سواليف
قطعت التحركات واللقاءات التي تُجريها عواصم عربية، شوطاً كبيراً في إعادة تفعيل ملف “إعادة وحدة حركة فتح”، الذي يُركز على تحريك مياه المصالحة الراكدة بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس، والقيادي المفصول من الحركة، النائب في المجلس التشريعي محمد دحلان .
إذ شهدت القاهرة وعمان خلال الأيام الماضية لقاءات مكثفة مع وفد خماسي من أعضاء اللجنة المركزية لحركة فتح، ضم اللواء توفيق الطيراوي، اللواء جبريل رجوب، محمد اشتيه، صخر بسيسو، عزام الأحمد؛ لبحثت كيفية إصلاح حركة فتح، واستغلال التحرك العربي الجديد لإعادة دحلان للحضن الفتحاوي بعد خلاف كبير استمر لسنوات مع الرئيس عباس.
وفي الفترة الأخيرة، ظهرت عدة مؤشرات إيجابية تنبئ بفرصة كبيرة لنجاح جهود إعادة لملمة صفوف فتح، وهو مطلب لطالما نادى به الفتحاويون، والقوى الإقليمية المعنية بالشأن الفلسطيني، وفي مقدمتها مصر والأردن، لكن حدة الخلافات الداخلية جعلته مطلباً “صعب المنال”.
– عودة دحلان اقتربت
أحد أعضاء الوفد الخماسي الموجود في القاهرة حالياً، كشف لمراسل “الخليج أونلاين”، أن الوفد عقد أكثر من 5 لقاءات مع مسؤولين مصريين استمرت ساعات طويلة؛ لبحث كيفية إعادة “ترتيب البيت الفتحاوي” الداخلي، وإزالة أي عقبات تعترض هذا الطريق.
وأكد لـ”الخليج أونلاين” حصرياً، أن المباحثات التي تجري في القاهرة ركزت في كيفية تحريك مياه المصالحة الراكدة بين الرئيس محمود عباس والنائب محمد دحلان منذ سنوات، وتفعيل هذا الملف بصورة جدية بناءً على مبادرة عربية واضحة، تساعد على فتح صفحة جديدة بين الرجلين.
ولم يُخف القيادي الفتحاوي الاهتمام المصري الكبير في إعادة دحلان للحضن الفتحاوي من جديد، قائلاً: “هناك جهود كبيرة تبذلها مصر منذ شهور طويلة، لتحقيق المصالحة بين عباس ودحلان، وأعتقد أن عودة دحلان للحركة من جديد مصلحة مصرية بحتة”.
وذكر أن “مصر أبلغتنا رسمياً خلال اللقاءات الماضية أن “إعادة ترتيب بيت فتح الداخلي” يكون بإزالة كل الخلافات بين أعضائها، وعودة دحلان للحركة ليمارس عمله بصورة طبيعية، دون أي تدخلات ومناكفات داخلية”.
وأضاف: “أعتقد أن جهود مصر هذه المرة ستنجح، وأتوقع أن يتم إزالة كل الخلافات بين عباس ودحلان مهما كانت حدتها، وتنازل عباس عن كل شروطه لمصالحة دحلان، وفتح صفحة جديدة بين الرجلين في غضون أسابيع قليلة فقط”.
وكشف أن الوفد الخماسي الفتحاوي سيتوجه خلال أيام إلى العاصمة الأردنية عمان، للقاء المسؤولين الأردنيين لبحث ملفي “إعادة وحدة فتح، وعودة دحلان”، مؤكداً وجود تنسيق كبير بين القاهرة وعمان في رعاية الملفين.
ورداً على سؤال “الخليج أونلاين”: هل كان الجهد العربي لإعادة دحلان على الساحة الفلسطينية، يهدف ليكون خليفة الرئيس عباس القادم، قال: “الرئيس عباس لا يريد الترشح لولاية رئاسية جديدة، وفي حال فكر دحلان في خوض الانتخابات الرئاسية فهو حق له كأي فلسطيني آخر، وأعتقد أن الظروف العربية والإقليمية مهيأة لذلك”.
ولعل من أبرز المؤشرات الإيجابية التي خرجت وتؤكد قرب المصالحة بين عباس ودحلان، ما كشف عنه “الخليج أونلاين”، الثلاثاء 30/ 9، نقلاً عن مسؤول فلسطيني قال إنه تم إرسال كشف بأسماء 13 قيادياً من “التيار الإصلاحي” لدحلان، لإعادتهم لصفوف حركة فتح، وأن قوائم فتح في الانتخابات المحلية، التي قدمت للجنة الانتخابات المركزية، تمت بالتوافق ما بين تيار دحلان وتيار عباس.
وكانت تقارير إعلامية تحدثت عن جهود عربية لإنجاز مصالحة فتحاوية بين دحلان وعباس، ومصالحة فلسطينية، كجزء من خطة أكبر تشمل التطبيع بين الدول العربية والاحتلال الإسرائيلي.
وفي وقت سابق، أعرب كل من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، عن ترحيبهما ببيان اللجنة المركزية لحركة فتح.
وأوضح الرئيسان أن القضية الفلسطينية تمر بمرحلة دقيقة، وهو ما يتطلب وحدة الصف ودعم القوى المعتدلة لمواجهة الإرهاب الذي يعاني منه العالم أجمع.
– تخبط فتحاوي
ورغم اللقاءات التي تجري في القاهرة وعمان، وحققت تقدماً بحسب تصريحات من قيادات فتح، فإن عضو المجس الثوري لحركة فتح، اللواء بلال النتشة، لا يزال ينفي وجود أي مبادرات عربية من أجل إتمام المصالحة بين عباس ودحلان.
وقال النتشة لـ”الخليج أونلاين”، كل ما ينشر في هذا السياق غير صحيح، وإن الجهود العربية “الأردنية-المصرية” فقط تركز على وحدة الحركة الداخلية، دون أي تدخل بملف دحلان وإعادته للحركة مجدداً.
وأوضح أن الدول العربية تحترم القرارات الفلسطينية، ومن بينها فصل دحلان من حركة فتح، وأن كل من فصل من الحركة لن يعود لها أبداً مهما كانت الضغوط.
في حين أقر القيادي في حركة فتح والعضو في مجلسها الثوري، يحيى رباح، بالتحركات المصرية والأردنية لإعادة دحلان للحركة من جديد، وممارسة ضغوط كبيرة على الرئيس عباس في هذا الملف.
وأكد رباح لـ”الخليج أونلاين” أن “التحركات العربية الأخيرة، وخاصة من قبل مصر والأردن، لا تزال متواصلة، ولكن موقف فتح بهذا الجانب، وخاصة في ملف دحلان، لا يزال ثابتاً ولن يتغير”.
وبخلاف تصريحات المسؤولين في فتح الموجودين في القاهرة، توقع رباح أن تفشل الجهود العربية في إعادة دحلان للحركة مجدداً، عازياً ذلك إلى أن من “فصل من الحركة لن يعود لها” أبداً، وأن عباس لن يتنازل عن شروطه للمصالحة.
وأعطى اجتماع اللجنة المركزية الأخير أملاً في قرب وضع حد للانقسامات التي تعصف بالحركة، حيث شدد في بيان عقب نهاية مداولاته، على أهمية وحدة فتح، داعياً إلى ضرورة النظر في تظلمات الأعضاء المفصولين.
ولاقى البيان ترحيباً كبيراً داخل الأوساط الفتحاوية، واعتبر عضو المجلس الثوري لحركة فتح سمير المشهراوي (الذراع اليمنى لدحلان)، أن بيان اللجنة المركزية للحركة “جاء في لحظات حرجة من عمر قضيتنا الوطنية، ونحن في أمس الحاجة لرص الصفوف ومواجهة التحديات”.
وأكد المشهراوي أن المفصولين من حركة فتح بناءً على قرارات عباس سيعودون للحركة قريباً، مطالباً الذين طالتهم قرارات الفصل بالبدء باتخاذ كافة الإجراءات اللازمة التي تكفل لهم عودة حقوقهم كأعضاء وقيادات أصيلين في الحركة.
وفي مايو/ أيار 2011، صدر قرار من اللجنة المركزية لحركة فتح بفصل دحلان من عضوية الحركة، وتحويله إلى النائب العام بتهمة الفساد المالي وقضايا القتل، وعلى إثر ذلك تعمق الخلاف بين دحلان وعباس، رافقته موجة من التراشق الإعلامي وتبادل الاتهامات بينهما، رغم سعي مصر ودول أخرى لوضع حد لهذا الخلاف.
الخليج اونلاين