#خواطر #درامية عن #فيلم #الحب_فوق_هضبة_الهرم…
بقلم #فراس_الور
مقدمة المقال :
الى رجائي و حبيبة عمري…
اشتئتلك أوي يا رجاء، سدئيني كل ساعة بتمر عليا هنا بالسجن من دونك بحسها و كأنها سنة كاملة، كل لحظة بتمر فيها و انت بعيده عن حضني بتخنئني و بشعر فيها و كأني عَيِل تايه مش لائي حضن دافي يتاويني، بحبك يا رجاء…انتِ أمل جميل جدا عايش علشانو هنا بالسجن، بس أخرج من هنا لكل حادث حديث، حنبئا مع بعض او ما فيش أوه بالكون كلو حتفرئنا تاني، نحن تحملنا كثير اوي علشان حبنا…اهلك و والدتك…و الدنيا يلي وئفت قصادنا و مش مديانا و لا حتى بصيص امل نكَوِنْ نفسنا..السجن يلي نحن في…ياه الزنزانه يلي انا فيها بارده و قاسيه اوي بس لو انتي معايا فيها كانت حتبقا جنة نعيم بحالها، الدنيا يلي انتي مش فيها مش عايزها يا رجاء، السجن كان ظلموا حلوْ عليا…اد ايه شعرت بأول يومين في بالظلم من حكم القاضي علينا…بس يوم ورا يوم بعدي عنك اثبتلي اد اي بحبك و مش حئدر بعد كده استغنا عنك و لا يوم…و لا حتى دقيقة من عمري…بس حخرج من هنا حوعدك الأحوال حتتتغير…بس اليوم ده يجي…حبيبك علي…وحشتيني
لو تخيلت ان لهذا الفيلم تكملة لكانت لهذه الرسالة التي انحدرت من خيالي ككاتب مكان بين مشاهده المثيرة، فينتهي و علي و رجاء بطريقهم الى النيابة بسيارة الشرطة حيث تنتظرهم التحقيقات و القوانين الجافة التي لا تراعي ظروف و احوال البشر، فالشرطة التي وجدتهم بوضع حميم على هضبة الهرم بالجيزه لم تسأل عن حيثيات الأحوال التي اوصلتهم الى هذه الظروف، و للذي يتامل مجريات الفيلم و الخاتمة سيفهم ان السجن بإنتظارهم حيث حتى لن يستطيعا دفع اية كفالة مالية قد تترتب ليخرجا من هذا المأزق الخطير فهم من الطبقات المكافحة و المعدومة، فلذلك سجنهم محتوم بالرغم من انهم ظلموا جدا و السبب هو عدم ايجادهما منزل زوجية يأويان اليه ليجتمعا معا بعد الزواج، فلو تخيلنا ما ينتظرهم بعد المشهد الأخير من الفيلم و التوقيف لن يقول علي (الراحل احمد زكي) و هو يمضي مدته بالسجن ظلما لزوجته و حبيبة قلبه رجاء (الفنانة اثار الحكيم) اقل من كلمات رسالتي السالفة، فهم ضحايا حب اعمى دفعهما للبحث عن مأوى لهم وسط أهاتهم و كفاحهم اليومي ليجدا الياس يحطم آمالهم، فقررا تحدي و تحطيم اليأس و الزواج رغم ارادة أهاليهم…ولكن سرعان ما انتهى بهم الحال كالمشردين تنهكهما الرغبات العاطفية الملتهبة لأحتضان بعض…فقررا الذهاب الى الهرم في الخلاء بعيدا عن اعيُنْ الناس و الجلوس بين احضان حجارته لعلها تسترهم…و لكن ليجدا الشرطة تعتقلهم من دون رحمه و تحولهم الى السجن…و التهمة هي حب فوق هضبة الهرم،
المناخ السياسي للفيلم :
شد الحزام…التقشف…الحفاظ على مقدرات و موارد الدولة…كلها كلمات و سياسات امتازت بها حكومات عقد السبعينيات في مصر، فقبل حرب اكتوبر اراد الرئيس الراحل انور السادات تسخير كل مورد للدولة لإنجاح خطة العبور العسكرية نحو اسرائيل و خط برليف، و حيث كان لهذا العبور التكاليف الضخمة لم يتأنى الشعب المصري الشقيق بترشيد استهلاكه الحياتي و اليومي لدعم الدولة في مسعاها الشرعي لإستعادة سيادتها على اراضي السويس و قناة السويس من جديد، و بفصل تكاتف الشعب كله و لُحْمَتَهُ الرائعة مع ارادة الحكومة كانت حرب اكتوبر في عام 73 من اشرس و انجح الحروب التي قادتها الجيوش المتكاملة في تاريخ الأمة العربية على الإطلاق، فاستطاع الجيش المصري تحقيق اهدافه العسكرية بكل سهولة حينها، فسياسات التقشف و شد الحزام كانت في محلها بهذه الفترة الحاسمة من تاريخ بلاد الأهرامات العريق،
و لكن لم يعلم المواطن المصري ان تبعات هذه الحرب قد تكون مرهقة و ثقيلة في ما بعد، فمرت البلاد بنكسة اقتصادية نتيجة عجز بالميزانية من جراء تمويل حرب 73، و لم تستطيع الحكومة طرح حلول كثيرة لأزمتها الا من خلال اللجوء للبنك الدولي و صندوق النقد لتمويل قروض ضخمة لتغطية نفقات الدولة و للتخلص من اعباء الحرب الأقتصادية، و اكتشفت الحكومة ان لهذه المؤسسات الدولية متطلبات و سياسات لمنح التمويلات و القروض، و مع توجهها لإيجاد الحلول لتوفير موارد للدولة للخروج من هذه الأزمة قررت اعادة تطبيق سياسة شد الحزام و التقشف مع المواطن المصري، فخرج في سنة 1977 الدكتور عبدالمنعم القيسوني رئيس الوزراء بحزمة من الإجراءات و اعلنها بخطاب موجه للبرلمان حينها يناقش به خطة الميزانية، و من جملة ما طرح رفع الدعم عن سلع اساسية بحيث يرتفع سعرها في السوق، فبناءا على ما اقترح كان الخبز سيرتفع 50 بالمئة و السكر 25 بالمئة و الشاي 35 بالمئة، و كان سيرتفع على المواطن ايضا سعر زيت الطهي و الأرز و السجائر و البنزين، و قد برر بخطابه ان هذا ضروري لكسب دعم صندوق النقد الدولي و البنك الدولي لتوفير موارد مالية ضرورية للأزمة الإقتصادية….و لكن تصريحاته لم تحظى بدعم الرأي العام بالشارع المصري اطلاقا…فحين تنفيذ الخطة ارتفعت اسعار السلع بالسوق مما فجر عضب الجماهير بالشارع، فبالنسبة للمواطن هذه الخطوات كانت غير مبررة حيث ان تبعاتها لا تبشر بإنفارج قريب للأزمة، بل زاد ثمن رغيف الخبز مما جعل الأضاع اسوء…فثارت تجمعات عمالية و شعبية في عدة مناطق في الإسكندرية و حلوان الصناعية الخاصة و القاهرة ، و تبعتها بسرعة تظاهرات عارمة في معظم محافظات الجمهورية في ما عرف بثورة الخبز، و عجزت الشرطة و الجهات الأمنية عن ردع المظاهرات، مما اجبر الرئيس السادات بتراجع عن سياسته الأخيرة،
في حقيقة الأمر انهت هذه المظاهرات الحياة السياسية للرئيس القيسوني، فتم تعينه في حكومة الرئيس ممدوح سالم التي تم تشكيلها على اثر المظاهرات نائبا لرئيس الوزراء للشؤن المالية و الإقتصادية، و القت الأزمة بظلالها على البلد من دون حلول اقتصادية جوهرية لتزداد احوال المواطنين سوءا، فالبالنسبة الى المواطن المصري كانت سياسات الدولة المتبعة في النصف الآخر من عقد السبعينيات من تقشف غير مبررة حيث كانت تُعَلي مصالح الأغنياء و تزيدهم ثراءا على حساب الفقراء…و تفشى الفساد في قطاعات الدولة المختلفة…و عانا المواطن المصري عموما الأمرًينْ في توفير اساسيات حياته و في كسب لقمة العيش…
نقاش و تحليلات حول شخصيات رئيسية في الفيلم :
في وسط هذه الدوامات و الصراعات الطاحنة بين مؤيد و معارض لسياسيات الدولة، و من صميم واقع الكفاح المرير لتأمين لقمة العيش الذي يوجع مصريين عقد السبعينات تبدأ مشاهد هذا الفيلم السينمائي الكبير، و يجب على المشاهد التميز بين سنة انتاجه و بين الحقبة الذي يعالج شأنها، فتم عرضه لأول مرة في 3 فبراير عام 1986 في سينما ميامي بالقاهرة، و هو من اخراج الراحل عاطف الطيب، و هو عن قصة اسمها الحب فوق هضبة الهرم، و هي قصة ضمن ديوان قصصي شهير لأديب النوبل نجيب محفوظ يحمل نفس اسم الفيلم، و هذه القصة هي ضمن مجموعة قصصية تعالج جميعها مشاكل الأُسَرْ المصرية في نفس الحقبة اذ تبين مدى استشراس الطبقات الثرية و الفساد على حساب قوت الطبقات المكافحة و كيف يعاني المواطنون في هذه الظروف المادية الصعبة، و هذا الديوان القصصي للراحل نجيب يضم الروايات التالية : “نور القمر، أهل القمة، السماء السابعة، سمارة الأمير، الراجل والآخر، صاحب الصورة، الحب فوق هضبة الهرم، الحوادث المثيرة”،
علي شاب في مقتبل العمر صاحب شهادة بكالوريوس بالقانون، و لكنه يعاني من عدة مشاكل خانقة بحياته، فينحدر من اسرة مستورة الحال تسكن في شقة متواضعة و لا تملك سوى قوتها اليومي، و هو موظف في دائرة حكومية حيث يقوم بمهام لا تمت الى تخصصه الجامعي بصلة، فحتى راتبه متواضع جدا يكاد يكفي للمواصلات و بعض المشاريب الساخنة حينما يجتمع مع اصدقائه ابوالعزم (الراحل احمد راتب) و (عبدالله حفني) في مقهى شعبي، علي في حقيقته كشخصية ثائر على اوضاعه و اوضاع البلد حائر في قراراته على ما يجب فعله ليحسن من وضعه، فكثيرا ما نراه يشكو من تكرار نفس الطعام في بيته حيث يعترض في المشاهد الإفتتاحية على ما توفره له والدته ام علي (ناهد سمير) من غذاء، و حينما يحاول والده عبدالستار (عدوي غيث) الوعظ عليه لتهدئته طالبا منه مطالعت ما يكتبه عاطف هلال (صلاح نظمي) في صحيفة من الصحف القومية يعترض و يعبر عن عدم قناعته من الذي يُكْتَبْ للناس، فينتقد ما يراه انها اصبحت جمل كالكليشيهات بالصحف فيجيب والده “يعني عاطف حيكون كاتب ايه ،الفول مافيش احسن منو و القشيه معدن”…فيترجاه والده و يقول “يابني قول الحمدلله،” و هنا تأملت هذا الحوار كثيرا ليتوضح لي ان والد علي ربما يرمز الى جيل من القدامى اختاروا الإقتناع بكلام اقلام موجهة من الدولة لتهدئة الرأي العام بالبلد و الطلب منهم القبول بما توفره الدولة بإمكانياتها، و لكن على النقيد فالجيل الصاعد من الشباب امثال علي و ابوالعزم و صديقهم الثالث و ألوف من الشباب لا تكفيهم هذه الجرعات المُسَكِنَة، فلهم احلامهم و يريدون ان يحققوا طموحهم و تحسين مستوى عيشهم…رمزية درامية تصب في عمق المشكلة…
كثيرا ما نرى ثوران علي على الأوضاع المعيشية بالبلد في اوجها، ففي اكثر من مشهد نشعر برغبات علي و اصدقائه بحل مشاكلهم و لكن كل بطريقته الخاصة، فبالرغم من بعض حركات الطيش الذي تصدر عنه كالنظر من نافذة غرفة نومه على جارته و هي في غرفة نومها، و امعان النظر على اجساد النساء و هو يسير بالشارع، الا ان علي امتاز بالتعقل عموما مقارنة مع ابوالعزم، و خصوصا حينما حاولت ناديه (سعاد حسين) اغواء احدهم في المقهى بتصرفاتها، فنرى تجاهل علي لها بينما نرى القبول من ابوالعزم، و سرعان ما نرى علاقة تنشئ بين ابوالعزم و ناديه بالرغم من سنها الكبير لنفهم ان هذه الشخصية مستعدة لاي شيئ للخروج من ازمتها حتى و ان كان الثمن بيع ذاتها، فنرى ابوالعزم بمشهد آخر يبرر لعلي فعلته بأنه حاليا يمتلك من خلال علاقته مع ناديه منزل فاخر و تلفزيون و حياة حقق فيها معظم رغباته…امور كان محروم منها، و حتى حينما يعرض عليه الدخول بعلاقة مع صديقة نادية نرى رفض علي لهذه العلاقات النفعية…فعلي يعي تماما انها علاقات عابرة لن تدوم طويلا…هذا التباين بين شخصية علي و ابوالعزم لَوًنَ هذا العمل الدرامي بواقعية جميلة فابوالعزم يرمز الى نوع من الشبان موجودين بمجتمعاتنا و هم على استعداد للتضحية بمبادئهم و بالمنطق و التعقل للخروج من ازماتهم الماديه، فظروفهم حولتهم الى بشر وصوليين و انتهازيين على استعداد لفعل اي شيئ للوصول الى استقرار حتى على حساب عواطف الآخر، بينما علي كسب هذه المعادلة ففكر بواقعية قليلا و قرر الصبر على نفسه الى حين…و الجميل بالأمر انه مع تقدم مشاهد العمل نرى هشاشة العلاقة بين ابوالعزم و ناديه، فحينما يقوم علي بزيارته بمنزلة يراه يتشاجر معها ليتضح لعلي ان صديقه تعيس بواقع الحال فالماديات التي جناها كانت على حساب سعادة لم يحصل عليها من خلال علاقاته العاطفية مع عشيقته….
صبر علي جلب له رجاء، فتواجد علي ضمن اوقات الدوام بالمكتب يكاد ان يكون شبه معدوم، و هذا يعود الى توظيفه عشوائيا بقسم لا يَمُتْ الى تخصصه بصلة، فبعد ان يمضي حضور في الصباح في دائرته يغادر بعلم مديره الى الخارج ليغدو متسكعا بالشوراع من دون هدف واضح بحياته، حالة ضياع وظيفي يسلط الفيلم الضوء عليها بإمتياز، و لكن لعب النصيب مع علي لعبة كبيرة، ففي يوم و هو يسير بممر من ممرات دائرته صادف شابة جميلة و جذابه فلفتت انتباهه، و سرعان ما شعر بإنجذاب نحوها، وسرعان ما اكتشف ايضا ان اسمها رجاء و تم تعينها بنفس الدائرة التي يعمل بها، و بعد عملية تعار ف تشرح من خلالها رجاء ظروف تعينها يتبين انها ضحية تعيينات عشوائية ايضا فتخصصها بالتاريخ لا يخدم التخصص المهني للمكتب الذي عُيِنَتْ به،
وقع علي في حب رجاء، و ارادا الإرتباط و لكن اعترضت طريقهما الصعوبات، فالحب لا يكفي في زمن يصبح به صاحب الشهادة الجامعية من دون قيمة لكثرة اصحاب التخصص الجاميعي بسوق العمل، و خصوصا في دولة تبيع الأمل الكاذب للناس و تطلب منهم الصبر و المسير نحو مستقبل قاتم لا يحمل للمواطن اي امل بتحسن اوضاعه، و الرواتب لا تكفي لتوفير العيش الكريم للفرد الواحد و الشهادة لم تعد ذاث قيمة معيشية ترجى حيث يستعطي اصحابها اللقمة و الرغيف…و لتنقلب الموازين رأساً على عقب في هذا الزمن القاسي…فاصحاب المهن الصناعية اصبحوا ميسوري الحال اكثر من مثقفين الأمة…فبالوقت الذي يقع علي بحب رجاء و يجد عقبات ماديه مريرة بدربه يتقدم سباك الحي احمد (الراحل نجاح الموجي) لطلب يد نهي شقيقته، و هنا نرى سخرية القدر بمقارنة بينية روائية يتعملق بها الراحل نجيب محفوظ و مخرج العمل في هذه العلاقات التي خلت من اي منطق اطلاقا، فالسباك الذي لا يصل بثقافته الى نعل نهي الجامعية يقوم بالزواج منها و يؤثث لها منزل كامل بجيمع متطلباته، و يكسيها بالثياب التي لطالما حَلُمَتْ بها بمنزل ابيها…و علي و رجاء اصحاب الشهادات و الثقافة الجامعية يستعطون لأجل توفير ابسط امكانيات الزواج…امر يدفع ابطال هذا العمل الى اللامعقول، فيقنع علي اهله بالتقدم لطلب يد رجاء بالرغم من رفض سعاد والدتها (فيفي يوسف) لهذه الخطوة،
و تكمل الحياة سخريتها من ابطال العمل، فَمِنْ المشاهد التي تحمل المفارقات القوية مشهد زيارة علي و اهله الى منزل نهى، فنرى احمد فجأة يصل الى بيته ليجد اسرة زوجته بضيافته، فيرحب بهم آخر ترحيب و يدعوهم الى تناول العشاء قبل ان يغادروا منزله، فيطلب بكل ثقة من مطعم للمشاوي عشاء فاخر لهذه المناسبة، فتنبهتُ كمشاهد قبل ان اقيم العمل كناقد كم هذه الحالة تتباين بصورة ادبية و روائية رائعة مع كلمة احمد في المشاهد الإفتتاحية من الفيلم حينما اعترض على تناول الباذنجان كل يوم في منزله، فابتدأ بالقول…على سيرة اللحمة مش ناوية تدخل بيتنا”، و المشهد الذي انفجر به في وجه عاطف هلال بالمقهى حمل الكثير من الدراما القوية و رمز الى نفاذ صبر الناس من حُقَنْ التهدئة من الدولة، فبالرغم من ان اول زيارة بينمها اتسمت بالنقاش الودي الا انه اتى في زيارته الثانية ليقول له رأيه بكل صارحة بكلامه في الصحف، فصرخ بوجهه و اتهمه بالكذب و غش الناس و هاجمه على ما يكتبه بكل شراسه، انه صراع درامي لدقيقة من الزمن عكس صراع دام لعقد من الزمن بين المصريين و دولتهم…
رحلة رجاء و علي بالزواج لا تنتهي بالنجاح اطلاقا، فتارة نراهم في حيرة من امرهم بسبب الإمكانيات المادية الضعيفة يتناقشون عن ماذا يجب فعله، و تارة نرى علي تحت مرمى نيران سعاد و كلامها الجارح لترك رجاء و شأنها، فسعاد تريد تزويج ابنتها لصاحب المقدرة المادية غير مكترثة بقلب ابنتها المتيم بعلي…و هنا تنكسر رجاء تماما امام هذه الضغوطات لتدخل بحالة نفسية سيئة جدا فخطيبها قرر التخلي عنها كليا بسبب هذه الضغوطات، فالعند بهذه الظروف لم يوصله الا للفشل و التصادم مع حمويه، و بعد فترة من الحزن و الآلم و بقلب محطم يذهب الى المقهى الذي كان يلتقي به حبيبته، فيجدها بالصدفة و على نفس طاولتهما المعهودة، فيتيقن ان رجاء ايضا لم تستطع نسيانه، و سرعان ما تعود المياه الى مجاريها، و هنا يقررا المضي بمشروع جنوني، فيقررا الزواج من دون علم اهلهم، و لا تنتهي احداث هذا الفيلم الذي بَيًنَ مرارة الحب الحقيقية وسط الظروف المادية الصعبة الا قبل ان يبين كم تحملا ابطال العمل لأجل حبهما الأعمى الذي لم يجعلهما يخضعا للمنطق إطلاقا، فخطبا بعض رغم ضيق الحال و تحديا ارادة اهليهما لأجل ان يبقيا مع بعض…و تزوجا من دون علم احد…و حتى حينما لم يجدا منزل يأويهما حاولا الحجز بفندق ليجدا بالصدفة موظف زميلهم بنفس المكان، مما فضح شأنهما بدائرة عملهم، و مما اجبر على على الإفصاح لمدير رفيع المستوى بدائرته بزواجه الشرعي من رجاء،
ينتهي بعلي و رجاء المطاف عشاق متحابين في احضان بعض على هضبة الهرم بالجيزة، فحتى الحب الصادق لا يجد له مكان في عالم لم يراعي احوال البسطاء من الناس، ففي ساعات المساء في ذات يوم و علي يحاول ضم زوجته بإشتياق و لوعة فلم تسمح له الظروف القهرية بالإختلاء بها اطلاقا منذ يوم الزواج، أتتهم قوة من شرطة الآداب و ألقت القبض عليهم، لينتهي بهم المطاف في قبضة العدالة و التهمة…”الحب على هضبة الهرم”، لم يسفر تدخل الأهل على تخفيف التهمة عليهم فعلي رفض امام الضابط المسؤل الإعتراف بغلطته…لِيَتِمْ اغتيال حب لم ينولد بعد و تدمير اسرة جديدة احبت فلم تلاقي الا السماء السرمدية لتلتحف بها و احجار الهرم ليأوا اليها لتشهد على لحظات عشقهم الأولى…ينتهي هذا العمل نهاية من دون حل واضح لصراع الأبطال، فتم ترحيلهم الى النيابة، فالمراد هو ان يُحَوِلْ الرائي و صانع العمل هذه المشكلة الى الرأي العام لأنها مشكلة آلوف من الشباب الناشئ في مصر…هل يحل ممارسة الحب فوق هضبة الهرم للذين يعانون مثل علي و رجاء؟