دراسة أولية لأثر حظر الجمعة الشامل على تفشي كورونا في الأردن

دراسة أولية لأثر حظر الجمعة الشامل على تفشي فيروس كورونا المستجد في الأردن

د. رائد حسن صالح الأزايدة
دكتوراة في الذكاء الاصطناعي وعلم البيانات


أعلنت الحكومة الأردنية العودة الى حظر يوم الجمعة الشامل ابتداءً من السادس والعشرين من الشهر الماضي والى إشعار آخر. وعللت الحكومة ذلك لمزيد من السيطرة على تفشي وباء الكوفيد-19 و محاولة تقليص عدد الاصابات اليومي بهذا الفيروس.
كما صرح الدكتور نذير عبيدات وزير الصحة أن هذا الإجراء تم بناء على دراسة علمية مشتركة بين وزارة الصحة و منظمة الصحة العالمية وبالتعاون مع جامعة اوكسفورد. حيث أثبتت هذه الدراسة أن حظر الجمعة يقلل من عدد الاصابات والوفيات بهذا الفيروس بنسب مقدارها 37% و35% على التوالي. وبعد بحث مستفيض على محركات البحث العالمية و بوابات البحث العلمي المتخصصة والمعروفة عالمياً لم نجد ما يثبت وجود هذه الدراسة.
لذا تهدف هذه الدراسة الأولية والتي ستمتد الى عدة أسابيع قادمة الى التعرف على أثر حظر الجمعة الشامل على كبح جماح تفشي هذا الفيروس مع التأكيد على أن هذا الأمر يحتاج الى ما لا يقل عن ثلاثة أسابيع تلي فترة البدء بتنفيذ حظر الجمعة الشامل كون المتعارف عليه أن فترة حضانة هذا الفيروس تبلغ أسبوعين تقريباً.
استندت هذه الدراسة الأولية الى مجموعة من البيانات التي تم جمعها من خلال التقرير الصحفي اليومي الصادر عن وزارة الصحة الأردنية. تم اعتماد الأسبوع الذي سبق أول حظر شامل ليوم الجمعة كأساس للمقارنة. امتد هذا الأسبوع من تاريخ 20/2/2021 الى تاريخ 26/2/2021.
المقارنات تتم على أساس أسبوعي و تراعي ستة متغيرات هي: مجموع الاصابات الجديدة، مجموع الوفيات الجديدة، معدل الإصابة، معدل الوفاة، معدل إشغال وحدات العناية الحثيثة، وأخيراً، معدل إشغال أجهزة التنفس.
بشكل عام، ومن خلال الجدول المرفق، لم يكن هنالك أي أثر ايجابي لحظر الجمعة الشامل على مدى تفشي وباء فيروس الكورونا المستجد على أي من المتغيرات محط الاهتمام في هذه الدراسة. بل على العكس من ذلك، كانت النتائج للأسبوع الأول بعد حظر الجمعة الشامل أسوأ من الأسبوع الذي سبق الحظر وعلى جميع الأصعدة. وتالياً مزيد من التفصيل:

