خروف العيد.. وخروف «سلمى» في درس القراءة

خروف العيد .. وخروف «سلمى» في درس القراءة
د . رشيد عبّاس

ثمة تشابه واضح ما بين خروف العيد, وبين خروف «سلمى» الذي انشدته سلمى صغيرة في إحدى دروس القراءة في المرحلة الابتدائية الدنيا,…التشابه يقع في الخداع والتشويه والتغيير في الحقائق من قبل بائع خروف العيد, ومن قبل رسّام خروف «سلمى» في إحدى دروس القراءة في المرحلة الابتدائية الدنيا, مع اننا تعلمنا من ثقافتنا ان خروف العيد لامع العينين, نشيط الحركة, وان خروف العيد لحوم غير دهون, عظامه خجولة, ثم اننا تعلمنا من مناهجنا المدرسية ان خروف «سلمى» جميل نظيف, وديع اليف, يطوف الحقول ويرعى البقول, وفي صوته بحة المساء, وفي صمته هدوء الليل.
خروف العيد للأسف الشديد انطلت عليه اللعبة من قبل الباعة عن طريق إطعامه البرسيم في الأيام السابق لبيعه للناس كي يزيد وزنه، ومنهم من يقوم بإطعامه البرسيم مخلوط بالقليل من الملح الخشن ومن ثم يتم منعه عن الشرب لفترة سابقة لصباح العيد ويتم تقديم الماء له كي يصاب بالظمأ الشديد ويسارع في شرب الماء مما يؤدي إلى زيادة وزنه بالماء الزائد, حيث يباع هذا الخروف قائم وليس صافي وبتكلفة عالية, وبعد شراءه بيوم يفاجئ المشتري ان خروف العيد ذابل العينين, بطيء الحركة, دهون غير لحوم, عظامه بارزة.
وخروف «سلمى» الموجود على احدى صفحات دروس القراءة في المرحلة الابتدائية الدنيا اختفى هاربا مع اول دمعة من دموع «سلمى» الفرحة به, حيث الدموع تذيب الورق المرسوم عليه الخروف, لتكتشف «سلمى» انه خروف مزيّف, ليس فيه جمال ونظافة, وليس فيه وداعة والفة, وليس بمقدوره ان يطوف الحقول ويرعى البقول, وليس في صوته بحة المساء, وفي صمته هدوء الليل.
اعتقد ان «سلمى» لن تصدقنا بعد اليوم, فبعد ان كانت تصف لنا خروفها ناشدة صادقة, ظناً منها أنَّه حقيقة ماثلة امامها, وربما اوشكت على ان تطعمه وتسقيه, بعد كل ذلك تكتشف فجأة انه مجرد صورة لا حياة فيه من رسام خبيث ماكر, احترف الخداع والتشويه والتغيير في الحقائق, كيف لا وزاد الطين بلة حين قال (لسلمى خروف, صغير نحيف, جميل نظيف, وديع اليف, متى ما رآها, تسير أتاها, وسار وراها طروبا خفيف, يطوف الحقولا, ويرعى البقولا, وسيبي العقولا, ثغاه اللطيف, وتدعوه سلمى, تقول هلما, اليا هلما, خروفي الظريف, فيأتي عليها, للحس يديها, و يجثو لديها, كهر ألوف).
صديقي «ابو محمود» يصفق لأنه اشترى خروف العيد وما ادراكم ما خروف العيد, و«سلمى» تصفق كذلك لأن لها خروف في درس القراءة, وابو صالح يصفق لأن سيارته دفع خلفي, وام خليل – الله يحفظها- تصفق لان صهرها مطيع لها حتى اخر الحدود, وجامعة الدول العربية تصفق لأنها منظمة إقليمية تضم دولاً في آسيا وأفريقيا ويعتبر أعضاؤها دولاً عربية.
بقي ان نقول اصبحت احوالنا اليوم للأسف الشديد كطائر «البطريق», وطائر البطريق يا سادة يا كرام طائر غريب عجيب, فهو محسوب على الطيور ولا يطير, ويعيش في المحيط المتجمد الشمالي وليس لديه فروة, ويدخل البحر فتأكله الحيتان, ويخرج الى اليابسة فتأكله الدببة, ومع كل هذا وذاك يبقى في حالة (تصفيق) دائم.
تعلمت التصفيق وانا جالس, وتعلمت التصفيق وانا واقف, لكنني اتقنتُ التصفيق جالسا مع الوقوف التدريجي,…فانا اصلح ان اكون درسا في القراءة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى