خطة الأردن في ملف الضفة الغربية

خطة الأردن في ملف الضفة الغربية
ماهر أبو طير

ربما هو اكثر شخصية أردنية، كانت على صلة بمركز القرار السياسي، في عمان، ويعرف جيدا كيف يفكر الأميركيون، وإلى أين تؤشر البوصلة في كل مرحلة؟!.
هذا الكلام عن عدنان أبو عودة، الذي يعد سياسيا وازنا، ليس من باب مديح الشخص، لكن من باب التدقيق في كلامه الذي باح به قبل يومين لموقع عمون الاخباري اذ يتحدث عن سيناريو تهجير الفلسطينيين من فلسطين الى الأردن، في سياقات المشروع الإسرائيلي الأكبر، خصوصا، بعد اعتراف واشنطن بشرعية المستوطنات في الضفة الغربية، وضم غور الأردن في الجانب الفلسطيني إلى إسرائيل، وقد سبق كل ذلك اعتراف واشنطن بالقدس عاصمة لإسرائيل، فوق الحرب على وكالة الغوث الدولية، بما اعتبره أبو عودة، تطبيقا لصفقة القرن دون إعلان، أي عبر تبني المطالب الإسرائيلية تدريجيا.
أخطر ما في تصريحاته انه يعتقد ان إسرائيل الآن امام مشكلة الديموغرافيا الفلسطينية، ومن اجل ان تتخلص منها، قد تلجأ الى احد خيارين، حرب على غرار حرب 1948 او 1967، او ضغط اقتصادي شديد يؤدي الى تهجير الفلسطينيين من الداخل، وفي الحالتين فإن البوابة المفتوحة هي الأردن، الذي برأيه سيكون اول المتضررين، لكن المسؤولية هنا، ليست مسؤوليته وحيدا، بل مسؤولية العرب اجمعين.
خطورة الكلام تكمن في ان المشروع الإسرائيلي تكتمل فصوله، اذ ان شطب حق العودة، بات واضحا، كما ان مشروع الدولة الفلسطينية انتهى فعليا، وتبقى امام إسرائيل مشكلة الفلسطينيين وتأثير وجودهم على الهوية اليهودية لإسرائيل، وهذه أزمة هوية كبرى، بالنسبة للإسرائيليين، تؤثر على نجاح مشروعهم، وهوية دولة الاحتلال.
برغم ما يقوله أبو عودة إلا ان علينا ان نعترف ان ليس كل ما تتمناه إسرائيل تدركه، إذ إن المشروع الإسرائيلي، أخفق في محطات كثيرة، لكننا مصابون بعقدة النقص او الضعف امام الإسرائيليين، ولهذا قد لا يكون سيناريو التهجير بهذه السهولة، وقد رأينا خلال سنين الانتفاضة الأولى والثانية، وفي ظروف كثيرة، ان الفلسطينيين لم يتركوا فلسطين، او الضفة الغربية، حصرا، بهذه البساطة.
كانت كل التحذيرات من موجات هجرة الى الأردن، في فترات لاحقة، يتم الرد عليها بإحصاءات الجسور الأردنية التي تثبت ان عدد القادمين والمغادرين متساو الى حد كبير، بمعنى انه لم تحدث هجرات برغم كل الظروف، وإسرائيل مهما بلغ سحرها، لن تستطيع في ليلة واحدة، نقل ملايين الفلسطينيين نحو جسور الأردن.
الجانب الأهم هنا يرتبط بتغيرات واسعة على طبيعة البنية الفلسطينية التي لن تقبل مغادرة مدنها ومناطقها بهذه البساطة، اذ ان دروس الهجرة واللجوء بعد حربي 1948 و1967 تركت اثرا كبيرا على هؤلاء، ولذلك لن يكون سهلا على الإسرائيليين تنفيذ مخطط التهجير، بذات الطريقة قبل عقود، بعد ان رأى الناس، كلفة اللجوء المرتفعة جدا.
هذا الجانب قد يبدو عاطفيا، بنظر سياسي مثل عدنان أبو عودة، خصوصا، ان المنطقة كلها باتت تحت إعادة الإنتاج على أساس اللجوء والهجرات، وصارت تألف الهجرات السكانية، وقد رأينا كيف هاجر الفلسطينيون والسوريون والعراقيون واليمنيون، وغيرهم، بما قد يثبت ان الوقوف في وجه ظروف صعبة، مثل الحرب او التجويع، وغير ذلك، افتراض واهن، بما يعني ان توليد ظروف تؤدي الى التهجير امر محتمل نهاية المطاف.
في كل الأحوال، فإن الجانب الأخطر في تصريحاته، يرتبط بكلفة كل الذي يجري على الأردن، سواء عبر التهجير، او اجبار الأردن على حمل ملف السكان في الضفة الغربية والقدس، بطريقة ما، عبر دور وظيفي جديد للأردن، خصوصا، ان علينا ان نقول بشكل واضح، ان مشروع الدولة الفلسطينية، انتهى تماما، وان الدولة المؤهلة وفقا لحسابات أميركية وإسرائيلية لدور وظيفي بخصوص الفلسطينيين هي الأردن، التي تعلن ليل نهار رفضها للتورط في هكذا ملفات، لكنه رفض لا بد من إعادة قراءته وفقا لأي تطورات او ضغوطات قد لا يحتملها الأردنيون ولا الفلسطينيون أيضا، وهنا مكمن الخطر على الأردن وفلسطين معا.
يبقى السؤال المعلق، حول ماهية خطة الأردن للتعامل مع كل هذه التطورات في الضفة الغربية، خصوصا، مع التسارع الذي نراه، ووجود احتمالات كثيرة، وهي خطة لا بد ان تكون عميقة، ولا تتوارى خلف تصريحات تندد فقط بكل ما يفعله الاميركيون والإسرائيليون، فقد اقتربت الساعات الأخطر، بشكل واضح تماما ؟.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى