درس من الحياة – 24 / موسى العدوان

درس من الحياة – 24
غياب مفهوم الدولة الحديث

في كتابه بعنوان ” المشهد الأردني ” يوضح الصديق سعادة السفير فؤاد البطاينه ما ورد في كتابه بالعبارات التالية وأقتبس :
” محطات تناولها الكتاب فيها شواهد وتجارب من الواقع، محيّرة ومحزنة في لعبة خطيرة. أبطالها الحكومات ممثلة بمؤسسات مجالس الوزراء والوزراء أو من تم تنصيبهم كمسؤولين. أما الموظفون العامّون من غيرهم فهم من يؤدون الأدوار، ويبقى للمواطنين دور المتفرج. وأما من أوكلت بهم مهمة الرقابة والتشريع والقضاء فهم لم يعودوا خارج اللعبة. بل من أهم وأخطر أركانها وقواعدها. وكلها تجارب وشواهد تفصح عن غياب مفهوم الدولة الحديث لديهم وضعف الحس بالمسؤولية والصالح العام، بل وفي كثير من الحالات إنعدام الحس السياسي والأمني لدى القيمين على هذين الحقلين.
محطات في الكتاب تبسّط مفاهيم وممارسات وسلوكيات البيئة الشعبية الأردنية العامة، يفرزها واقع عاد بحكم هذه البيئة من موروثات العصبية والقبائلية غير المواتية ومن مفاهيم الدولة البدائية، بيئة شعبية واحدة في الريف والبادية وشارع المدينة وصالوناتها، زحفت لتنعكس أو تترجم في جهاز الدولة والعمل العام كما هي وبمضمونها المتعارض مع مفهوم الدولة الحديثة والقانون.
طلت علينا بأدبياتها المعاكسة مع الجيل القادم من دور العلم في الغرب بعد أن اعتقدنا أنها دُفنت مع الماضي. فابتلت الدوائر بها حتى الحساسة منها، وحاربت فيها مؤسسيتها المفترضة، وفلسفة وجود الدولة وأدبياتها وافترست المنصب العام بعد أن هزأته وأرشت البطون المفتوحة، أما المغلقة منها فسد أفواهها. والقليل الرافض ينظر، وما أن يصحو بعضه من الذهول حتى يدخل في ذهول آخر. أما محصلة المحصلة فهي أن الخلل فينا نحن المواطنين، والعقبة نحن، فلعلنا ننظر إلى ما وراء الحظيرة، إن ذلك أكرم لنا من عطف واستغلال الذئاب من أكلة لحومنا.
محطات في الكتاب تعكس إحجام الحكومات عن مواجهة الحقائق بجدية، وتبسط أمامها التحدي من خلال نهج موضوعي في التعامل مع آفات وأمراض الدول القاتلة من تلك التي لها نكهة خاصة في بلد كالأردن وعلى رأسها الفساد الذي يستشعر سخونته المواطن الفقير بأعراضه، ويدفع فاتورته ضريبة فوق ضريبة وبيع وراء بيع، حتى يصل إلى كمائن المخالفات في منعطفات الشوارع.
كما تعكس العجز الحكومي عن تحقيق التنسيق المجرد للإمساك بخيوط مصالح الدولة العليا والأمة وحقوقها ومتابعتها إذا ما كان المسرح خارج الحدود، أو خرج الموضوع من رحم البلد وغطس بع الأفق لتسير المصالح العامة وعين الله هي التي ترعاها. ولا فرق في ذلك بين الخلل في التأسيس للتعامل مع القضايا الدولية أو المحلية “. انتهى الاقتباس.
* * *
* سؤال : ألا يجسّد هذا الكلام البليغ، حقيقة الممارسات السلبية للحكومات الأردنية المتعاقبة، على ساحة الوطن منذ عشرات السنين وحتى الآن، ويتماها معه ايضا موقف غالبية المواطنين في الجمود والخنوع ؟

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى