بادئ ذي بدء، لست متيقنا من أن ترى هذه المقالة نصيبها من النشر، لكني أتوسم غير ذلك من المواقع الإلكترونية التي تنسب لنفسها أنها الأكثر جرأة وتسعى خلف كشف الحقائق والإشارة للمنغصات ودأبها تعديل المسار بهدف خدمة الوطن وإحقاق الحق.
ما دفعني لهذه المقدمة، ما نراه من القيود أمام الكلمة والرأي اللذان كثيرا ما يفسرهما المعنيون أنهما يصبان باتجاه تقويض النظام والتجاوز على ما يرونه من الثوابت. ونشير هنا لإيماننا بالثوابت التي لا تتغير عند الأردنيين كافة، بل حرصنا شديد ولا يقل عن حرص المعنيين على كل ما يعود بالخير على الوطن ومستقبله.
لست من دعاة المحاصصة بقدر ما أنا من دعاة تحقيق العدالة والمساواة، إذ يشاركني مئات الألوف من أبناء الوطن الغالي. يتداول هذا الحديث من أصابهم قرح في العين دون غيرهم ، إذ لا يخلو مجلس أو تجمع في مناسبة إلا وتسمع تذمرا وشكوى ناتجان عن الإحباط والشعور بنوع من التهميش الناتجان بدورهما عن الآليات المتبعة في التعيينات في المواقع العليا. فهناك بعض المحافظات وأخص بالذكر محافظة اربد التي أنتمي إليها سكنا وهي أكبر المحافظات الأردنية بعد العاصمة. وهي المحافظة التي تحتوي على النسبة الأكثر تعليما والتي أبناءها الأكثر إنتشارا في الدول العربية والعالم مما يعني أنهم الأكثر جلبا للعملة الصعبة للأردن وذلك لكثافة سكانها وطبيعة التركيبة الإجتماعية والجغرافية.
للمرة الثانية، ليست هذه دعوة للإقليمية أو المناطقية، وإنما هناك أسباب تدعو للغبن بسبب تعامي الدولة عن الإلتفات لهذه المحافظة الكبيرة. ولا ننسى أو نتناسى أننا نعيش بمجتمع وبيئة عشائرية للعشيرة دورها في توجيه أبنائها. ربما لا يروق هذا الطرح للبعض وخصوصا المتأثر بالذهنية الإشتراكية. ونستشهد بذلك على قوله عز وجل في محكم كتابه “إنا خلقناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم”.
ونذكّر ان محافظة إربد دخلت سجلات غينيس (Guinness World Records)العالمية بحجمها. فهناك واقع ملموس وليس حبا بإثارة ما قد يظنه البعض ضرب من الأنانية والتحيز والمناطقية التي نحاربها في إطار الإنتما لوطن واحد هو أردننا الحبيب بكافة محافظاته، بل الأمر أشبه بالأسرة الواحدة بأبناء وبنات من نفس الأب والأم عندما يشعر أحدهم أو بعضهم ويلمس اختلافا بالتعامل بين الأبناء من قبل الوالدين. فما بالك عندما تصبح الصورة أكبر والمشهد أوسع ليشمل ذلك وطنا بما يحويه من سلطة ونظام ودولة وشعب الكل من حقه أن يرى العدل والعدالة والمساواة محققة؟؟
لو استعرضنا تركيبة أعضاء الحكومة لوجدنا دليلا على صحة ما أقول ويقول الكثيرون. ولو استعرضنا مجلس الأعيان لوجدنا دليلا آخر يثبت طرحنا هذا أيضا.
فهناك من الرجالات الوطنية الكثير جدا مؤهلة وذات كفاءة عالية ومتميزة وتاريخ خدمتها يشهد لها بجدارتها في الإدارة والقيادة والقدرة والمهنية مستعدة لتساهم مع القيادة الهاشمية والمخلصين من أبناء هذا الوطن في دفع المسيرة التنموية بكافة أشكالها الإقتصادية والأمنية والتعليمية … إلخ.
الكثير من النخب التي تغص بهم محافظة اربد ينتظرون التكليف بالتشرف للإسهام في نماء الوطن لرفد الجهد الملكي الذي للأسف لا نرى من الحكومة الحالية أذنا صاغية له. لذا الوطن في عوز، وأعني كلمة عوز بمعناها الأصيل، لمن هم أهل لخدمته والشروع بما ينادي به جلالة الملك على الدوام وما يرفع من شأن الوطن ومواطنيه.
أتمنى أن لا يفهم ما تقدم على غير محمله بقدر ما أتمنى أن يفهم دعوة للتأمل في الواقع لاحقاق الحق ونشر العدل والمساواة.
حمى الله الأردن والغيارى على الأردن والله من وراء القصد.