سواليف
انتشرت معلومات “طبية” كثيرة على صفحات وسائل التواصل الاجتماعي، وأصبحت بالنسبة للبعض مسلّمات يُقرّ ويلتزم بها، وهي في الحقيقية عبارة عن خرافات، لكن ما الذي يدفع الناس لتصديقها؟
يصدق الناس بعض هذه الخرافات كونها تتحدث عن مواد طبيعية. ومن وجهة نظرهم، فإن هذه المواد إن لم تفد فهي لا تضر، بحسب أستاذة علم الاجتماع في الجامعة الأردنية ميساء رواشدة.
وتقول رواشدة : “هناك فئة من الناس وصلت لمرحلة اليأس من الأدوية الكيميائية، ونتيجة لذلك، ولوجود مشاركات وتعليقات من متابعين آخرين، تساهم في تشجيعهم على اتباع بعض الوصفات، وتشعرهم بالأمان نحوها”.
وتابعت: “حينما يرى الشخص أناسا آخرين مقتنعين بالفكرة، تشجعه قناعتهم بالفكرة على استخدامها، وهنا نتحدث عن سيكولوجيا الجماهير والعقل الجماعي، الذي غالبا ما يحدث بفعل التفاعل الجماعي مع الأحداث من خلال وسيلة اتصالية”.
وأشارت إلى أن التعامل مع المعلومات بشكل عام، سواء طبية أو منوعة، يجب أن تخضع للشك والبحث والتمحيص، وألّا يأخذ الناس المعلومة كمسلمات صحيحة.
ونصحت الناس بأنهم حين يقرؤون أي معلومة طبية أو وصفات طبية، فعليهم استثارة طبيبهم، أو البحث عن فوائدها قبل اتباعها، والتواصل مع أشخاص على الشبكات الاجتماعية يكونون قد جربوا هذه الوصفات، وسؤالهم عنها.
من جهته، قال أخصائي الباطنية مالك الجمزاوي، في حديث لـ”عربي21″: “وسيلة نشر معلومات طبية على وسائل التواصل الاجتماعي تواجه تحديات كثيرة، أهمها صحتها ودقه محتواها”.
وأكد على ضرورة التأكد من أهلية مصدر هذه المعلومة، وهل هو على قدر كاف من العلم والاختصاص والكفاءة أم لا.
ونبه الجمزاوي إلى أن التطبيق الحرفي لبعض النصائح الطبية في مسألة ما، دون الإلمام بالجوانب الأخرى التي تحتويها سيرة المريض الطبية، قد يؤدي إلى سوء تطبيق هذه المعلومة، وبالتالي حدوث مضاعفات عكسية على المريض.
وأشار إلى أن الأنسب للشخص حين يقرأ معلومة طبية تتحدث عن مرضه، هو مراجعة الطبيب شخصيا، إذ لا يمكن أبدا الاستغناء عن الفحص المباشر والأسئلة الموجهة.
خرافات “قناعات” طبية مغلوطة
ومن الإشاعات المنتشرة، أن شرب الماء يزيد الكرش.
يقول الجمزاوي: “إن شرب الماء بكميات كبيرة قد يزيد حجم المعدة، لكنها عملية مؤقتة”.
وأوضح أن المعدة تعود إلى وضعها الطبيعي بعد دفع كميات الماء التي بداخلها باتجاه الأمعاء التي تعمل على امتصاصها.
وأضاف: “لكن إذا استمر الإنسان بالأكل والشرب بكميات كبيرة، مع شعوره بعدم الارتياح، فإن ذلك لا محالة سيؤدي إلى توسع المعدة، ومن ثم زيادة الوزن؛ لذا لا بد من وجود توازن بين كميات الطعام والشراب والحاجة التي يطلبها الجسم”.
أكل تفاحة يوميا يبعدك عن الطبيب
وقال أخصائي الباطنية: “ظهرت هذه المقولة عام 1866، أي قبل 150 سنة، وقام قسم الأبحاث في احد المجلات الطبية بعمل استبانة على ما يقارب 8000 شخص، وقارنوا بين من يأكلون التفاح يوميا، مع من لا يتناولونه”.
وتابع: “كان سؤال المشتركين في الاستبانة عن مراجعاتهم الطبية، ولو مرة واحدة في العام. فخلصت النتيجة إلى ما يلي:
أولا: لا يوجد علاقة واضحة أو مباشرة بين أكل التفاح يوميا والابتعاد عن زيارة الطبيب.
ثانيا: تبين أن من يتناول تفاحة يوميا هو أقل حاجة إلى استخدام الدواء ممن لا يتناولون التفاح بشكل يومي.
لذا؛ تم تعديل المقولة لتصبح “تناول تفاحة يوميا يبعدك عن الدواء”.
لا يمكن علاج السرطان في المنزل
انتشرت قناعة بين الناس أن من يصاب بالسرطان لا يمكنه العمل أو تلقي علاجه داخل المنزل.
قال الجمزاوي: “هناك أنواع مختلفة من السرطان، وفي مراحل معينة من العلاج، يمكن أخذ العلاج الكيماوي عن طريق الفم بصورة حبوب أو كبسولات، بالتالي يستطيع المريض استكمال العلاج وهو في منزله، مع زيارات دورية لطبيبه للمتابعة”.
وتابع: “على الصعيد الآخر، كثير من مرضى السرطان وممن هم في مراحل العلاج المختلفة، سواء الكيماوي الوريدي أو الإشعاعي، يمارسون حياتهم الطبيعية، ويعملون ضمن نطاق ما يسمح فيه طبيبهم المعالج، وفقا لحالتهم الصحية”.
وذكر أن الانخراط في المحيط الطبيعي، الذي كان يعشه المريض قبل مرضه، له أثر كبير في تعزيز الحالة النفسية ودعمها، والتي تعدّ من أهم العوامل المساعدة على الشفاء.
تناول أغذية تحتوي على فيتامين “C” يقلل فرص الإصابة بالأنفلونزا
قال مالك: “أجريت دراسات عدة على هذا الموضوع، ففي التسعينيات كان هناك اعتقاد قوي بأن تناول فيتامين “C” قبل الإصابة بالأنفلونزا أو أثناءها يقلل من الأعراض، ويزيد سرعة العلاج.
وتابع : “لكن حديثا، وتحديدا في عام 2010، تمت مراجعة الكثير من الدراسات، وتم التأكيد بأن فيتامين “C” لا يقي من الإصابة بالأنفلونزا، ولكن يمكن أن يساعد في تقليل الأعراض وفترة المرض.
وأشار إلى أن فائدة تناول أغذية تحتوي على فيتامين “C” تكون أفضل قبل الإصابة، وتنخفض هذه الفائدة بعدها.
وختم أخصائي الباطنية حديثه بإعادة تذكير الناس بضرورة التأكد من أي معلومة طبية قبل الأخذ بها، واستشارة أهل الاختصاص.