خروج الطلبة من المدرسة خلل تربوي كبير

خروج #الطلبة من #المدرسة #خلل_تربوي كبير

أ.د رشيد عبّاس
المدرسة مؤسسة تربوية يتلقى فيها الطلبة تعليماً مخطط له بدقة وعناية فائقة وفق برنامج دروس وحصص محددة خلال فترة زمنية معينة, بحيث يتفاعل الطلبة مع معلميهم داخل الغرف الصفية كبيت للخبرات يندر تعويضه خارج هذه الغرف الصفية, وذلك من أجل اكتساب هؤلاء الطلبة المعرفة اللازمة.
بهذا المعنى الغرفة الصفية هي بيئة تربوية آمنة للخبرات التعليمية ببعديها المادي والمعنوي, إذا ما تحققت فيها جملة من المعايير التربوية, لعل من ابرزها اكتمال عدد طلبة الصف (وعدم خروجهم منه) دون علم الإدارة المدرسية في ذلك, وهذا الاكتمال يتم من خلال عدم تسرب بعض الطلبة خارج الغرفة الصفية خلال اليوم الدراسي واثناء سير الحصص الصفية, لأن ذلك يؤثر سلباً على استراتيجيات التدريس واستراتيجيات التقويم التي خطط لها المعلم مسبقاً والمنوي تنفيذها داخل الغرف الصفية على مستويات الطلبة المختلفة.
الدراسات التربوية, والأدب التربوي أكدا على ضرورة امتناع المعلم عن إعطاء الحصة عند عدم اكتمال عدد طلبة الصف بنسب متباينة تحكمها طبيعة المادة الدراسية, وشددت بعضها على أن لا يتجاوز ذلك عن 10 % من مجموع طلبة الصف, وهذا يعني أن خروج ثلاثة طلاب من صف فيه 30 طالباً من شأنه (تهديد) استراتيجيات التدريس واستراتيجيات التقويم التي خطط لها المعلم مسبقاً للحصة, وربما يستدعي ذلك بالضرورة استنفار الإدارة المدرسية, والاشراف التربوي في مديرية التربية والتعليم, وإذا ما انسحب ذلك على جميع شعب المدرسة في منطقة تعليمية بعينها فالمشكلة تغدوا أكثر تعقيداً وأثارة.
حديثي هنا عن الطلبة الذين يأتوا للمدرسة صباحاً ثم (يخرجوا) منها خلال الدوام المدرسي واثناء سير الحصص بطريقة أو بأخرى وهنا مكمن الخطورة, وليس عن الطلبة الغائبين عن المدرسة منذُ الصباح الباكر بعذر رسمي, حيث أن الإدارة المدرسية وأولياء الأمور على معرفة تامة بهؤلاء الطلبة الغائبين بأعذار رسمية, المشكلة تكمن عند الطلبة الذين يأتوا للمدرسة صباحاً ثم يخرجوا منها أثناء الدوام المدرسي وأثناء سير الحصص بطريقة أو بأخرى.
إن الزيارات الميدانية للمدارس كما تؤكد الدراسات التربوية ويؤدها الأدب التربوي ليس لها اية معانٍ تربوي, وليس لها أية فوائد تربوية على الإطلاق, أن لم تقف على ما يدور في الغرف الصفية وامتداداتها كالمختبرات مثلاً.. من حيث الوقوف على سير التدريس الفعلي والحقيقي فيها, والوقوف على جميع محركاتها, كون الغرف الصفية بيئة تعليمة آمنة ببعديها المادي والمعنوي.
الزيارات الميدانية للمدارس خارج إطار الغرف الصفية وما يصاحبها من التقاط الصور وقص الأشرطة وتوزيع الدروع وتوزيع الابتسامات والمجاملات اللحظية على اهميتها, لا تعني شيء ولا تساوي مثقال ذرة بالنسبة لتفاعل الطلبة داخل الغرف الصفية وامتداداتها كالمختبرات.. فتعلم الطلبة كيفية كتابة التاء المفتوحة والتاء المربوطة والفرق بينهما, وكيف يرسموا مثلث متساوي الساقين بأدوات الهندسة, وكيف يستخرجوا من قاموس لسان العرب معنى كلمة الأردن, وكيف يتحقق الطلبة من تجربة الجاذبية لنيوتن, أفضل بكثييييييير من التقاط الصور وقص الأشرطة وتوزيع الدروع وتوزيع الابتسامات ذات اليمين وذات اليسار والمجاملات اللحظية على اهميتها, مع أنها هامشية بالنسبة لقدرة الطلبة على التفريق بين مفهوم التشخيص من اجل المصلحة العامة ومفهوم التشهير في دروس التربية الوطنية.
علينا أن نهتم بالتعليم داخل الغرف الصفية وامتداداتها كالمختبرات مثلاً وما يقع على شاكلتها, وأن نحرص على حضور جميع الطلبة داخل الغرف الصفية وامتداداتها, كون هؤلاء الطلبة أمانة في اعناقنا كتربويين انخرطنا في هذا العمل المقدّس من أجلهم, فحرصنا على تواجد جميع الطلبة داخل الغرف الصفية وعدم خروجهم منها هو تحليل لما نتقاضاه من اجرة مالية أخر الشهر, وبالتالي نكون قد حققنا الأجر من رب العالمين.
هذه الأمور تتطلب التشخيص الحقيقي وضع اصابعنا على مكامن الخلل وتسمية الاشياء بأسمائها, دون مجاملة ودون مواربة, فالتشخيص هو الطريق الأفضل للمعالجة والتطوير والتحسين والتغيير التربوي المنشود, والتعميم للأسف الشديد هو أقصر أسلوب للتضليل والمخادعة والدهلزة وترحيل التحديات.
وبعد..
خروج الطلبة من المدرسة خلال الدوام المدرسي وأثناء سير الحصص بطريقة أو بأخرى.. خلل تربوي كبير, ويكشف دون أدنى شك ممارسات خاطئة في الادارة المدرسية, وانحراف واضح في بوصلة الزيارات الميدانية للمسؤولين, فضلاً عن انعدام انعقاد اجتماعات أولياء أمور والمجتمع المحلي للمدرسة للوقوف على (سجل خروج الطلبة) خلال الدوام المدرسي وأثناء سير الحصص من قبل أولياء أمور والمجتمع المحلي للمشاركة في وضع خطط علاجية لذلك, اليس كذلك يا معشر التربويين؟

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى