خواطر رمضانية

#خواطر_رمضانية

د. #هاشم_غرايبه

في أحدث المجازر التي يرتكبها الكيان اللقيط بشكل روتيني ضد الشعب الفلسطيني، كان العدوان الأخير وقت السحور قبل يومين، الذي أوقع مئات الشهداء، عدد قليل منهم موظفون مدنيون في الإدارة المحلية للقطاع، لكن أغلبهم من النساء والأطفال، لو وقع مثل هذا في أي مكان آخر لانتفض العالم غضبا، ولطالبوا بمعاقبة المعتدي.
قد نكون اعتدنا ذلك، فالعالم الغربي منافق، يسكنه التحيز الأعور ويحكمه التعصب الكريه، فليس من الممكن انتظار صحوة ضمير منه، لذا فلم يعد صمته بل وتغطيته على جرائم العدو يثير استهجاننا، لكنه لا يكون أمرا مقبولا، ولا تبرير له عندما نرى الأنظمة العربية تغض النظر عما نراه، ولا يتمعر لزعيم عربي وجه إزاء تلك الاعتداءات على ابناء الأمة.
إنه من المخجل أن يحدث كل ذلك، ولا يصدر عن العواصم العربية أية ردة فعل رافضة أو متوعددة، وأقصى ما يقلقهم (العنف المتبادل)، كونه يهدد عملية (السلام)، كونها تمثل قصارى طموحاتهم.
إن أضعف الإيمان أن يتمثل الرد بقطع العلاقات مع هذا الكيان أو وقف التعاون الإقتصادي والتجاري المخزي معه، فهل ضاق العالم الرحب حتى لا يكون تبادل تجاري من مكان آخر، ولو مع جزر الواق واق، يغطي الاحتياجات، ويعوض المدد الاستهلاكي!؟
أم أنه الاستخذاء للعدو والانبطاح له لنيل رضا ولية أمره أمريكا!؟.
وتبلغ المهزلة ذروتها عندما تجد السلطة الفلسطينية التي تدّعي أنها قبلت باتفاقية أوسلو – الرذيلة، لكي تحمي الشعب الفلسطيني الرازح تحت الاحتلال، لكنها في حقيقتها ليست الا سلطة أمنية لحماية الكيان اللقيط من المقاومين الذين يتصدون له بما تملكه أيديهم من أسلحة بدائية، فخدمتها له هي مبرر وجودها، وليس خدمة الشعب الفلسطيني، والدليل أنها لم تتصد يوما لقوة صهيونية عسكرية توغلت في المنطقة المكلفة بها، ولم تحم مواطنا اعتقل أو تعرض بيته أو بستانه لهجوم قطعان المستوطنين.
وما يؤكد ذلك أن أعلى ما في خيل “عباس” هو التهديد بوقف التنسيق الأمني… وليس وقفه فعليا!، لأننا اعتدنا منه إطلاق تلك التهديدات بلا تنفيذ، ففي كل المرات السابقة كانت مجرد تصريحات إعلامية لامتصاص النقمة الشعبية، لكنه يتصل بمسؤولي الكيان في اليوم التالي ويؤكد لهم أنه مازال قائما وثابتا.
إن كان حقا يعتبر وقف التنسيق الأمني قد يردع أو على الأقل يقلق العدو، فذلك اعتراف صحيح بأنه فعل خياني مفيد للعدو، وبالطبع هو كذلك، لأن المعلومات الاستخبارية التي يقدمها مخبرو السلطة المنبثون بين المواطنين، هي مصدر المعلومات الأساسي الذي يبني عليه العدو تحرياته وترصداته للمقاومين.
وحتى لو لم تكن تلك المعلومات حساسة، فهي تشكل قاعدة بيانات تفيد العدو في الرصد والملاحقة، وهو يعتمد عنصر الاستباق ومهاجمتهم قبل أن تكتمل تحضيراتهم، ولنجاح عملياته التي تتم في بيئة أقل ما يقال فيها أنها غير متعاونة بل هي حقيقة معادية له، يلزمه التنصت اللصيق، والذي لا توفره إلا المعلومات من الداخل، فذلك يضمن له تجنب الخسائر بين أفراده، ويحقق له أن يكون ميدان المعركة بعيدا عن أماكنه المدنية والحيوية.
لذلك فما تسمى (التوغلات) شبه اليومية في عمق المدن والمخيمات الفلسطينية بهدف اعتقال المقاومين، ما هي إلا ثمرة لذلك التنسيق الخياني الأثيم، حيث لا يمكن لأعتى تقنيات التجسس التكهن بنوايا البشر.
نتوصل الى أنه لم يستشهد بطل من أبطال المقاومة، إلا كان وراء ذلك فعل خياني مدفوع الأجر، ولم يكن أولئك المخبرين لينزلقوا الى الخيانة لو لم تكن هنالك سلطة ترعى ذلك وتنظمه وتتقاضى عليه أجرا.
سوف يسجل التاريخ أن مسمى التنسيق الأمني الذي هو بند ثابت في كل اتفاقيات الأنظمة العربية مع العدو، على أنه أشد الأفعال الخيانية إضرارا بالأمة، وهو فعل مشين لم تقترفه أية أنظمة حاكمة في التاريخ.
فما أبقى أمتنا في هذا الوضع المزري، إلا لأن هذا (التنسيق!) هو بند ثابت أيضا في كل اتفاقيات الأنظمة العربية مع الغرب، التي تسميها أنظمتنا تحالفا فيما هي تبعية وانقياد، ومتفق عليه أن يبقى سريا، لحفظ ماء وجهها أمام شعبها.
لكنه في معاهدات التطبيع يكون معلنا وبوضوح بهدف الإذلال، لتيئيس الشعوب من نية سلطتها الحاكمة أن تسعى الى مجابهة العدو.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى