#دكتاتورية #الصورة ذاتياً وعولميا..
ا.د حسين محادين..
(1)
علميا، ان كان مصطلح #دكتاتور قد ارتبط بأذهان العموم في إستئثار فرد او ثلة قليلة من الاشخاص بالقرارات السياسية والاقتصادية في مرحلة ما قبل #العولمة اي قبيل تسعينيات القرن الماضي، فأن مرد هذا الوصف مرده الحجم الكبير لسطوتهم كأقلية تصنع القرارات وتقذف بها على على الجماهير التي تكتثل عادة لهذه الدكتاتوريات نتيجة لسعة وشمولية تأثيراتها على الاغلبية في هذا البلد او ذاك.
( 2)
لكن الديكتاتورية التي غفِل عنها جُلنا هي الموجودة في تركيبة اجسادنا وأفكارنا معا كأفراد ومجاميع، الا وهي دكتاتورية حاسة البصر على بقية حواسنا الخمس او الست كما يرى بعض العلماء ،إذ تؤكد الدراسات العلمية ان النسبة الاعلى وبالمطلق من مصادر معلوماتنا ومعارفنا نستقيها ونستدعيها غالبا استنادا لما مشاهدته من قبل وما نستدعيه لاحقا في المواقف المشابهة.
(3)
اذن ,الديكتاتورية موجودة عمليا بداخل اجسادنا ،وان التفاوت في عمليات استدعائها او القدرة على ضبط انفسنا بعدم تقليد ما سبق او شاهدناه كأفراد احيانا، انما هو اختلاف بطبيعة خبرات واعداد وطبيعة المواقف التي شاهدها اي منا، وهنا بالضبط يبدو الاختلاف بين فرد وأخر، اي في قدرة ايّ منا على التحرر النسبي من تأثيرات هذه الديكتاتورية البصرية الكامنة كمصدر أساس في بناء وتوجيه وعينا، وبالتالي سلوكاتنا الظاهرة التي تعبر ضمنا عن هذا الوعي تقليدا ومحاكاة للصور التي اختزنتها الذاكرة من شخص لأخر وفقا لمنسوب العلم والتفكر او حتى فعالية العقل التحليلي الذي نملكه.
(4)
وبناء على ما سبق، عملت العولمة وعبر توظيفها الفكري الهادف الى الاستثمار في “الميديا ” وتحديدا ثقافة الصورة التي عملت ولو بالتدرج على إعادة تشكيل مفاهيمنا وسلوكاتنا الحياتية وفقا للنماذج المعولمة في الاقتصاد والثقافة والاجتماع والتي احتلت كنموذج مسيطر شجرة حواسنا كبلدان ومجتمعات مغلوبة حضاريا تقلد بصورة عمياء الغالب الحضاري لها تقنياً/ اي تكنولوجيا عبر سطوة ثقافة الصورة المفبركة غالبا، فأصبحنا غالبا مقلدين، حيث وظفت العولمة التقنية نظرية التقليد والمحاكاة لإعادة تضبيطنا حسب مفاهيمها الغربية أفرادا ودول، دون ان ننسى ايضا ان تسيّد الصورة وقدرتها على أسر حواسنا، لاسيما الفيديوهات قد عملت ضمنا على تغيير مصادر معلوماتنا من الكتب والقراءة الى الاعتماد على تلاحق الفيديوهات الهادفة لتغير منظومتنا القيمية وأنماط تفكيرنا افراد وكمجتمعات مُقلِدة للغالب الغربي المعولم.
اخيرا..
ثمة علاقة قوية بين توظيف النظريات العلمية من قِبل دول المركز العولمي والاعلامي المسيطر وإعادة تشكيل هويتنا الثقافية والحضارية الأشمل بما يتجاوب مع وقائع الحياة الغربية المهيمة على مختلف عناوين حياتنا المتلقية لحظيا لمِا نشاهده سواء اكان بثاً مباشرا ام افلام مختلفة المضامين والعناوين لهدف تغريبي واحد.
- قسم علم الاجتماع- جامعة مؤتة