البرلمان الأردني على الهواء مباشرة: ألفاظ «غير لائقة» رداً على سفينة أبو عودة «التي تغرق»

يعرف عضو مجلس النواب الأردني سليم البطاينة بأن خبراته في السياسة والشأن العام لا تسعفه اطلاقاً عندما يتعلق الأمر بمحاولة الرد أو النقاش مع شخصية سياسية رفيعة المستوى من وزن عدنان أبو عودة رئيس الديوان الملكي الاسبق والمستشار السياسي الأول والوحيد عملياً للمملكة الرابعة في عهد الملك عبد الله الثاني.
البطاينة استخدم مفردات شتائمية وألفاظاً غير معتادة أو لائقة لا علاقة لها بأدبيات المداخلات تحت قبة البرلمان وهو يعلق على جرس الانذار الذي قرعه ابو عودة عندما حذر من ان الاردن اقتصاديا على متن سفينة تغرق.
البطاينة لم ينتقد ابو عودة أو يحاوره بل اكتفى بشتيمة عابرة دون تسمية الرجل مع اشارة كلاسيكية ومعتادة تتحدث عن استحالة غرق السفينة يقودها الربان «الملك» في اشارة إلى محاولة متجددة لإرهاب اصحاب الرأي والمفكرين عبر الايحاء بانهم يستهدفون القصر الملكي.
قبل البطاينة هاجم الدكتور محمد المصالحة وهو أمين عام مجلس النواب سابقا مقولة أبو عودة العلنية حول غرق السفينة مع ان الرجل كان موظفاً قديماً في الاذاعة الرسمية عندما كان ابو عودة ركناً اساسياً في الحكم والدولة ووزيراً للإعلام في الفترة نفسها.
في كل الأحوال يمكن القول إن مقولة أبو عودة «هزت الغربال» المناسب عندما اضطرت مداخلات برلمانية متعددة للتعليق عليها فقد تضمن خطاب النائب محمد الحجوج في مناقشات الموازنة دعوة ضمنية إلى توقف ثقافة ترويج الاحباط والسلبية داعياً إلى التواصل والحوار مرة أخرى مع كبار الساسة من أصحاب الرأي والخبرة.
بكل الأحوال العبارة التي أعادت وضع السياسي ابو عودة في صدارة الجدل حول غرق السفينة لم يكن لها علاقة بالقصر الملكي ولا بالمرجعيات الأساسية فالرجل بإجماع المراقبين المثقفين حذر من غرق السفينة مستفيضاً في شرح وجهة نظره على خلفية اقتصادية تتعلق بالمديونية.
ورغم محاولات بعض التعبيرات الانقسامية في شخصنة رأي ابو عودة الفني والذي تسجل له جرأته في التشخيص إلا ان ابو عودة نفسه ترفع عن الرد مادامت التعليقات وردود الافعال منحرفة ولا ترقى إلى مستوى التفكير ولا الرأي المثار كما فهمت «القدس العربي» مباشرة منه.
عندما استفسرت «القدس العربي» من أبو عودة اكتفى بتعليق لفت النظر فيه إلى ان ما قاله في اتجاه ومن ردوا عليه في اتجاه آخر تماما مشيراً إلى انه اعتزل منذ سنوات كل محاولات توريطه في مناقشة الجهل ومعتبراً انه جاهز لأي مناظرة عميقة حقيقية ومكتفياً بالإشارة إلى ان بعض الردود عليه انفعالية وبعيدة عن الموضوع المطروح مع عبارة قال فيها «انهم لا يناقشون ما اقوله ولن اتفاجأ إذا كانوا لا يفهمونه أصلاً».
في كل الأحوال تثار قصة سفينة ابو عودة التي توشك على الغرق وسط حالة نقاشية غريبة وغير مألوفة داخل مجلس النواب على خلفية اقرار الموازنة المالية للدولة وقد سجل نائب محلي لم يعرف عنه الاهتمام بالسياسة أصلا هو سليم البطاينة اول محاولة للرد على سياسي كبير من وزن ابو عودة.
قبل ذلك لفتت مناقشة غريبة جداً بين أحدث عضو في مجلس النواب وهو سامح المجالي ورئيس الوزراء الدكتور عبد الله النسور شخصياً. المجالي وهو نائب جديد تماما حظي بمقعده في انتخابات تكميلية جرت الشهر الماضي فقط بعد وفاة النائب اعطيوي المجالي.
في اول خطاب له وجه سامح المجالي خطاباً قاسياً لرئيس الحكومة معتبراً انه ووزير الداخلية سلامة حماد وجها له إساءة شخصية عندما قررا احالته على التقاعد بعد ان عمل لأكثر من 36 عاماً في أجهزة الدولة.
المنصب الذي تركه المجالي الجديد قبل النيابة كان وظيفة امين عام وزارة الداخلية، من هنا ألمح الرجل إلى انه يعرف تماماً كيف تدار الميزانيات وما الذي يحصل في وزارة الداخلية والحكومة وتلك اشارة سريعة جداً من نائب جديد توحي باستعداده لكشف العديد من المفاجآت.
لافت جداً ان النسور لم ينتظر إزاء ملاحظات النائب سامح المجالي طويلاً فقرر الرد والتعليق ووصف الرجل بأنه «صديق وجار» مستذكراً ان النائب كان محافظاً للبلقاء عندما كان هو ـ اي النسور يقيم جاراً له في مدينة السلط.
النسور لاحقاً أثار الاستغراب وهو يرد على العتب الشخصي البيروقراطي للنائب المجالي عندما كشف النقاب عن ان ابن عمه وقريبه وزير الداخلية الأسبق حسين المجالي أحضر كشفاً للإحالة على التقاعد وكان من بين الاسماء النائب نفسه فطالب النسور الوزير بتأجيل الأمر حفاظاً على مصالح ابن عمه.
هذا النمط من الحديث العشائري البيروقراطي غير مسبوق بصورته التي حصلت امام الرأي العام ويعكس في رأي المقربين صورة عن كيفية ادارة الأمور في المستوى البيروقراطي الأردني.
لكن الاهم ان النسور وحتى مساء اليوم الخميس سيضطر للاستماع إلى مفاجآت متعددة لأن مناقشات الموازنة لـ 150 نائباً أغلبهم من خارج التعبير السياسي تعني ضمنياً ومرة جديدة أن كل طرز تصفية الحسابات والرسائل الملغومة متاحة تحت قبة البرلمان وعلى الهواء مباشرة.

بسام البدارين

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. لن أعتب على النواب ولكني أعتب على الشعب الذي انتخب هؤلاء بناء على مصالح شخصية ضيقة ووجاهات، فهؤلاء ممثلوا الشعب ليهنأ الشعب بجهلهم وتواطؤهم، لماذا يتم انتقاد الوزراء وممثلوا الدولة في تصرفاتهم المبنية على المصلحة الشخصية في حين أن الشعب وممثلوه يتصرفون بنفس الطريقة لكن على مستوى أدنى، العقلية نفسها ستجدها عندما تتدرج في هذا الوطن من اكبر موظف لاصغر موظف.

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى