خمس مفارقات حديثة

خمس مفارقات حديثة
د. ذوقان عبيدات

تسود الأردن والمجتمع الأردني والعالم العربي والإسلامي أيضا عدد من القضايا والمواقف العجيبة، فلا نكاد ندري ما الذي يجمعنا أو يفرقنا ! ولا نكاد نميز عدوّا من صديق. بل أعداؤنا هم أصدقاؤنا …….. وصنعنا أعداء جددا مثل إيران وفرنسا ومقاومي إسرائيل، وبدأنا بشن حروب مقدسة ضدهم.
فإيران شيعية وفرنسا علمانية، والمقاومة كاذبة ، والباقي أصدقاء. ولذلك سأتحدث عن خمس مفارقات شبه سياسية.
1
إسرائيل تضمن تفوقها
اجتمع وزير الدفاع الأمريكي مع رئيس وزراء إسرائيل.وتعهدت الولايات المتحدة بضمان تفوق إسرائيل ، كما اعترفت في ……. جغرافية إسرائيل إلى مستعمراتها وهذا تطور خطير لم …. أحدا! والسؤال إذا كان العرب كل العرب قد طبعوا مع إسرائيل، فمن هم أعداء إسرائيل؟
أتمنى أن يجيب أحد ! هل هي أوروبا ؟ تركيا ؟ فرنسا ؟ العرب ؟
إذا مما نخشى إسرائيل ؟ خاصة وأننا ندعي أن المقاومة كاذبة !
2
إمام المسجد الأقصى يدعو لوقفة
والمفارقة الأكثر غرابة هي أن القدس تعمرت عاصمة أبدية لإسرائيل، وأن سفارة الولايات المتحدة هي في القدس . وأن سفارات عديدة ستنقل إلى القدس، فلماذا لم تحدث مثل هذه الوقفة ؟ القدس مسرى الرسول، وإن أكبر إهانة لنا ولرسولنا الكريم هي في الصمت عن ضياع القدس أو على الأقل في ما يمكن أن ينهي علاقتنا بالقدس.
فمتى تكون لنا وقفة أو حتى جلسة من أجل القدس؟
3
أردغان نموذجا
في الاستثمار السياسي للدين، برز أردغان إماما لنا، أو ” صلاح ديننا ” !!
فهو من يصول ويجول، ويتهم رئيس فرنسا بأنه مجنون أو مختل. وبذلك حاز أردغان أعلى شعبية – ربما فاقت شعبية جمال عبد الناصر -.
أردغان طبعا مدعوم من أكثر الأقنية العربية اتساعا.ومن أكثر الأجهزة الشعبية الإسلامية في بلادنا. ولو ترشح في أي بلد عربي لفاز على كل زعمائنا!!
طبعا، إيران تتدخل في عالمنا : سوريا- اليمن- لبنان- العراق. ولذلك غضبنا منها، وتركيا تتدخل احتلالا لا نفوذا في سوريا والعراق وليبيا وقطر، ومع ذلك أحببناها. فهي حامية الإسلام . ولا علاقة لها بالسياسة أبدا!!
4
المسلمون غاضبون جدا
لا أناقش هل يحق لنا أن نغضب . فالمسلمون شعروا بعدوان عليهم ، ومن حقهم أن يدافعوا : فكرا، وسكاكين، وقطع رؤوس. هذا مفهوم جدا.وغضبهم مشروع جدا. فالمسلمون أهينوا حقيقة. لكن ما ليس مفهوما هو أن التطبيع لم يهنّا، وتدافع سقوطنا نحو اسرائيل لم يهنّا، وهرولة السودان لم تهن العرب، وابتزاز أمريكا للسودان وغيرها ليس إهانة !! وطوابير المطبعين …… إسرائيل ليست إهانة!!
كيف نفهم غضبة على إهانة وصمتا مطبقا على إهانات كبرى؟
أليس غضبنا مسيرة سياسية ؟
طبع السودان في صمت. ولو طبعت أكبر دولة عربية لم تطبع بعد لمرت في صمت، فنحن مشغولون في وقفات وغضبات ثانوية!!
أكرر لا أنتقد الغضبة بل الصمت.
5
كلام خادش في محاضرة
شاع فيديو عن تبادل حديث بين شاب وفتاة في أثناء محاضرة جامعية عن بعد . رصدت ردود الفعل:
– ردودا ممتدة في كل مواقع التواصل.
– الغزل خارج عن قيم مجتمعاتنا.
– التعليم عن بعد يسمح بالفلتان.
– محاضر يسكت عن حديث خادش للحياء.

لقد بلغ حياؤنا درجة عالية من الحساسية أو كما يقول الشاعر: “قطرات النسيم تجرح خديه ”
فإذا شغب جمهور الرياضة . فالشعب خارج عن قيم مجتمعنا ، وبذلك نسكت.
وإذا كتب شاعر بيتا من الشعر، نقدمه لمحاكمة بتهمة خدش الحياء والإساءة إلى قيم المجتمع . فالمجتمع الأردني : نقي طاهر لا تشوبه ظاهرة سلبية – حسب حراس المجتمع – !
أكرر سؤالي : ألم يخدش التطبيع حياءنا ؟ ألم يخدش ضياع القدس حياءنا ؟
لا أريد أن أبدو مهتما بالسياسة، لكن ألم يخدش الفساد حياءنا ؟ الظلم؟ الوساطة؟ البطالة؟
ماذا لو قرأنا كتاب الأغاني أو غيره فماذا يبقى لنا من حياء زائف!!
هذه بعض مفارقات، أردت تسجيلها علّني أصل إلى أسباب الإنفصام القيمي: هل هناك من يلعب بمشاعرنا ؟ هل هناك أجهزة خفية تثيرنا نحو موضوع وتبعدنا عن حقائق كبرى ؟ .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى