دور الدولة المأمول … ذيبان نموذجا
ليس غريبا في ظل ما يحدث في الإقليم ما نشاهده من ظواهر مجتمعية سلبية ومن تقلص مفهوم الاختلاف واتساع الفجوة واعادة انتاج ما سمي بالربيع العربي بسبب ضعف تواصل القيادات العليا في جسم الدولة مع قواعدها الشعبية ومع مخزونها الاستراتيجي في القرى والارياف والبوادي والمخيمات .
فالتواصل على مستوى النخب يبني علاقات حدية لاتكفي للتغلغل في النسيج الاجتماعي ولا تكفي لبلورة فكرة الدولة واقناع الجمهور المنتظر والمتشوف والمتطلع للمستقبل والناظر له من زاوية حقوقية فقط .
وليتأكد القابع في كرسي المسؤولية أن خيمة المتعطلين في ذيبان ليست ترفا فكريا ولا مهرجانا شعريا ولا بحثا عن مكان تحت الضوء وليقنع انها ليست واجهة امامية لفكرة شيطانية أو هوس بالخروج عن الوطن فإقليم كذيبان مثلا وهو جزء مهم من اجزاء الوطن العزيز يعاني من بطالة وفقر بين شبابه الذين ينظرون قطار العمر يمر والمأمول في أذهانهم يتبخر وينظرون لأقرانهم يسرحون بين سفارة هنا وسفارة هناك ومستشار هنا ومنطقية تنموية هناك فكيف سيكون الموقف وكيف سيكون الشعور
ذيبان منذ بداياتها بحاجة لوقفة من الدولة للأخذ بيدها واعطاء ابنائها فرصة للولوج للحياة فلم تجد للأسف اهتماما اعلاميا ولم يتحدث عنهم الاعلام الا في حالات نادرة ولم يكتب تقرير مفصل عن حالة ذيبان لصانع القرار ولم تجد صورة ذيبان الحقيقية من ينقلها لصاحب القرار فكانت ذيبان دوما في مقدمة الحراك ودوما تُصور على أنها بؤرة تأزيم عكس واقعها تماما وعكس ما يحمل رجالاتها من حب وانتماء وولاء .
ذيبان ظاهرة اجتماعية فريدة على مستوى الوطن ففيها رغم الفقر عز وفيها رغم البطالة عطاء لاينضب
ذيبان انتجت رجالات دولة ولم تكن في يوم رحم عقيم ولكن رجالاتها فهموا أن الوظيفة تكليف لا تشريف فتوجهوا للوطن بما يحملون من حب وولاء ونظروا للمصلحة العامة في حين غيرهم وهو على كرسي الوظيفة العامة كان ينظر للقاعدة الشعبية لهذا نجح اصحاب هذه النظرة في العودة من شباك النيابة عندما لفظهم باب الوظيفة العامة . أما في ذيبان فمن المستحيل ان يعود مسؤول عن طريق صناديق الاقتراع لأنه باختصار توجه إلى خدمة الدولة وكان نظيفا حريصا فحصدت المنطقة كل ذلك .
ذيبان منذ اعوام عديدة يتناقل اخبارها الاعلام على أنها مضطربة وعلى أن هناك خيمة اعتراض وعلى ان هناك احتجاج على زيارة مسؤول لكن لم نجد من ينقل حاجاتها وهي القابعة بين السدين منتجة الرجال الرجال الذين وقفوا في الاحداث وقدموا الشهداء شأنهم شأن كل اردني شريف عفيف
ذيبان بحاجة لمن يقود عجلة حوارية فيها وبحاجة لمن يقود وجها جديدا يعيدها الى عجلة الانتاج في كل شيء فذيبان منا ونحن منها وهي في خندق القيادة والريادة مذ كانت الرصاصة الاولى فعلي اللونسي وأقرانه من فرسان بني حميده ما زالوا في الذاكرة ومازالت ذيبان خصبة ومازالت ذيبان على شفاه الوطن بسمه .
ذيبان بحاجة لان تكون إقليم تنموي مكتمل الاركان تنال حظها كغيرها من مناطق الوطن فالمشكلة في ذيبان ليست مع الوطن بل من اجل الوطن .
ذيبان اصبحت بيئة طاردة بسبب قلة المشاريع وعدم وجود تنمية حقيقية وقلة فرص العمل فتكبد أبنائها عناء التنقل وعناء الاسئجار وعناء التعليم والصحة فمن حقها على الدولة ان تذهب إليهم لا ان ياتوا هم عليها ومحاورتهم قوة وليست كما يصور البعض من اصحاب النظرة الضيقة ضعف . فنجان قهوة سادة في خيمة المتعطلين عن العمل في ذيبان إنجاز كبير ويستحق التقدير فلا يكفي ان ننظر للخيمة بل الواجب أن ننظر ما تُعني الخيمة وما تُعني كلمة مُعطلين عن العمل .