دروس وعِبرْ تحاكي وقفات الأحرار المتكررة على الرابع . . !
موسى العدوان
هناك مقالان يتحدثان عن وقفات الأحرار في محيط الدوار الرابع بعمان، احتجاجا سلميا على تردي الأوضاع العامة في البلاد، مطالبين بإصلاح النهج المتبع في إدارة الدولة، والسير بها إلى شاطئ الأمان. وسأقتبس بعضا من فقراتهما، ومن رغب الاستزادة يمكنه الرجوع إليهما على المواقع الإلكترونية.
1. يقول الوزير السابق الدكتور بسام العموش في مقال بعنوان ( الوضع في الأردن ) ما يلي وأقتبس :
” ضجّ الناس وراحوا يعلنون عن غضبهم وصار الدوار الرابع رمزا للاحتجاج، وهو أمر دستوري وقانوني باعتبار الاحتجاج موجها للحكومة. واستطاع المحتجون إسقاط حكومة الملقي وفرحوا لذلك، وافترضوا أن من جاء على أنغام الدوار الرابع، سينسجم معهم في فهم الذين جلبوه وهيأوا له الفرصة ! لكن ( الهوا ما جاء سوا ) حيث جاءت الحكومة لتقيم حملة علاقات عامة مع الناس، ولكنها لم تستجب في المضمون ! سحبت قانون الضريبة وجادلت الناس حوله ثم رجعت إلى مجلس الأمة ومررت القانون الذي سقطت الحكومة السابقة بسببه !
وقد فعلت ما لم تفعله الحكومة السابقة، حيث أسالت دم المعتصمين على الرابع بدم بارد في فعل شنيع ليس له أي تبرير، كما أنه لا يشكل وفاء للأصوات التي مهدت الطريق للحكومة الحالية لتدخل مجلس الوزراء ! وما كان هذا الفعل المدان ليؤثر على استمرار الاعتصام الدوري الذي راح يرفع سقف الهتاف، كرد فعل القناوي فوق رؤوس الناس. وستستمر الاعتصامات تطالب وتطالب وتعبر عن وجع الناس، بالرغم من اختلاط الهتافات بما هو مطلوب وغير مطلوب.
يُجمع الأردنيون قيادة وشعبا . . . على أن الوضع في الأردن وبألطف العبارات أنه
( غير مريح ، ومزعج، خطير ) بسبب الظروف الاقتصادية التي يعيشها الناس، وهي ظروف تراكمية ساهمت في صناعتها عدة عوامل أهمها الفساد المتجذر والضارب في مختلف المفاصل الإدارية صعودا وهبوطا . . .
هذا الإجماع على هذا الوضع دفع الجميع للحديث في المسألة ومحاولة تقديم الحلول : فالحل وفق الحكومة الاعتماد على الذات ! والذات عندها المواطن وجيبه باعتباره البقرة الحلوب الذي وصفناه بأنه ( أغلى ما نملك ) فحولنا غلاه والغزل به إلى اعتباره ( مملوكا ) يباع لصندوق النقد والسياسات الدولية، وراحت الحكومات وعلى مدى العشرين سنة الماضية تقترض باسم المواطن وتوقع عنه ودون موافقته . . . “. انتهى الاقتباس.
* * *
2. الصحفي الأديب بسام الياسين كتب حول هذا الموضوع في مقال بعنوان : ( الخارطة العربية. . نيران مشتعلة ) ما يلي وأقتبس :
” ليس من الحصافة الطعن بوطنية مواطن خرج للشارع شاهرا حنجرته للمطالبة بالخبز والحرية. لكن المعيب الانتقاص من فكره والاستهانة من موقفه، حين يصرخ وجعا لفقدانه أبسط مقوماته، حقه في العمل، والأمل بالمستقبل. لقد شبع صفعا من أنظمة لا تحترم إنسانيته، فلو عرف – المسخوط – ما ينتظره من بهدلة، لرفس ( القابلة ) برجله وظل ممسكا بأسنانه في رحم إمه.
حياته مرمطة من صرخة الولادة إلى شهقة الموت. اللقمة مغموسة بالسم، الحصول على عمل معجزة، المواصلات شعبطة، المعاملة الرسمية لا تمشي إلا برشوة، العربي أيوب عصره يحتاج إلى قوة خارقة كي يعيش. ما زاد في كآبته، كآبة انعدام الحرية، غياب الديمقراطية، فقدان العدالة الاجتماعية. المجتمع العربي صار أشبه بسيرك هندي : أعصاب مشدودة، ألعاب خفة للسرقة، وطلاسم كسحرة فرعون في السياسة، قرود تتقافز فوق حبال منصوبة، أسود تُضرب بالكرابيج كالحمير، خيول مطهمة تمارس ألعابا مضحكة، بهلوانات بأقنعة مظلّلِة للضلال والتضليل.
ناكر هذه الحقائق يحتاج إلى دليل لإثبات عكسها، والمتفلسف بغير هذا، إما يعاني من عوج في أسنانه أو سفسطائي يعلك كلامه، بيدق عديم الخبرة، لا يصلح أن يكون عضوا في مجلس قروي. فالأوطان تكبر بمبدعيها، رموزها، علمائها، مثقفيها. انتهى زمن الشعوب المقهورة والمستسلمة، وكذلك زمن الحاكم الذي استصغر شعبه كأنهم نكرات غير موجودة، بمخاطبة الملايين المحتجة : ( من أنتم ؟ )، فكانت نهايته فجائعية.
ثم طار الحاكم المستبد الذي لم يفهم شعبه إلا حين طار معترفا وهو يجرجر أثياب خيبته، كذئب سقطت أسنانه وتثلمت مخالبه : ( الآن فهمتكم ). خاب ظن من يظن أن الشعب العربي خمدت براكينه، لا أحد يعرف أسرار البراكين، ولا متى تثور ؟ هي تهمد لكنها لا تخمد . . . ” انتهى الاقتباس.
* * *
السؤال الذي يطرح نفسه الآن : هل الأحاديث المذكورة بأعلاه، تشكل دروسا وعبرا لمن أراد أن يعتبر، من المسؤولين في دولتنا العزيزة ؟ أتمنى ذلك . . !