خريف الزعماء…ربيع الشعوب ! / بسام الياسين

خريف الزعماء …ربيع الشعوب !

شخصية الطاغية صورها القران الكريم ابلغ تصوير.سبر اغوارها بفضح هوسها المحموم للسلطة والمال والتفرد بالقرار .فالطاغية رجل اخذته العزة بالإثم.ينظر لمن حوله و اقرب الناس اليه كأنهم صبيان سخرهم الله لخدمته…انه يسمع ارآء الجميع لكنه ينفرد برأيه.يوحي للامة بانه يفهم بالأحوال الجوية و اعماق البحار. يعرف حركة الزلازل و مواعيد تساقط الامطار. بارع في الاستيراد والتصدير وتحديد الاسعار.بإيماءة يعلن الحرب على الاعداء، وبطرف اصبعه يوقع معاهدة السلام. خبير في علم التنجيم وبارع في الميكانيك. الاول في السياسة والعارف بشؤون الاقتصاد.ولي النعمة والإنعام للبشر والأَنعام ،وما يرفل به الناس بعض مكرمات كفه الندي. لهذه الأسباب،الانحناء له والتسبيح بحمده،لانه ظل الله وطاعته من طاعته.لكنه رغم خوارقه المتعددة الا انه اضعف من حشرة.عندما اطبق البحر على فرعون كبيرهم الذي علمهم السحر:ـ {…،قال آمنت انه لا إله الا الذي آمنت به بنو إسرائيل و انا من المسلمين }. البشير حاكم السودان الذي طغى وتجبر اثناء حكمه، دخل في كآبة حادة يوم جرجروه من اذنه للسجن،وراح يبكي كالنساء ” مُلكاً مُضاعا “.رئيس تدثر بعباءة الشريعة فوجدوا الملايين تحت سريره، و اذا به أَلصُ من لص .

الدكتاتور رغم هالته المصطنعة وهيبته المفبركة، شخصية معطوبة.ابواق اعلامية تنفخ فيه حتى يصير كالطبل.ولكل طاغية فرقة للتسحيج، و اخرى للتطبيل، وثالثة لفبركة البطولة، ورابعة للانجازات، وخامسة للتضليل.ما يؤسف له انه كلما اشتد عسفه،اتسعت دائرة طاعته و الاذعان له، ـ فاستخف قومه فاطاعوه ـ . الانكى اصابة الناس بالخرس كلما امتطى القانون وتلاعب الدستور.صمت مريب يزيده غرورا، حتى يقول على طريقة فرعون الملعون لفرط كبره :ـ ” انا ربكم الاعلى “.هذه سمة الطغاة في معاملة الجميع كالقطيع والنظر للناس كأنهم رعاع لا مواطنيين .

للطغاة سمات مشتركة جامعة بينهم :ـ اولها اختزال الدولة بشخوصهم،ثانيها الاستهزاء بشعوبهم، ثالثها جنون العظمة،رابعها الرغبة المحمومة بالتلميع، والشغف بالتملق،خامسها الشعور بالتأبيد والتأييد.فلا عجب انفصام الطاغية عن الواقع ورؤيته ما يدور باناه المتضخمة التي لا ترى الا ” الا ما يريد.،لهذا ينظم زبانيته القصائد مدحاً ويلحنون اغاني التمجيد ،ويرفعون صوره في كل مكان حتى تغطي الحيطان وتحتل الميادين،ناهيك عن تعليقها في الدوائر و المؤسسات. ليبقى حاضراً في الوجدان ـ . صور زين العابدين المنتشرة في العاصمة تونس، كانت الواحدة تتجاوز عشرات الامتار، حيث تتدلى من البنايات الشاهقة ولا احد يجرؤ ان ينزع خيطاً منها. طاغية رومانيا تشاوشيسكو رد على صحفي اجنبي،حول اثر المظاهرات المناهضة له، اذا كانت ستؤدي الى تغييره.اجاب هازئاً:ـ ذلك ممكنُ اذا تحولت اشجار البلوط الى تين. بعد اربعة ايام من تصريحه، نُفذ فيه حكم الاعدام رمياً بالرصاص.

الاحتجاجات الشبابية،المسيرات الشعبية،المظاهرات العمالية، الحشود الغاضبة المنطلقة في البلاد العربية،كشفت الشرخ بين الشعوب و الأنظمة والهوة الواسعة بين الجماهير وقياداتها،بعد ان ثبت للامة كافة ، ان من يُعلق آماله عليها،كمن يُعلق ملابسه على حبل غسيل مهتريء في يوم عاصف،لا تلبث الريح العاتية ان تحمله معها ويبقى عارياً لا شيء يستره.

ليلى طرابلسي زوجة زين العابدين كشفت هشاشة طاغية تونس،فرغم حكمه البوليسي القمعي،عند مغادرته بلاده لاخر مرة، تلكأ في الصعود على درجات سلم الطائرة التي ستقله لمقبرته الدنيوية في جدة،فما كان منها الا ان سحبته من يده قائلة:ـ ” طول عمرك متردد وخواف “. السيدة (وداد) زوجة البشير الملقبة بالهانم،ضُبط بملكيتها عقارات بالخرطوم،و استثمارات في قطر.ولديها حساب بنكي ضخم في بريطانيا وتملك 12 مبنى في مشروع النخلة بالإمارات.اموال كفيلة بسد عجز مديونية الخزينة السودانية،فيما فضحت الارقام ثروات مبارك،القذافي،زين العابدين، بوتفليقة،البشير وحواشيهم.للامانة العلمية،شذ عن هذه القاعدة،الطاغية الحجاج فقد كان زاهداً في الدنيا، ولم يسمح لجنده او قواده بسرقة مال او تطاول على عقار. في هذه الايام الفضيلة نتضرع الى الله بالقول:ـ ” اللهم ولِّ أُمورنا خيارنا ولا تسلط علينا من لا يخافك و لا يرحمنا “.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى