دق سلف ” ذبحتونا بجهلكم “

دق سلف ” ذبحتونا بجهلكم “
مهند الهندي /دبي

نحن لا نرى #الحقيقة كاملة لنعرف أننا جهلاء أو علماء الا في حدود خبراتنا وتجاربنا السابقة، فالحقيقة لها أكثر من وجه وحدود علمك فى الوجه الذي رأيته فقط ويوضح ذلك الرواية القديمة في كتب التراث “الفيل والعميان” والتي وردت بأكثر من طريقة وملخصها أن ستة من العميان علموا ان فيلاً سيحضر للمدينة في الاحتفال الكبير( أو أن الفيل كان يخص الحاكم ويتباهى به بين الناس).. الخلاصة ان العميان الستة ذهبوا للحاكم ورجوه أن يلمسوا هذا الفيل لأنهم سمعوا عنه ولا يعلمون أي تصور لشكله فوافق الحاكم بشرط أن يصف كل منهم الفيل بكلمة مختصرة بعد ان يلمسه فقال الأول: أنه كالحبل ( لأنه لمس ذيله) وقال الثاني: أنه كالحائط ( لأنه لمس جسمه) وقال الثالث: أنه كالخنجر الكبير ( لأنه لمس نابه) وقال الرابع: انه كالثعبان ( لأنه لمس خرطومه) وقال الخامس: أنه كالمروحة ( لأنه لمس أذنيه ) وقال السادس: انه كجذع الشجرة ( لأنه لمس قدمه ) وبينما كانت تتعالى ضحكات السخرية من كلام العميان نهاهم الحاكم عن ذلك وقال: لا تسخرون منهم فقد عبركل منهم عن حدود علمه وفق الجزء الذى لمسه، وكذلك كل انسان يتحدث في حدود ما علمه واحتك به ورآه من الحقيقة الكاملة التي لا يمكن ان يراها أحد !!

وعن علي بن أبي طالب، رضي الله عنه قال “لا تجادل #الجاهل كي لا يغلبك في جهله”. فإن خالطت الجاهل طويلاً فأنه سيأخذك إلى القاع ، ثم سيدفنك بجهله حتى يذهب عقلك. لأنه كلما جادل المرء السفهاء أكثر، انتقص من قدره وأصاب عقله الوهن والتشوش، ليخرج من السّجال بعد أن ضيع ساعات طويلة من وقته بصداع ومشاعر سلبية

إن مجادلة #السفهاء تمنحهم غروراً زائفاً يصوّر لهم أنهم رأس الحكمة وأن غيرهم لا يفقهون شيئاً. ويبدو هذا واضحا حينما نتفقد مواقع التواصل الاجتماعي ووسائله المتعددة، التي أصبحت بمثابة وباء ينتشر في المجتمع ويهيمن على العقول؛ فعند النظر إلى صفحات هذه المواقع وتطبيقاتها،أو متابعة بعض الاشخاص الذين يبثون بألسنتهم السم القاتل ويدغدغون مشاعر الاخرين بأمور غير صحيحه نجد حرباً مشتعلة تدور رحاها بين الجهلاء الذين يجيبون عن كل سؤال يُطرح على تلك المنصات، ويسارعون إلى طرح آرائهم إزاء قضايا مجتمعاتهم

مقالات ذات صلة

أصبح الجدال العقيم اليوم حماقة من الصعب مداواتها ووباء يستشري بين أوساط الناس في هذا المتسارع المجنون، حيث اتخذ البعض هذا الشكل من الجدال الذي لا يُسمن ولا يُغني من جوع نمطاً ثابتاً لا يقبلون عنه بديلاً.
وهنا اتذكر والدي حينما أدخل في جدال الهدف منه تصحيح معلومة الاخرين كان ينصحني ب عدم المجادله ويذكرني بالحديث النبوي الشريف عن سيدنا محمد عليه السلام حينما قال ” أنا زعيم ببيت في ربض الجنه لمن ترك المراء وان كان محقا “

حتى استطاع هذا السلوك الذميم أن يصنع جيلاً كاملاً من الشباب السطحيين الذين لا يعرفون شيئاً اسمه قراءة أو كتابة، ورغم ذلك يتبجّح الواحد فيهم برأيه وكأنه فيلسوف زمانه وعبقري عصره، فأصبح النقاش لأجل النقاش لا في سبيل العلم والتعلّم كالدم الذي يجري في العروق .

لذلك فإن ما علينا فعله هو أن نتسلّح بالعلم والمعرفة أولاً حتى لا نكون لقمة سهله على مائدة من يدّعون الثقافة والرأي السديد. وأن نبتعد ابتعاداً كليّاً عن مجادلة أي شخص نستشعر أنه يريد الجدال لا ليتعلّم ويُعلّم ويتبادل المعلومات، بل بهدف إثبات وجهة نظره والانتصار في معركة سخيفة لا فائز فيها؛ فكلا الطرفين خاسران

وان نسلح انفسنا ب المصدر السليم والصحيح دون ان نردد كلامنا كالبغبغاء والتأكد من اين هذه المعلومه او تلك وان لا ننصب الاخرين ب العقلاء ل مصالح شخصيه الهدف منها هي ارضائهم .

فالقراءة حاجة وعادة يومية كالطعام والشراب، من شأنه أن يقلب حياتنا رأساً على عقب، فكلما قرأت أكثر ازدادت حصيلة معلوماتك واكتسبت القدرة على تمييز الخداع والتلاعب بالألفاظ والأفكار من قبل أولئك الذين لا غاية لهم سوى تخريب المجتمع وبث وجهات نظرهم التافهة في كل مكان. كما أن النأي بنفسك عن مناقشة الجهلاء لأعظم حلّ وترياق يحميك من أفكارهم المريضة وإضاعة وقتك الثمين دون جدوى .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى