
هل تتقبلني رغم اختلافي وأخطائي؟
قبل أن نطالب من نحب بالتغيير, هل جربنا أن نغير قليلاً من أنفسنا لأجلهم؟!
لا يوجد فينا إنسان كامل, فنحن بشر وهذه ميزتنا (النقص), لكن العبرة تكمن في محاولتنا لإشعار الطرف الآخر بالاهتمام والتقدير, عندها لا يعود مهما إذا ما نجحنا في محاولتنا أم لا, فمن الصعب أن تطالب شخصاً بتغيير طبع من طباعه جذريا, لكن تبقى المحاولة بحد ذاتها تعني الكثير.. أنا أحبك ومهتم لأمرك وأبذل جهدي للحفاظ عليك.
لنكف عن إثقال كاهلهم بمقارنتهم بغيرهم , فإذا ما كنا نرى في الآخرين الأفضلية, لماذا نتعب أنفسنا بالبقاء معهم؟!
إذا ما فكرنا في هذا السؤال ملياً سنجد الجواب, سنجد ميزات أجمل وأطغى من كل عيب جعلتنا نختارهم ونفضلهم على العالمين, لكن أحياناً طغيان الروتين الذي أدى للضجر وزيادة الاصطدامات, تجعلنا لا نرى سوى الجانب المظلم, جانب محتواه جعلنا محصورين بالنتيجة ومتغاضين عن الأسباب, كالحاجة للاهتمام أو الاحترام أو الأمان.
شاهدت في أحد البرامج تشبيهاً معبراً لطبيعة بناء العلاقات بين البشر, فقد شبه كلا الطرفين بالسيارات, وهذه السيارات تحتاج بنزيناً من نوع خاص (خلطة من الاهتمام وأفعال وألفاظ تعبر عن التقدير والاحترام وأخرى توحي بالأمان) وليس من المنطق أبداً أن تملأ السيارة بالبنزين مرة وتتوقع أن تكفي الدهر خصوصاً إذا ما تخلل الطريق بعض العقبات, وكانت السيارة قد تعرضت لبعض الانكسارات السابقة والأعطال, فعلى سبيل المثال: يحدث أن يقول الرجل لزوجته أحبك مرة “من العيد للعيد” فإذا كررها في مرة عابرة تنصدم زوجته “شو صار لعقلك يا زلمة؟!”
هل من المعقل أنت تكون علاقة بين شخصين مقربين كالزوجين بهذا الجفان ونتوقع منها أن تكون ناجحة؟؟!
لنترك المشاعر الداخلية جانباً, فرب القلوب أعلم بما في القلوب, نحن بشر ولا نقرأ المشاعر سوى الظاهر منها لفظياً أو فعلياً, لا نستشعر الأمان في صداقة يغرقها الغموض وإن كان دافع الإخفاء الحماية, فإنه سيوصل رسالة مغايرة تماماً مالم توضح أسبابه, ولا نستشعر الراحة في وظيفة خالية من التقدير, فقد أثبتت دراسة بأن 70% من الموظفين يتركون عملهم بسبب عدم التقدير, والطفل أيضاً لا يستشعر الاحترام إذا ما كان يضرب من قبل والده وإن كان هدفه أن يعلمه.
قبل أن نحكم بالإعدام على علاقات تحولت بنظرنا لجحيم بعد أن كانت جنة, لنأخذ نظرة مسحية على العلاقة كاملة منذ بدايتها وإلى كيفية تحولها لجحيم, آخذين بعين الاعتبار أنه كلما لبيت الحاجات أصبحت العلاقات أكثر حميمية .. قوية .. متماسكة, وإن أصبحت غير جيدة وكانت آخذة في التباعد والصراع, فإن ذلك يعد مؤشراً على أن هذه الحاجات غير ملباة.
وقبل أن ننفذ الحكم, لنتذكر الطرف الآخر في علاقة الجحيم..
كم مرة كنا محبطين ومنهارين ولم يسمح لنا بالسقوط؟
كم مرة قلنا له بأننا بخير وأجابنا “أنا أعرف أنك تكذب” ؟ ولم يتزحزح حتى سمع القصة كاملة, أو بالأحرى استمع لها بقلبه
كم مرة كان أول الحاضرين ليشاركنا فرحنا وكان أسعد من أنفسنا ولم يسيطر على دموع فرحته؟
إذاً.. هل نتقبله رغم اختلافه وأخطائه؟