ أنه صحيح و صوروا الدين بأنه شيء تقليدي كلاسيكي قديم يجعل منك إنسان معقد فتنفر نفسك منه و لا ننسى هنا تأثير الصورة النمطية لما يعرف ب(شيخ الدين) فأنت تعرف القصد و ما يتصور عقلك عندما تقع هذه الكلمة على مسامعك ، فلو نويت أن أرسم مشهد شروق الشمس الجميل الساحر و جهزت ألواني و لوحتي و أقلامي و أنتجت لوحة لم تعجب أحدا و قالوا لي بأنها لا تشبه شروق الشمس الجميل أكون هنا أنا الذي أخطأت في النقل فأنا ناقل لكن شروق الشمس يبقى على حاله و جماله و ربما يبدع غيري، لكنهم اليوم قليلون في هذا الجانب لذلك نسأل الله صلاحهم لصلاح الدين ، كما أجريت دراسات على هذه النفس فأمرها مكشوف و عرف من أين تؤكل الكتف فيها ، هل تفكرنا يوما في حديث (مَا أَنَا في الدُّنْيَا إِلَّا كَرَاكِبٍ اسْتَظَلَّ تَحْتَ شَجَرَةٍ، ثُمَّ رَاحَ وَتَرَكَهَا)، أم قرأنا نص في مجموعة من كلمات اللغة العربية و من ثم وضعناه على الرف كغيره دون أن يطرق مسامعنا و ينفض غبار عقولنا و قلوبنا، هب أنك سافرت خارجا لتكمل حياتك و عدت بعد عشرين سنة و قبل أن تقلع توقفت دقائق معدودة لشراء غرض في المطار ثم تابعت المسير هكذا صور الحديث هذه الدنيا إنها تلك الدقائق المعدودة من العشرين سنة .
المفر دائماً إلى الله تعالى و هو الملجأ الآمن و من نطلب أن نكون في ظله يوم لا ظل إلا ظله، و هو تعالى الذي أعطانا الحل و دلنا إلى السبيل فبين أيدينا كلامه العظيم قال تعالى :
(أَفَلَا تَتَفَكَّرُونَ ﴿٥٠ الأنعام﴾)
(أَفَلَا يَعْقِلُونَ. يس ٦٨)
{فَاعْتَبِرُوا يَا أُوْلِي الأَبْصَارِ} [الحشر: ٢]
إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَعِبْرَةً لِّأُولِي الْأَبْصَارِ ﴿١٣ آل عمران﴾
فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ [ الطلاق ١٠]
هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ [الفجر:5] ( حجر : عقل)
لكنه عز وجل إشترط عليك شرطا لهذا التغيير و قال تعالى : {إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ ما بأنفسهم } و المقصود أن محتوى هذه النفس يقوده فكرك الذي يتشكل بفعل عقلك فليس هناك تغيير أوتوماتيكي بكبسة زر كما يظن البعض عند الدعاء و و الدعاء هو ما تطلب من الله، فأجهد نفسك و غير فيها و من ثم أطلب الهداية من الله أو التغيير .
و نستنتج أنه لن يكون الأعلم و الأدرى بسبل هدى المخلوق كالخالق عز وجل [وَفِي أَنفُسِكُمْ ۚ أَفَلَا تُبْصِرُونَ] الذاريات ٢١ صدق الله العظيم
و إذا ما صنع الإنسان شيئاً كان هو الأضلع بأن يختبره و يضع حدوده الدنيا و القصوى و يكون هو الطبيب له إذا ما أصابته العلة هذا و لله المثل الأعلى، دلني الله و إياكم على الخير و ثبتنا على الصراط المستقيم و أرجو من الله العلي القدير أن يكون في هذا من وراء القصد