درس إضافي لعملاء أمريكا، فهل يعتبرون؟
المهندس: عبد الكريم أبو زنيمة
ما شهده ويشاهده العالم حول #أفغانستان هو #درس لكل #العملاء الذين يتاجرون بأنفسهم وأوطانهم خدمةً للمصالح #الأمريكية، الانسحاب والهروب الأمريكي المذل من أفغانستان هو درس لكل من يراهن عليها وهو كذلك صفعة عار على جبينها يصعب عليها محوها لعدة عقودٍ قادمة، صفعة تعيد للأذهان هزيمتها وهروبها من فيتنام وتركها لعملائها وركلهم عن سلم الطائرة ليواجهوا مصيرهم مع فارق الأحداث بين كابل وسايغون، في سايغون هربوا تحت ضربات ثوار فيتنام بينما في كابل هربوا بموجب اتفاق وتحت الخوف، هذا الهروب ما هو إلا محاولة يائسة وبائسة للتغطية على الفشل الأمريكي بعد إنفاق ما يزيد عن 2 تريليون دولار حسب الإحصاءات الأمريكية، بالإضافة لآلاف القتلى، كل ذلك لتأسيس دولة عميلة وموالية لها في وسط آسيا تنشر فيها قواعدها العسكرية لتحادد كل من روسيا والصين وإيران، لكن هذه الدويلة التي أرادوها لم تكن إلا مجموعة من الفاسدين والعملاء سقطت وتهاوت الولاية تلو الأُخرى أمام زحف طالبان دون أي مقاومة، إضافةً لهروب رئيسها، التي تشير بعض التحليلات أن أمريكا رفضت توجهه الى أراضيها، كما رفضت بالأمس دخول عميلها الأبرز وشرطي المنطقة شاه ايران بعد سقوط نظامه.
الولايات المتحدة احتلت أفغانستان بحجة محاربة تنظيم القاعدة قبل 20 عاماً التي هيأت البيئة لنشوءه وسلحته بأحدث الأسلحة والمعدات عبر جلبها ودعمها لكل من أطلقت عليهم آنذاك اسم الجهاديين لمواجهة التدخل السوفيتي في أفغانستان عام 1979 وبعد أن أنجز هؤلاء الجهاديين “الإرهابيين” الهدف الأمريكي هناك انقلب الأمريكيون عليهم بافتعال حادثة تدمير برجي التجارة عام 2001 واحتلوا أفعانستان! وساقوا جهاديي الأمس “إرهابيو اليوم” إلى معتقلات غوانتنامو.
بعد الاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003 وتنصيبها لعملائها كحكام جُدد وحلّها الجيش العراقي وتأسيسها لجيش جديد أرادت له أن يكون ضعيفاً، وبعد رفض سوريا بذات العام لشروط واشنطن التي قدمها وزير خارجيتها كولن باول بدأت امريكا بالتواطؤ وبدعم عربي بإعادة إحياء تنظيم القاعدة مستعينة بمن لديها منهم في سجونها المنتشرة في أكثر من دولة لغزو سوريا، هذا التنظيم الذي ولدت من رحمه داعش والنصرة وبقية التنظيمات الإسلامية المتطرفة التي ارتكبت أبشع الجرائم اللاإنسانية في سوريا ولاحقاً في العراق، وبعد الانسحاب الأمريكي عام 2011 وتحت ضربات المقاومة الوطنية العراقية تواطئت أمريكا مع داعش لغزو العراق عام 2014 حينها لم يصمد الجيش العراقي أمام تقدم داعش على مرأى ومسمع واشنطن، وبذات الوقت رفضت توريد السلاح المتعاقد عليه للعراق حتى وصلت داعش إلى تخوم بغداد، وعادت أمريكا مرة أخرى للعراق تحت مسميات أخرى، ولولا الحشد الشعبي العراقي وقوات الجيش التي أعيد تنظيمها وتسليحها لكانت العراق اليوم مرتعاً للإرهاب .
أمريكا التي لم تنتصر في أي حرب منذ 100 عام هزمت كعادتها لكنها لن تستسلم وستعيد بناء استراتيجياتها لنشر الفوضى في وسط آسيا، وباعتقادي أنها ستعود هذه المرة من الباب الواسع، ألا وهو باب رعايتها واسثمارها بالإرهاب وستعمل على تجميع أكبر عدد ممكن من التنظيمات الإرهابية للتمركز في أففانستان لنشر ونقل الفوضى داخل حدود أعدائها “روسيا، الصين، إيران” أمريكا التي تتظاهر وتتباكى على الديمقراطية وحقوق الإنسان هي اليوم من تدعم الديكتاتوريات في العالم وهي من تزرع وتنشر الفوضى، وبذلك وعطفاً على المؤشرات الجيوسياسية والاقتصادية التي تنبئ بانكفاء القطبية الأمريكية فإنها ستعيد تموضعها بشكلٍ أو بآخر في أفغانستان لتصبح بؤرة ومركز استقطاب لكل التنظيمات الإرهابية “الجهادية” لتضعف منافسيها، نجاح أو فشل المخططات الأمريكية في أفغانستان مستقبلاً يعتمد على حركة طالبان! هل ستخلع ثوب الحركة وتنصرف لتوحيد الشعب الأفغاني لبناء دولة مستقرة ضمن محيطها الجغرافي؟ أم سُتبقي باب الصراع مفتوحاً مما يمكّن رعاة الإرهاب من الدخول منه مجدداً؟
اليوم على حلفاء أمريكا مراجعة أنفسهم ومواقفهم والتبصر ملياً بمستقبلهم، فليس لأمريكا حلفاء وإنما ترى فيهم عملاء لها وهي تجاهر بذلك جهارًا نهارًا، بالأمس قالها الرئيس ترامب لحلفاءه “ادفعوا وإلا لن تبقوا فوق عروشكم لأسبوعين” واليوم فعلها الرئيس بايدن! فقدد تخلى عن حليفه أشرف غني ونظامه وتركهم يواجهون مصيرهم كما تخلوا من قبل عن بينوشيه والشاه وغيرهم، على كل من يؤمن بعمق تحالفه مع أمريكا ويعتمد عليها، أن يتصالح مع شعبه اليوم ويحتمي به وينهي كل أشكال الخلاف مع محيطه العربي، عليكم ببناء دولكم على أُسس الحرية والعدالة والمساواة وأُسس وقواعد الإنتاج الوطني وإعادة بناء العلاقات الدولية على أُسس المصالح الوطنية، ولا بد من التأكيد على قادة السلطة الفلسطينية في رام الله الذين يراهنون على أمريكا الإسراع في توحيد الشعب الفلسطيني وإعادة بناء منظمة التحرير على أُسس الديمقراطية والثوابت الوطنية الفلسطينية وإنهاء كافة أشكال التعاون والتنسيق مع الكيان الصهيوني، فهذا الدرس الأفغاني هو درس إضافي وتقوية لكل من عميت بصيرته عن تخلي أمريكا عن عملائها وركلهم!!!