  1. مجموع الاصابات الجديدة
    بلغ مجموع الاصابات الجديدة للأسبوع الأول بعد الحظر 34022 في حين أن مجموع هذه الاصابات في الأسبوع الذي سبق الحظر بلغ 26301. أي أن الأسبوع الأول بعد الحظر شهد زيادة قدرها (1.29%) عن الأسبوع الذي سبق الحظر.
  2. مجموع الوفيات الجديدة
    ازداد مجموع الوفيات في الأسبوع الذي تلى حظر الجمعة الشامل بمقدار كبير بلغ تقريباً (1.74%). حيث كان مجموع الوفيات في الأسبوع الذي سبق الحظر (122) وفاة في حين بلغ مجموع الوفيات في الأسبوع الذي تلى الحظر (212) وفاة. ويشار هنا أن نسبة الوفيات قد انخفضت بشكل كبير في الأسابيع الأخيرة عن النسبة العامة للوفيات منذ بدء الجائحة والتي تقدر تقريباً بـ (1.16%)، في حين أن معدل الوفيات في الأسبوعين الأخيرين يقدر تقريباً بـ (0.57%). ولعل سبب ذلك يعود الى ضعف تأثير الفيروس نتيجة التحورات الجديدة ولكن ذلك يحتاج الى تأكيد من أهل الاختصاص في الطب ومزيد من الدراسة والتمحص.
  3. معدل الإصابة
    ارتفع معدل الإصابة بفيروس كورونا المستجد مع الأخذ بعين الاعتبار مجموع الفحوصات التشخيصية من (12.48%) في الأسبوع الذي سبق الحظر الى (13.13%) في الأسبوع الأول بعد الحظر. ويلاحظ هنا تقارب معدلات الإصابة اليومية الجديدة خلال الأسبوع الذي تلى حظر الجمعة على الرغم من تباين عدد الفحوصات اليومية مما قد يشير الى مصداقية هذه النسب.
  4. معدل الوفاة
    شهد معدل الوفاة الأسبوعي ارتفاعاً كبيراً لهذا الأسبوع (1.74%) عن الأسبوع الذي سبق حظر يوم الجمعة. و يشير الجدول المرفق مجموع الوفيات في كلا الأسبوعين.
  5. معدل إشغال العناية الحثيثة
    بلغ معدل إشغال وحدات العناية الحثيثة في الأسبوع الذي تلى الحظر (34.14%) و بزيادة معدلها (1.44%) عن الأسبوع الذي سبق الحظر. وعلى الرغم من كون الزيادة كبيرة الى حد ما إلا أنها لم تصل لمرحلة الخطورة.
  6. معدل إشغال أجهزة التنفس
    زيادة كبيرة شهدتها معدلات إشغال أجهزة التنفس حيث ارتفعت الى ما يقرب الضعف لترتفع من (9.71%) في الأسبوع الذي سبق حجر الجمعة الى (17%) في الأسبوع التالي.
    النتائج والتوصيات
    هدفت هذه الدراسة الأولية غير المكتملة الى تحديد أثر الحظر الشامل ليوم الجمعة على مدى تفشي وباء فيروس كورونا في الأردن. اعتمدت هذه الدراسة على بيانات وزارة الصحة الأردنية للفترة من 20-2-2021 الى 5-3-2021. لأغراض الدراسة، تم الأخذ بعين الاعتبار ستة متغيرات هي: مجموع الاصابات الجديدة، مجموع الوفيات الجديدة، معدل الإصابة، معدل الوفاة، معدل إشغال وحدات العناية الحثيثة، وأخيراً، معدل إشغال أجهزة التنفس.
    خلصت الدراسة وبناء على البيانات الأولية التي جمعها للفترة المحددة سابقاً الى انه لا يوجد أي أثر ايجابي يمكن ملاحظته لحظر يوم الجمعة الشامل في الأسبوع الأول بعد اعتماد الحظر بل أن الوباء زاد في سرعة تفشيه على الرغم من زيادة التزام المواطنين نسبياً والذي تم ملاحظته خلال هذه الأسبوع نتيجة لزيادة قيم المخالفات المفروضة على عدم الالتزام بلبس الكمامة والتباعد الجسدي.
    وأخيراُ، فقد تم الإشارة من خلال دراسات منشورة سابقاً الى أن فاعلية الحظر الشامل والجزئي تعتمد على معدل الإصابة اليومية عند البدء بتنفيذ الحظر، لذا تعتبر هذه الدراسة صادقة فقط في الحالات التي تتشابه وبيئة هذه الدراسة من حيث معدل الاصابات اليومية وعدد السكان ومجموع الإصابات الكلي داخل مجتمع الدراسة.
    كذلك الأمر، ونتيجة لطول فترة حضانة الفيروس التي تبلغ تقريباً أسبوعين فلا يصح تعميم نتائج هذه الدراسة وقبولها إلا بعد استكمالها لما لا يقل عن ثلاثة أسابيع أخرى.
    نوصي أصحاب القرار بتبني مثل هذه الدراسات وتطويرها لتشمل متغيرات أخرى ليصار الى اتخاذ قرار صائب وسليم يعمل على كبح انتشار الوباء.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى